بدأ الدكتور محمد حميد السلمان محاضرته بجمعية تاريخ وآثار البحرين والتي بعنوان " حقيقة الاحتلال البرتغالي للخليج العربي " مساء امس الأول بمقر الجمعية بعدد من الأسئلة التي مكان البحث والتمحيص وقبلها قال " يُقال بأن الفيلسوف الفرنسي فولتير، كتب ذات مرة "إن أردت أن تتحدث معي فحدد المصطلحات"
هل كان ذاك احتلال هُرمزي للخليج العربي استغله البرتغاليون؟
بذلك يمكن فهم مدى تأثير خسارة جزر البحرين على مملكة هُرمز عام 1602م إبّان السيطرة البرتغالية، فعندما سقطت البحرين، انهار الحائط الأول في الخليج للدفاع عن كيان تلك المملكة.
البرتغاليون بين السيطرة الاقتصادية والاحتلال
حدثت هناك عملية استيطان برتغالية بشكل دائم وزراعة السكر في جزر "ماديرا" و"الأزور"، فهل احتل البرتغاليون أجزاء متفرقة من الخليج العربي بقوة صغيرة كانت متمركزة في جزيرة هُرمز فقط؟
كان إسهام البرتغاليين في الشبكة الاقتصادية الضخمة في المحيط الهندي والخليج بعد غزوهم للمنطقة مطلع القرن 16؛ فقط عن طريق تحويل التجارة والسلع الشرقية مباشر إلى لشبونة عبر طريق محطات تجارية على طول سواحل المحيط الهندي. كما سيطروا على العديد من المداخل البحرية الاستراتيجية الدولية، مثل رأس الرجاء الصالح، وسقطرى عند مدخل البحر الأحمر، وجزر البحرين، وهُرمز في الخليج العربي، وكذلك "ملقا" عند مدخل بحر الصين الجنوبي.
حقيقة الاحتلال البرتغالي للخليج العربي-114 سنة
في فبراير عام 1515، عاد (البوكيرك) إلى الخليج لتسوية مسألة هُرمز. وبدلًا من التفكير في استراتيجيته الكبرى التي وضعها لتأسيس الإمبراطورية؛ تحول قلقه المباشر نحو الأوضاع المالية: إذ باتت الخزينة في عاصمة البرتغاليين بالهند، خاوية تقريبًا. ولدفع رواتب جنوده في الهند، فهو في حاجة ماسة إلى تلك الضريبة السنوية التي كان يدفعها ملك هُرمز للبرتغاليين. والهدف الثاني والأوسع، التأكد من أن هُرمز لم تقع في يد الدولة الصفوية، بسبب وجود الوزير حميد، الذي تولى إدارة هُرمز خلال فوضى النزاع العائلي بعد موت خواجة عطّار عام 1514. تم التفاوض على تسوية جديدة مع توران شاه الرابع- 1515-1522، خليفة أبا نادر، وبموجبها استولى البرتغاليون بشكل تام على هُرمز، ووضعوا حامية دائمة لهم في قلعة المدينة.
حقيقة الاحتلال البرتغالي لجزر البحرين طوال 82 عامًا
شكلت الانقسامات في العالم الإسلامي مطلع القرن 16، فائدة كبيرة جدًا للبرتغاليين. فاستغلوا العداء بين القوتين المسلمتين الرئيستين في الخليج من خلال انحيازهم مع هُرمز ضد الجبور. لذلك، تم إرسال قوات برتغالية إلى البحرين للمساعدة في استعادة سيطرة هُرمز على تلك الجزر عامي 1520-1521. كان هذا عنصرًا مهمًا في خطة البرتغاليين للسيطرة على البحرين والإطاحة بحكم العرب فيها، ومن ثم تعزيز سيطرتهم على منطقة جنوب غرب الخليج بشكل أكبر.
هل شكلت قلعة هُرمز بين أعوام 1515 – 1622م؛ رمزاً للاحتلال البرتغالي أم لوجوده العسكري فقط؟
صفة الوجود البرتغالي في الخليج العربي
بعد الاستيلاء على هُرمز، أنشأ البرتغاليون أسطولًا تحت مسمى أسطول المضيق العالي(Frota elevada dos Estreitos) تركز وجوده في هُرمز، لكنه كان لحماية الوجود البرتغالي في الخليج.
عندما وصل البرتغاليون إلى هُرمز؛ كانوا يدركون أن القوة الشرائية للعملة المستخدمة في هُرمز أعلى بكثير من عملتهم، وخاصة الأشرفي الذي كان منتشرًا بشكل مباشر في عالم المحيط الهندي التجاري، فاضُطر البرتغاليون إلى استخدام العملات المعدنية المحلية خلال تعاملاتهم التجارية المبكرة في الخليج والهند.
التواجد البرتغالي في هُرمز كان قصير الأجل، لأن سوء الانضباط، وهبوط الروح المعنوية في العسكرية البرتغالية؛ نسفت كل جهود (البوكيرك) التي خطط لها لاستمرار الوجود البرتغالي في المنطقة.
عندما وصل البرتغاليون، كانت ميزانية هُرمز حوالي 198,000 أشرفي ذهبي، معظمها من الضرائب على البضائع القادمة من البحر إلى الجزيرة، حتى وإن كانت من بر فارس، وشبه الجزيرة العربية، فهو يصل إلى هُرمز عن طريق البحر.
نظام الضرائب في هُرمز، تطور مع الزمن؛ مما جعل البرتغاليون يعتمدون عليه كنظام ضريبي متقدم عما لديهم.
السيطرة البرتغالية على عموم مناطق حواف المحيطين الهندي والهادي، وبحر العرب والخليج العربي؛ كانت رأسية أي عن طريق القلاع فقط وليست أفقية عن طريق التوسع البري بالجيوش الجرارة كما كانت الامبراطوريات والممالك الأخرى، حتى الهولنديون والإنجليز و الفرنسيون وغيرهم؛ اتبعوا الطريقة والسلوك العسكري ذاته تأسياً بالبرتغاليين.
الاحتلال العسكري يحتاج لقوات عسكرية مدربة بشكل دائم، ولم يكن البرتغاليون يملكون سفنًا كافية لنقل السلع التجارية في الخليج التي كانت تمر عبر ميناء هُرمز، كانت لديهم فقط 3 سفن من نوع (nau)، لنقل البضائع في الميناء؛ فكيف بالسفن العسكرية المعدة لهذا الغرض؟ البرتغاليون، جهزوا قلعة هُرمز بحوالي ستينَ مدفعًا لحماية الجزيرة والدفاع عنها طوال قرن من الزمان.
- تم التعامل مع التجارة في أي ميناء خضع للسيطرة البرتغالية على أنه احتكار لمصلحة التاج الملكي في البرتغال، أو لصالح من يرسلهم البلاط البرتغالي من مُرشحيه لتولي منصب نواب الملك في حكم الهند. وبناءًا عليه، فقد تم تخصيص عشرين في المئة، أو (quinto)، من العائدات كحصة للملك البرتغالي.
-امبرطورية البرتغال تمحورت حول نقطتين رئيسيتين: طريق (Carreira da Índia)، والذي وفر الرابط التجاري بين (Estado da Iandia) والبرتغال.
اتخذ البرتغاليون، من هُرمز، موقع القوة للسيطرة على طريق الشحن التجاري الإسلامي، وتقييد حركة المرور البحري إلى الهند. ونتيجة لهذا الوضع اضطر التجار من العراق وبلاد فارس إلى اللجوء إلى الطريق البري عبر "قندهار" في أفغانستان لإيصال بضائعهم إلى البحر المتوسط، وهذا الطريق كان بالكاد يصب جزء منه في مصلحة العائدات البرتغالية.
- لم تتمكن السلطات البرتغالية من إغلاق الخليج تمامًا في وجه التجار المسلمين. وكانت السيطرة على الضفة الغربية العربية من الخليج دائمًا أضعف من الضفة الشرقية، لأن البرتغاليين ورثوا نقاط الضعف السياسية القائمة في مملكة هُرمز نفسها قبل وصولهم.
- أي أسطول برتغالي تم إرساله إلى الخليج؛ كان يحتاج إلى محطة استراحة في المياه الدولية، فكانت مسقط هي المكان المثالي. وبحلول منتصف الثلاثينيات من القرن 16، كانت مسقط بمثابة قاعدة متقدمة وملائمة أكثر من هُرمز لمواجهة التهديد العثماني في البحر الأحمر.