DELMON POST LOGO

أضواء على الحراك الحسيني في المنامة عام 1444، ما بعد جائحة كورونا-2

عودة المحاضرات الحُسينية باللغة الإنجليزية بحسينية الحاج عباس وهي مفتوحة للجنسين لكل الأديان من الجاليات الأجنبية

بقلم : د. محمد حميد السلمان

بداية، كل الشكر والتقدير لجميع من تجاوب مع الحلقة الأولى من هذا الرصد التوثيقي للحراك الحُسيني في المنامة فقط. ولكل الردود التي وصلتنا من الأعزة القراء والمتابعين على تباين طبيعتها ومادتها، وعذراً لعدم تمكننا من نشر كل الردود والمداخالات لضيق المساحة، ولأن ذلك ليس من طبيعة هذا الرصد الإعلامي.
أما الملاحظة الخامسة لهذا الرصد فتقول: بأن المنامة، بالرغم من كل ما جرى لها ولبنيتها السكانية والمجتمعية؛ مازالت ترمومتر الحراك الحسيني، ولكن هذا لا يُغمض حق بقية المدن والمناطق الأخرى التي كانت تجاري المنامة في أحيان كثيرة ضمن سياق الحراك الحُسيني مثل: المحرق، والسنابس، والديه، بين يوم العاشر والحادي عشر من محرم، وعالي في يوم 12، ومدينة عيسى في العزاء المركزي المشترك في يوم التاسع من محرم، ومناطق أخرى لا يتسع المجال لتعدادها وننتظر من الأخوة الذين هم أعلم بها في مناطقهم أن يشاركونا بمثل هذا الرصد الذي يُفيد الباحثين وكل من يتوق لمعلومات موثقة عن الحراك الحسيني البحريني بشكل عام.
عموماً، التواجد في المنامة بحد ذاته في أي موسم من مواسم عاشوراء الإمام الحسين (ع) في محرم؛ يُعدُّ مكسباً ومغنماً كبيرين، وأنا من عشاق هذا التواجد بالرغم من طبيعة طقس هذا العام. فمنذ حوالى 30 عاماً لم يتوافق شهر محرم مع شهر أغسطس تماماً. ومع ذلك حتى بعض الأخوة العرب من الخليج من الطائفتين، حرصوا على التواجد في محرم المنامة هذا العام ضمن السياق المعتاد.
الملاحظة السادسة، وتحت الشعار السابق ذاته، الحسين (ع) يوحدنا، وضمن البحث عن سُبل التعايش المشترك في المنامة على أصول علمية وليس عاطفية كما هو الحال عادة؛ فقد برز من جديد أجمل ما زيّن حراك محرم هذا العام في المنامة بعد عودته، وإن كانت كما ذكرنا تقليدية؛ عودة المحاضرات الحُسينية باللغة الإنجليزية. ونضرب مثلاً واحداً على من تبناها هذا الموسم من كبار حسينيات المنامة القديمة، وهي حسينية الحاج عباس، أو مأتم الحاج عباس كما جرت تسميته، ويؤدي الخطابة بها الشيخ محمد عاشور الصددي في المدة ما بين  7-13 محرم (6-12 أغسطس)، لمدة 45 دقيقية كل ليلة، وهي مفتوحة للجنسين لكل الأديان من الجاليات الأجنبية. وضمن هذا السياق، فقد تكاثرت الجالية الآسيوية والأفريقية هذا العام بشكل فاق أعداد البحرينيين، ولا أحد يعلم بما في فكرها ومدى اقتناعها، حول المضائف المرخصة ومواقع تقديم أنواع الشاي والمشروبات الباردة، التي قامت بدور لافت في الحراك الحسينيى المنامي بالرغم من الأجواء الساخنة جداً مناخياً. ولا أعلم إن كانت هذه الجالية قد زارت المرسم الُحسيني المعتاد إقامته كل عام بقرب مأتم العجم.
كما استمرت مواكب العزاء بفعالية بعد جائحة الكورونا مع دخول محرم في شهر اغسطس، ومازالت تسلك في مروروها الطريق القديم ذاته، بين حسينيات: بن رجب، العريض، البدع، الحاج عباس، مديفع، وأهل البيت حديثاً، العجم، زبر، مدن، القصاب، خلف البقالي, بخلاف بعض مأتم النساء في هذا الطريق الطويل، ما عدا حسينية ولد آمان (الكرخانة) التي كانت تطوف بها المواكب سابقاً.
وما زالت مواكب الزنجيل المشهورة تصدح بسلاسلها وأصوات طبولها، بين الحاج عباس والعجم وبن سلوم ورأس رمان، وغيرها كثير؛ لذا وجب توجيه رسالة شكر خاصة لكل الشبيبة والأباء الذين شاركوا بفعالية وحضور نوعي في رفد هذا الجزء الحيوي من حراك المنامة الحٌسيني وتجشمهم عناء حرارة الطقس.
كم نلفت النظر للطواقم الاعلامية التي عملت ليل ونهار من أجل التغطيات الحية لفعاليات الحراك الحُسيني في العاصمة. وبسبب حرارة الطقس وصعوبة المشي بين الأزقة للوصول الى الحسينيات، وإن كانت قريبة،  فقد ساعدت هذه التغطيات الحية؛ كبار السن والنساء على سهولة متابعة المحاضرات وفعاليات العزاء حتى المضايف، على الهواء مباشرة.
الملاحظة السابعة والأخيرة، ليس الهدف من هذه التغطية الاعلامية السريعة لأهم، وليس كل، فعاليات وظواهر  حراك عاشوراء الإمام  الحُسين (ع)، في العاصمة المنامة لعام 1444هـ؛ هو النقد والتحليل لأي ظاهرة مما ذكرنا، فهذا نتركه لمقام آخر، ولربما هناك باحثين ومطلعين ومهتمين بالحراك الحسيني وتراثه عبر الأجيال؛ قادرون على فعل ذلك. إلا أننا في الوقت ذاته؛ لا نريد أن نكرر حكاية جحا مع الحمار وولده، فإرضاء كل الناس وأذواق القراء والمتابعين كافة؛ ضربٌ من المستحيل، ألم يُقل جحا في حكايته تلك: "إرضاء الناس غاية لا تُدرك"؟! والسلام..
مستمعون داخل المأتم
الخطيب في الحسينية
الشبيهات في المنامة
لوحة فنية تعبيرية عن صلاة الامام الحسين يوم عاشوراء