DELMON POST LOGO

بلقزيز في مركز الشيخ إبراهيم : تياران في العالم العربي الأول انكفائي يتمسك بالماضي يعتقد الحل في العودة له والثاني منفتح ثقافيا

 استضاف مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، المفكر والأكاديمي المغربي عبد الله بلقزيز، في محاضرة عنوانها " نحن والغرب: المعرفة والصور النمطية المتبادلة"، تحدث  من خلالها حول تاريخ التمثلات المتبادلة بين الشعوب والثقافات، وصناعة الصور النمطية وإعادة إنتاجها للذاكرة الجمعية، ومدى تأثيرها على المجتمعات، يأتي ذلك، في إطار الموسم الثقافي "من يؤمن بالمستحيل يربح معركة يراها الجميع خاسرة" مساء امس الاثنين .

وبدأ المفكر المغربي بالقول بان ما تولد عن التاريخ الحديث عن مجتمعاتنا صور نمطية رسخت في الثقافتين العربية والغربية يخلق إشكالية الذات والأخر ، والسؤال يتعلق باشكالية العلاقة مع الاخر، وقد قال هيغل: الأنا لا تعي نفسها الا في علاقتها بالاخر (ينبهنا لاختلافنا، ويوقظ شعورنا بأنانا).

وقال نحن لا نمتلك وعيا بدائيا الا بالاخر نختلف عنه بشكل ذات متميزة عنه ،  والأخر هو المهمازالذي يوقظ فينا الاناء ، فجماعة قومية مختلف عن الاخر قلما تنتبه الى نفسها بانها تختلف مع الاخر الا عند الاصطدام بالاخر .

وضرب مثلا : عرب يعيشون مندمجين في مجتمع غربي. لكن في لحظة يقع فيها الصدام، يتكون شعور بالاختلاف، ثقافيا ودينيا، فيصبح المجتمع الغربي هو "الآخر" ، والحقيقة بان  لكل أنا هناك آخر، هذه الاشكالية ملازمة لكل مجتمع وثقافة وزمن.

كل امة لديها نزعة التفوق واحتقار الآخر، وتزيد هذه النزعة كلما تمتعت حضارة ما بالقوة ، كل "أنا" تعتبر نفسها متجانسة متحدة باعتبارها جوهر واحد ،  لكن الحقيقة ان كل "أنا" هي الأخرى متعددة، لكنها رغم ذلك تعتقد ان الأنا الأخرى واخدة موحدة.

كذلك ، كل "أنا" تعتبر معرفتها للأنا الأخرى حقيقة لا جدال فيها ، لكن المعرفة التي يكونها كل فريق عن الآخر معرفة أيديولوجية ، فالعرب تعرفوا على الآخر الغربي كغاز، لكنهم لاحقا تعرفوا عليه في موطنه الغربي فوجدوا وجها متحضرا انسانيا ديمقراطيا.

معرفة الغرب للعرب واحد عن طريق الاستشراق والثاني معرفة تكونها المؤسسة السياسية عن طريق سفرائها وجيوشها وعساكرها .

كما ان  الاستشراق قسمين، واحد مسيس والآخر يدفعه الفضول العلمي للتعرف على الشعوب ، المدرسة التاريخية الالمانية تميزت بالقسم الثاني ، تبدأ بالقول ان اللغة مفتاح معرفة الحضارة.لذا فان   99% من تراثنا اكتشفه هؤلاء المستشرقين وحققوه وكتبوا عنه ثم وصلنا.

ومن هنا  تكونت معرفتين، واحد عندنا عنهم، والثاني معرفتهم عنا ، و عند فحص المعرفة التي تكونت عندنا نكتشف انها انتقائية، لذلك هي معرفة ايديولوجية.

وفي العالم العربي هناك  تياران عربيان : تيار انكفائي يتمسك بالماضي يعتقد الحل في العودة للماضي.

وتيار ثان يؤمن بـ "التثاقف" لا يتمسك بالمرجعية الثقافية لكن ينفتح على ثقافات الاخرين مستفيدا منهم. ، لكن هذا التيار الثاني ينقسم الى تيارين أيضا ، احدهما يقلد الغرب في كل شيء، هو حالية ثقافية غربية في مجتمعنا، يقدم الغرب في صورة وردية خالية من العيوب والتناقض.

والتيار الثاني هو تيار نقدي يأخذ من الغرب ما يفيدنا ،والخلاف بين التيارين يصبح خلاف صفري يؤدي الى حرب اهلية ثقافية تتحول الى حرب اهلية.

الغرب شيطان من جانب، وهو ايضا حضارة وعلم وتقدم. لكن كل طرف يريد ان يقدم صورة واحدة للغرب.

- ما هو العمل: الخروج من الوعي الايديولوجي للاشياء ، فالغرب لديهم نفس الصور النمطية عن العرب (ارهابي، متخلف، ذكوري، الخ) ، كما ان الغرب متعدد متناقض داخله، كذلك نحن متعددين ومتناقضين ، و لن تستطيع نقد الآخر قبل ان تبدأ بنقد الذات. ، عندما نقول ان الغرب شيطان فانك تجد المبرر لضرب الغرب ، نحن بحاجة الى رؤية تعتبر ان الاختلاف والتعدد من طبيعة الامور.

قديما قالوا ان الانسان فيه قوة عاقلة واخرى عصبية وثالثة شهوانية. في كل امة ملائكة وشياطين.

اليوم يتنكر الغرب السياسي لكل تراث الانوار، لكن هناك غرب آخر هو الغرب الثقافي، لا ينبغي ان نخلط بين هذين الغربين

- لدينا عيوبنا، مثلا الثقافة الذكورية، وهي سابقة على الاديان، عار علينا يجب ان نتخلص منها. وكذلك الاستبداد لا يمكن تبريره لانه من ثقافتنا.

يذكر أن عبد الله بلقزيز كاتب ومفكر مغربي، حاصل دكتوراه الدولة في الفلسفة من جامعة محمد الخامس بالرباط، وأستاذ الفلسفة الغربية والفكر الإسلامي، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الحسن الثاني، في الدار البيضاء المغربية.

يشار إلى أن “المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (الألكسو)، اختارت المفكر عبد الإله بلقزيز، "رمزاً للثقافة العربية لعام 2024".

نال على العديد من الجوائز منها جائزة المغرب للعام 2009، وجائزة السلطان قابوس للفكر والفن والآداب لسنة 2013، و جائزة المغرب للكتاب  2013. كان قد تولى منصب أمين عام المنتدى المغربي العربي سابقاً، إلى جانب مدير الدراسات في مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.

صدر له ما يزيد عن ستين كتاب في الفلسفة والعلوم الإنسانية، والدراسات الإسلامية، وما يزيد عن عشرة أعمال أدبية بين الرواية والنثر والشعر.