يسرني اليوم أن أقدم مقالا مقتبساً باختصار من كتاب (من الحكم إلى القيادة في العالم العربي – From Rulership to Leadership in the Arab World) للسيد خالد عبدالله جناحي.
خلال سنتي الأخيرة في المدرسة الثانوية، أعلن مدرس اللغة الإنجليزية الاسكتلندي الجنسية يأسهُ من متابعتي وتخليه عني، فعقدنا اتفاقاً غير رسمي بيننا، وهو أنني أستطيع أن أفعل ما أرغب فيه خلال وقت الفصل بشرط ألا أحضر دروسه.
نجحت في امتحان اللغة الإنجليزية وحصلت على أقل درجة نجاح، وأشك بأن هيئة الامتحان قد عملت لي معروفاً بهذا الصدد. فقد كان من الصعب ترسيبي مع إحرازي علامات مرتفعة جداً في المواد الأخرى. ولأنني أبليت بلاءً حسناً في الامتحانات، أعطاني والدي هدية نقدية صغيرة وهنّأني بالنجاح.
بعدها تقدمنا إلى امتحان القبول في الجامعة الأمريكية في بيروت. رأيت أسئلة امتحان متعدد الإجابات وبطاقات مخرمة بالكمبيوتر لأول مرة. عندما أديت امتحان القبول الذي كان باللغة الإنجليزية، كان عليّ إجابة 200 سؤال خلال ثلاث ساعات فقط. أمضيت عشر دقائق لكي أخمن إجابة أول سؤالين. ثم اهتديت إلى طريقة أكثر فعالية أو كما بدت لي في ذلك الوقت.
حلّلتُ عدد الأجوبة المحتملة وقلبتُ عملة معدنية كانت موجودة في جيبي لرؤية إذا كانت ستظهر (شير أو خط) حينما تسقط على الأرض، وملأت الإجابات وفقا لذلك. وكانت يد القدر إلى جانبي، حيث أن كل حظي كان له معنى. ولتخمين الإجابات الصحيحة كان عليّ أن أخلق أنماطاً وأطبقها على اختيار إجاباتي. أكملت الاختبار على ذلك الأساس دون أن أتوقع أبداً أن أحرز علامة عالية لكي يتم قبولي في الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB) في لبنان.
بعد ثلاثة أيام على استلام نتائج الاختبار تلقيت مكالمة لمقابلة مدير البعثات بوزارة التربية والتعليم في البحرين. كان الرجل صديقاً للعائلة، وهنأني على اجتيازي امتحان القبول. اعتقدت أنه كان يمزح لكنّه أصر قائلاً إنني أحرزت واحدة من أعلى العلامات. استغرق ذلك مني أسابيع قليلة فقط قبل أن أكتشف أن أدائي الممتاز على نحو مدهش كان محض صدفة مجردة حينما سافرت بالفعل إلى بيروت.
بعد عدة أيام تم استدعاء الطلبة الأوائل من البحرين وعددهم حوالي 15 طالباً إلى مكتب وزير التربية. تجمعنا في مكتبه حيث هنأنا على حصولنا على البعثات الدراسية في أفضل جامعة في المنطقة.
في ذلك الوقت كانت لا توجد أية جامعة في البحرين، لذلك كان علينا أن نسافر خارج البلاد من أجل الدراسة الأعلى والتي كانت مدفوعة التكاليف من قبل وزارة التربية والتعليم.
تمنى الوزير لنا التوفيق في دراستنا ثم حذرنا قائلا: "تذكروا، أنتم ذاهبون هناك للدراسة وسوف تتعرضون إلى أفكار وتأثيرات عديدة مما قد تمنعكم من الدراسة وتدفعكم إلى التفكير خارج الصندوق، لذلك فكروا فقط في دراستكم".