DELMON POST LOGO

القواعد السبع في فهم القرآن الكريم 3-7

بقلم : الشيخ حميد المبارك

لقد صرح القرآن الكريم عن نفسه بأنه لسان عربي مبين (الشعراء ١٩٥)، وأنه قابل للتدبر دون اشتراط منزلة علمية خاصة (محمد ٢٤). لكن ذلك لا يعني أنه يُقرأ كما تُقرأ النصوص العامية، بل هو نص وحياني:

(١) جاء في قالب لغوي خاص يختلف جداً عن اللغة العربية التي نمارسها في حواراتنا العادية، ولا يمكن استيضاح تمام مراداته خارج بيئته اللغوية العربية الخاصة. (٢) وقد جاء في سبك بلاغي يتسم بالجزالة ودقة التعابير. (٣) ويعتمد في بيان مقاصده على سياقات يفسر بعضها بعضاً.

(4) كما إنه يشتمل على مضامين عميقة ومتسقة ضمن نظام اعتقادي وسلوكي متكامل. وبالتالي، لا مناص عن أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار لأجل فهم متوازن لمقاصد القرآن الكريم. وفيما يلي بعض القواعد المتصلة بذلك:

القاعدة الثالثة: ضرورة ملاحظة ما يحتف باللفظ من قرائن، وذلك لتأثيره في معرفة حدود المقصود بالمضمون. ومن ذلك ملاحظة الغايات والتسبيبات المستفادة من سياقات النص، "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ، ذلك أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ .." (الأحزاب ٥٩)، فإن السّياق واضح فيما هو المناط وهو تجنب الإيذاء. ومنه أيضاً ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .." (البقرة ٢٧٨-٢٧٩)، فإن الحكم بكون الرّبا حرباً مع الله ورسوله يتناسب مع الربا الاستهلاكي المنافي لأساسيات الأخلاق، والذي يستغل فيه الغنيُّ الفقيرَ المحتاج لضرورة المعيشة.

يتبع ..