بقلم : مهدي عبدالله
صدرت مؤخرا النسخة الإنجليزية من كتاب (من الحكم إلى القيادة في العالم العربي From Rulership to Leadership in the Arab World) لرجل الأعمال المعروف والخبير المصرفي والمحاسبي السيد خالد عبدالله جناحي الذي يروي فيه بأسلوب ممتع تجاربه الحياتية والعملية وذكرياته الشخصية ابتداء من طفولته حتى الآن. ويسرنا أن نقدم الفقرات التالية من الكتاب والتي تحكي شغفه بالسينما منذ طفولته.
كنت أحب الأفلام القصيرة الصامتة، ومع بلوغي الخامسة من العمر كنت قد شاهدت العديد من تلك الأفلام التي أبطالها (بستر كيتون و تشارلي تشابلن وهارولد لويد وبن توربين وبيلي ڤان ولوريل وهاردي). كانت الأفلام باللغة الإنجليزية التي يتم دبلجتها إلى العربية، وبدا طبيعياً بالنسبة لي أنّ الحارس الوحيد، زورو، ورعاة البقر والهنود كلهم كانوا يتكلمون بلغة أفهمها أنا، وبالطبع فإن الإشارات إلى المسيحية أو لحم الخنزير أو الكحول كانت تحذف من الدبلجة.
وكنت غالباً ما أشاهد التلفزيون مع عمي الذي أحترمه وأعجب به بصورة كبيرة بسبب روحه المتمردة، وعن طريقه بدأت أفهم أنّ الهنود في الأفلام الغربية كانوا بنفس الدرجة من البطولة كالآخرين وإنه لا أحد كان مواطناً من الدرجة الثانية بالنسبة لأي شخص آخر.
ومع بلوغي السابعة من العمر وتعودي بصورة جيدة على دور السينما، كنت قد أسست استقلالي الشخصي المتميز واعتمادي على نفسي. إن مشاهدة الأفلام في دور السينما القريبة جعلني أدرك المشاهد الكثيرة من الألم والمعاناة الإنسانية. وكانت أفلام (بوليوود) والأفلام الأمريكية وأفلام رعاة البقر الغربية وأفلام الدراما العربية قد وسّعت فهمي للحياة والتخيّل سامحة لي بأن أشهد الحياة بعيداً عن وطني الصغير.
كانت دور السينما في المنامة في العشرينات والثلاثينات تتجمع في منطقة صغيرة قريبة من البحر، بالضبط خلف السوق. وفي بداية الأربعينات افتتحت شركة نفط البحرين دار سينما لموظفيها إلا أنها أغلقت في عام 1991م. وفي الخمسينات والستينات تم افتتاح ثمان دور سينما جديدة في البحرين، ست منها كانت تقع قريبة إلى المكان الذي أسكن فيه، وهذه الدور هي سينما الحمراء، سينما النصر، سينما أوال، سينما الأهلي(الزياني)، سينما الزبارة وسينما البحرين. كان هذا الشيء ملائماً جدا لي كولد صغير حيث أن معظمها كانت تقع على شارع الزبارة أو محاذية له، وهو تجمع للأماكن السحرية التي نقلتني إلى العوالم الأخرى. وقد افتتحت سينما الحمراء في بداية السبعينات، وكانت ملاصقة لسينما النصر، وهي أول سينما مكيفة الهواء في البحرين، أما سينما أوال التي هُدمت ذات مرة وأعيد بنائها، فقد كانت السينما الرئيسية التي تعرض جميع أنواع الأفلام، وعلى بعد خمسمائة ياردة منها كانت سينما الزياني التي سميت على اسم عائلة الزياني، تعرض الأفلام العربية، كذلك أحببت سينما القصيبي التي كانت أبعد قليلا عن منزلي. ومنذ السبعينات فما فوق كنت في بعض الأحيان أشاهد فيلمين في اليوم الواحد وتكلفتها جميعا كانت تدفعها جدتي (أم والدي) التي كانت تزودني بالنقود لشراء التذاكر بصورة سرية.