بقلم محمد حسن العرادي
في بداية كل عام اعتاد الناس على تدوين أمنياتهم وتطلعاتهم للعام الجديد، ورغم أن الأمنيات غالباً ما ارتبطت ببدايات العام الميلادي الجديد، إلا أنني أجد نفسي تواقاً لتسجيل هذه الأمنيات على أعتاب العام 1444 هجرية، رغم أن أول أيامه حزن سرمدي لا ينتهي على مصاب سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
في بداية هذا العام أود أن أعبر عن أمنيات كثير من المواطنين الذين ولدوا ونشأوا في هذه البلاد، أحبوها وأخلصوا لها ومنحوها الولاء المطلق هم وأبنائهم وبناتهم، أجيال تعاقبت وتربت على هذا الحب الذي ورثته عن الآباء والأجداد على مر الدهور والأيام، لذلك فإني إتوجه بهذه الأمنيات لصاحب القلب الكبير ومن بيده القرار الأول والأخير في هذه البلاد التي نعشقها ونتشرف بالانتماء لها والدفاع عن حياضها بالنفس والمال والولد.
جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه كل عام وأنتم بخير، ترفلون في أثواب العزة والمجد والسؤدد، وتتمتعون بموفور الصحة والعافية، ترفرف عليكم راية البحرين الخفاقة بالعز والأمن والأمان.
جلالة الملك المعظم،،،
تمضي السنون وتتعاقب الأعوام ونحن نحلم بتحقق أمنياتنا وتطلعاتنا بصبر وصمت وإنتظار، وها أنا اليوم أضع بين يديك الكريمتين بعض الأمنيات التي نتطلع إليها نحن أبناء مملكة البحرين، في بداية هذا العام الهجري الذي نأمل أن يكون سعيداً على مليكنا وبلادنا وشعبنا، إننا نتطلع إلى حدوث إنفراجة تُعيد الأمل والفرح إلى القلوب المكلومة بفقدان أعزائها خلف القضبان، أو بعيداً عنها في المنافي والبلدان، تقتلهم الوحشة والغربة ويشدهم الحنين الى دفئ أحضان الوطن والأهل والاحباب، وهم ونحن نتطلع اليكم وننتظر منكم قراراً يشفي غليل قلوبنا ويفرحنا قبل ان يقتلنا اليأس وياخذنا النسيان، بعد أن عانينا ألم الانتظار منذ أكثر من عشرة أعوام مضت بحلوها ومرها ولا يزال الأمل يحدونا ويدغدغ أحلامنا.
جلالة الملك المعظم،،،
إن هذا الوطن الذي يحظى بحكمكم وقيادتكم الرشيدة يحتاج إلى نظرة رأفة وقرارات رحمة وإجراءات عفو تُبلسم الجُراحات وتُجبر القلوب الكسيرة، خاصة ونحن على أعتاب العام الهجري الجديد، نحتاج إلى صدور عفوٍ عامٍ من جلالتكم الكريم، وأنتم الذين دشنتم بداية عهدكم العامر بالانفتاح ووسمتموه بالإصلاح، فكان أن احتضن الوطن أبناءه وعاد من الشتات كثيرون وانتشرت أعلام وعلامات الفرح والزينة فوق كل البيوت، ورقصت القلوب على أنغام الأناشيد الوطنية التي تغنت بالولاء لكم وبحبكم وحب البلاد.
جلالة الملك المعظم،،،
هذا الوطن يحتاج إلى مبادرة جريئة وأنتم أهل الجُرأة والحكمة والرأي السديد، مُبادرة شُجاعة نعرف أنكم قادرون على إتخاذها، لأنكم أهل الشجاعة والإقدام، تُسقطون من خلالها أحكام الإعدام، وتبيضون بها السجون ليعود الوئام، وتُشرعون فيها أحضان الوطن ليعم الأمل والسلام بعودة المغتربين والمبعدين والمسقطة جنسياتهم إلى الوطن فتزهر المحبة وتزدهر الحياة وتنتهي المعاناة والإنقسام.
جلالة الملك المعظم،،،
سنوات السجن طويلة، وأيام الغربة ثقيلة، والشعور بعدم الأمان والاغتراب والحرمان من الهوية تجعل الحياة مكبلة وذليلة، وأنت الملك المعظم الذي يستطيع أن يأمر فيطاع، ويُشير بإصبعه فيُجير كل هؤلاء المحرومين مما أصابهم من هم وغم، ويُعيد لهم ولأهاليهم الإبتسامة التي فقدوها والحضن الدافئ الذي يحنون إليه منذ أكثر من عقدٍ من الزمان.
جلالة الملك المعظم،،،
أنت تعلم بأن البحرينيون جميعاً كانوا ضحايا لأحداث 14 فبراير 2011 ، تلك الجائحة التي عصفت بالبلاد والعباد، وادخلت الجميع في دوامة لم تنتهي، من تظاهروا ومن إنكفئوا، من رفعوا صوتهم اعتراضاً ومن لاذوا بالصمت خوفاً وترقباً، جميعهم دفعوا أثماناً باهضة، فقد كانت موجات الجائحة عالية جداً اصابت الجميع في مقتل، وكادت أن تطيح بالأمن والأمان أيضاً، لكن الوطن قد تعافى وتماسك، وإجتاز المحنة وهزم الجائحة التي أطاحت ببلدان وشعوب اخرى، وتعلم الشعب الدرس وانتبه ووعى، وقد آن لهذا الدرس أن يُترجم رحمة ورأفة وصبراً، وصدراً رحباً حانياً يحتضن الجميع، يهدهد عليهم بالسكينة والطمأنينة والعفو والتسامح، فيعم الفرح من جديد في ظل قيادتنا الحكيمة وتحت راية البحرين الخفاقة عالياً أبداً.
جلالة الملك المعظم،،،
أكثر من عشر سنوات من الصبر والأنتظار مرت بكل ما فيها وما عليها، لكن الأمهات لا تزال قلوبهن تنبض بالأمل، وتحن لرؤية فلذات أكبادهم وهم يدخلون عليهم الدار بعد غيابٍ طويل، والزوجات ينتظرن أزواجهن ليمسحوا عنهن ألم الوحدة وليالي العزلة والوحشة والقلق، والأبناء يحنون للمسة الأبٍ التي لم يسمعوا صوته منذ سنين، كل هذا الأنين والإشتياق والحنين يمكن أن يتحول إلى لحظة فرحٍ غامرٍ على بوابة السنة الهجرية الجديدة، ومن غيركم يستطيع تحقيق هذي الأمنيات.
جلالة الملك المعظم،،،
كل البلاد التي مرت عليها جائحة 2011 حول العالم العربي في طريقها للتعافي، ونحن أهل هذا البلد المعطاء، الذين نجحنا في أن نُقدم للعالم مثالاً رائداً متميزاً وفريداً من نوعه في التعاطي مع جائحة كورونا التي إجتاحت العالم ونهزمها بكل اقتدار وفخر، بفضل فريق البحرين الذي قاده بحنكة وبصيرة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله ورعاه مسجلاً بذلك سبقاً عالمياً لبلدنا الصغير بحجمه الكبير بتطلعاته وقيادته، نطمح ونتطلع لتحقيق نجاح أخر .
نجاح تحقق فيه بلادنا الهزيمة على جائحة أخرى لا تقل خطورة عن جائحة كوفيد 2019، نتغلب من خلال بصيرتكم وحنكتكم وعفوكم وتسامحكم على جائحة 2011 التي كادت أن تلقينا في الفتنة المقيتة، فنجتازها كما تغلبنا على جائحة كورونا وأنت قائدنا وربان سفينتنا القادر على قيادتنا نحو تحقيق ذلك، فإليكم تشخص أبصارنا جميعاً، والى حكمتكم تنصت أسماعنا لسماع صوت العفو العامٍ الذي سيثلج صُدورنا ويفرح قُلوبنا ويحقق أمنياتنا على بوابة السنة الهجرية الجديدة ويبقيك تاجاً على الرؤوس.
جلالة الملك المعظم،،،
إننا شعبٌ يعشقُ الحياة ويُقدرها، تعلمنا أن نكون متماسكون ومتحابون في السراء والضراء، هكذا خبرتنا وعهدتنا،
وفي هذه الذكرى العطرة لهجرة رسول المحبة والسلام والإنسانية الذي أرسله الله رحمة للعالمين، نتوق لأن نرى تجليات هذه الرحمة تنزل علينا برداً وسلاماً وامناً وأماناً وحقيقة مفرحة، فتحي في قلوبنا الأمل وتُعيد إلى نفوسنا الإبتسامة والسعادة والفرح والفخر بالإنتماء لهذا الوطن المعطاء في ظل قيادتكم الكريمة الرحيمة.
جلالة الملك المعظم،،،
إنها أمنيات كبيرة يحلم بها الكثير من ابناء شعبنا، لكنها امنيات مشروعة وتطلعات وجيهة ينتظرها شعب البحرين بفارغ الصبر والشغف، وأنتم أهل لها وكفؤ لها بجدارة وإستحقاق لايضاهيكم فيها حاكم ولم يسبقكم إليها مليك، فلقد سبق أن أسستم لعهدٍ مشرقٍ وإصلاحات كبيرة، واتخذتم قرارات جريئة ومقدامة حين الغيتم قانون ومحكمة أمن الدولة وأمرتم بإخلاء السجون من نزلائها، وفتحتم باب العودة ولم الشمل للجميع، فما أحوجنا ونحن في بداية العام الهجري الجديد أن نستعيد ذكرى تلك الأيام الجميلة، ونجسد الملحمة الوطنية الرائعة التي قمتم بصناعتها وقيادتها بحنكة واقتدار وأخرجتم بها البلاد من عثراتها بشجاعة ليست غريبة عليكم، بعد أن عانت البلاد سنوات من الفوضى في تسعينات القرن الماضي.
وها هي مملكة البحرين في ظل قيادتكم الرشيدة تنعم بالأمن والسلام والإستقرار والسكينة، فما أحوجنا إلى أن تعم أجواء هذا السلام والفرح على الجميع، وتصل إلى العالم أجمع رسالة السلام والتعايش المبدئية التي أكدتم عليها في جميع المحافل الدولية، بأن مملكة البحرين مجبولة على التسامح مستمرة في هزيمة الجوائح ونشر المحبة والوفاء والعفو، منها انطلق وبها يعود السلام والوئام تحت ظل قيادة جلالتكم حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير والتوفيق خطاكم، والله من وراء القصد.