DELMON POST LOGO

الشوري أبل في ورشة حول رؤية البحرين 2050 : مصادر قوة المؤسسة الفصل بين مستوى قمة الهرم ومستوى التنفيذ الإداري  

نظمت جمعية تجمع الوحدة الوطنية   اليوم السبت  الماضي ورشة حول رؤية البحرين 2050 ، شارك فيها سبعة محاورين أساسيين قدموا  أوراق عمل متنوعة ، وقد قدم عضو مجلس الشورى عبد العزيز ابل   بمقر  – المركز الثقافي - فرع الجمعية بالرفاع الغربي ورقة عمل بعنوان " المؤسسات القوية " فيما يلي نص الورقة : اهداف التنمية المستدامة التي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تركز على سبعة عشر هدفاً رئيسيا للتنمية المستدامة ، وهي ما جرى التعارف عليها  مبدئيا ، برؤى 2030 , والتي تسعى دول متعددة  حالياً لتطوير انجازها ضمن ما يعرف برؤى 2050.

ومن بين الاهداف المذكورة ، الهدف رقم) 16( والذي يتعلق بتحقيق (السلام والعدل والمؤسسات القوية.) ويهتم هذا الهدف في الجزء  الأخير منه ، بتأسيس وقيام المؤسسات العامة او مؤسسات القطاع الخاص القوية ،ذات الصلة بالتنمية المستدامة ، لكي تكون متمكنةً ذاتيا ومستقلة مالياً واداريا بما يمكنها من الدفع باهداف التنمية وتحقيق ما يصبوا اليه المجتمع والدولة على حد سواء، وبما يعزز تقدم الدول واسهامها في  تحقيق السلام والعدل في العالم.

وينبغي التمييز ههنا بين ما يقصد  بالمؤسسات العامة  أو مؤسسات القطاع الخاص، فهو ليس السلطات العامة  للدولة . ذلك أن أهداف الألفية التي أقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة مرت بمراحل عديدة من الحوارات والملاحظات بما لا يمس سيادة الدول  أو يعتبر تدخلاً في شئونها الداخلية، مما كان من أثاره أن اتفق على أن يتركز  الجهد على تقريب مستويات التنمية الإقتصادية لجميع الدول الأعضاء ، من خلال تحديد الأهداف السبعة عشر الرئيسية  وعدد كبير من الأهداف الفرعية،  بهدف الوصول الى مستويات متقاربة في تحقيق الأهداف الإقتصادية ونتائجها الأجتماعية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة .

ويركز الهدف السادس عشر ، على الاهتمام بــــــ "المؤسسات" التي قرنها بتعبير " القوية ". ولذلك فان من البديهي  الإهتمام بتحليل مفهوم المؤسسة أولاً ، وتحديد مكامن القوة التي توخاها ، لمعرفة مقاصد و مضامين الهدف  السادس عشر ، الوارد ضمن مجموعة أهداف التنمية المستدامة.

ولكي يكون تحقيق الهدف السادس عشر ممكناً ، فلابد من تحديد مقومات ما يمكن أن يطلق عليه صفة المؤسسة وكيف لها أن تكون قوية ، حتى تستطيع فعلا أن تسهم في تحقيق التنمية المستدامة المرتبطة بالسلام والعدل الذي تسعى الأمم المتحدة لتحقيقه في العالم أجمع.  

تعريف المؤسسة

تُعرّف المؤسسة بأنها كل هيكل تنظيمي مستند على أسس واضحة متفق عليها ، وتكون لها أهداف مشتركة وغايات عامة ، وتتمتع بمستويات  متباينة للتوجية والإدارة التنفيذية ، وتكون مستقلة  أداريا وماليًا عن سواها من المؤسسات .  وبطبيعة الحال فإن أية مؤسسة لابد أن تخضع  لإطار قانوني واجتماعي متعارف عليه ، باعتبارها منظمة ذات  هيكل اجتماعي واقعي، ولها دور وعمل اقتصادي، وتتبع قواعد تأسيسها ، من أجل تحقيق نوع من الأعمال المفيدة للتنمية الأجتماعية .

ولكي تكون صفة  المؤسسة منطبقة فعلاً  على أي منظمة ، فلابد لها أن تلتزم بقواعد الحوكمة في ادارتها ، وتطبق لممارسات المثلي الى تعزز من فاعليتها وتزيد من شفافية عملها ، بحيث تستند في ممارساتها على اسس مهنية راسخة ، لتكون قرارتها مدروسة وملزمة ويمكن توضيحها من قبل المسئولين فيها بشفافية، مما يخلق الثقة بأنها تقوم بواجبها على أفضل ما يمكن.

والالتزام بقواعد الحوكمة بصرامة ، يعني أن المؤسسة محكومة باجراءات وقواعد مدونة تنظم كل قرار مالي أو أداري أو وظيفي، بوضوح وعدالة ، ويمكن الإحتكام اليها في حالة التباين في التقييم أو الإختلاف على  تحمل المسئولية ، وأنها لم تخضع للأهواء او التوجهات الفردية .

كما أن الحوكمة تبين التلازم بين مسئوليات التوجية العام ورسم السياسات من أعلى الهرم التنظيمي في المؤسسة ، و مسئوليات التنفيذ الفعال من قبل الادارات التنفيذية ذات الصلة. حيث تسمح قواعد الحوكمة بالمراجعة وتحديد المسئولية في حال وقوع الاخطاء التنفيذية أو التقصير في الأداء،. ومعرفة أسباب عدم  إتمام تنفيذ الاجراءات لتحقيق النتائج المتوخاة.

كل هذه الجوانب مهمة لعمل المؤسسة ، وهي من يمنح أي منظمة صفتها المؤسسية ، والتي تتعارض مع الفوضي التنظيمية التى بمكن أن تضيع الحدود الفاصلة ، بين مسئولية التوجية ورسم السياسات و مسئولية لتنفيذ الإداري المتعدد المستويات . فالحوكمة الصارمة لا تسمح بالتسيب أو ضياع المسئولية بين متخذي القرار في المؤسسة ، مما يمنحها حقاً وفعلاً صفة المؤسسة ، وهذا ما قصد اليه الهدف السادس عشر تحديداً .

 تعريف معنى "القوية"

وما هي جوانب القوة في المؤسسة .؟   ما هو معيار قوة أية مؤسسة

مما لا شك فيه أن المعيار الاساسي لقياس نجاح أية مؤسسة في تحقيق أهدافها هو الأداء الذي يمكن أن يتم قياسه بموشرات لا جدال حولها ،لأن الأداء يكون ملموساً أما مادياً أو معنوياً . وفي اطار الاهداف المتوخاة للتنمية المستدامة ، يكون الأداء الملموس هو تغير مستويات محددة اقتصادية واجتماعية وفقا لمعايير متوافق عليها محلياً أو عالمياً .

ومن المسلم به أن السعي لتحقيق اداء ملموس انما يعتمد على مبدأ اداري راسخ ، قوامه"التخصص وتقسيم العمل" .

وفي هذا الإطار فان المقصود بالتخصص ، هو ايلاء كل عمل مهني لمن هو متخصص فيه أو مختص به   وأول اسس التخصص هو الفصل بين التوجيه والادارة . فالتوجية ، له محددات وقدرات ، تتطلب توافر الرؤية البعيدة  للأهداف الاستراتيجية والحكمة في معالجة التحديات والمرونة في رسم السياسات . أما الأدارة فانها تتطلب القدرة على التنفيذ ومتابعة التفاصيل ومعالجة المشكلات وتذليل الصعوبات .

لذا فإن من مصادر قوة المؤسسة ،الفصل بين مستوى قمة الهرم ومستوى التنفيذ الإداري، وذلك لتنظيم آلية اتخاذ القرار وتحمل المسئولية عن الأداء ، وتحديد مواضع الخلل بشكل دقيق لا يحتمل التأويل او التهرب من التبعات .

وفيما يتعلق بتقسيم العمل ، فان المؤسسة لابد لها من أن يكون عملها موزعاً على ادارات محددة  المهام يكون كل منها مسئولاً عن جزء من العمل ، سواءً  أكان العمل تخطيطيا أم ادارياً أم أنتاجياً أم رقابياً. فالعمل التنفيذي يرتكز على وضع الاستراتيجيات و رسم الخطط وتوفير خطة طريق للسير في اتخاذ الاجراءات  والموافقات والتمويل وما اليه ، للوصول الى النتائج المرجوة ، وأعلان تحقيق الهدف.

المصدر الآخر لقوة المؤسسة يكمن في حسن أختيار العاملين  من ذوي  الصفات والقدرات المهنية والوظيفية الجلية ، والتمتع بالخبرة والاستقلالية في ادارة ما يتم تكليف الفرد به من عمل .  

فالحرص على اختيار من يتمتع بالقدرات المناسبة للمهمات المناسبة في المؤسسة، هو  أساس  الرغبة في الانجاز وتحقيق الغايات وصولاً للاداء المتميز.  وهذا التوجه يتجلى تحقيقاً لمبدأ " الرجل المناسب في المكان المناسب" . ذلك أن إختيار الأفراد بناء على اعتبارات شخصية أو تحبيذ لعلاقات اجتماعية أو تفضيل على اسس غير مهنية ، لا يسهم في تعزيز قوة المؤسسة أو تحقيق الأداء المنشود . فالاختيارات غير المهنية للافراد  ينجم عنها تعطل في الانجاز وارتفاع كلفة التنفيذ ، بسبب وقوع الاخطاء الناجم عن انخفاض الخبرة  المهنية أو غيبها ، أو التسيب في العمل لعدم الشعور بالمسئولية أو لعدم الخشية من المسألة .

الحرص على صورة وسمعة المؤسسة يعد مصدراً من مصادر قوتها أيضاً .

فالمؤسسة التي تضع لنفسها ضوابط حوكمة داخلية ملزمة ، من مثل مواثيق أخلاق العمل، وقواعد منع تضارب المصالح  في المعاملات التي تجريها ، أو خيانة الأمانة الوظيفية ، أو التستر على ممارسات الفساد الإداري أوالمالي ، ومكافحة الإثراء غير المشروع . كل ذلك يجعلها في وضع افضل من سواها ممن لا يمتلك مثل هذه الضوابط في الحياة الداخلية للمؤسسة .  

من جانب آخر فان توافر الضوابط المتوازنة للشئون المالية والادارية للعاملين في المؤسسة  فيما يتعلق بالجوانب المالية والتقييم والترقيات ، والتدريب  والتأهيل ، وشفافية تطبيقها ،  تعد مما يشيع سمعة حسنة للمؤسسة ، تعزز الثقة فيها مما  يمكنها ويرفع من قدرتها على تحقيق أهدافها المرجوة.

أن اختيار الجمعية العامة لهذا العدد الكبير من أهداف التنمية المستدامة، من رئيسية وفرعية ،  وتنوعها   انما ينطلق من تباين مستويات التنمية الأقتصادية بين اعضاء الامم المتحدة .

وما جاء في الهدف السادس عشر ، بالتركيز على المؤسسات القوية ، يؤكد ادراك أعضاء الجمعية العامة على أن مثل هذه المؤسسات،  وبالاخص ما يتعلق بأن تكون قوية ، انما هو مؤشر على وجود مؤسسات لا تتوافر فيها بعض من تلك المواصفات ذات العلاقة بالقوة . وأن غياب قوة المؤسسات يضيع الكثير من الموارد والجهود على التنمية المستدامة ، وهذا ما يؤدي الى خلق أوضاع غير مستقرة في بعض المناطق ، تهدد السلام والأمن الأقليمين ، وتخلق أوضاعاً  غير عادلة بحق سكان تلك البلدان ، ينجم عنها النزوح داخلياً أوالهجرة الى دول الجوار ، مما يفاغم اوضاع التنمية ويحيلها غير مستديمة .