بقلم : د. نبيل تمام
الخلود في اللغة هو الفترة الزمنية الطويلة وتكون أبدية، وتعرف ويكيبيديا الخلود بالدلالة على الأبدية في الشكل الروحاني أو الفيزيائي، و الخلودية هي فلسفة القدرة للوصول إلى إنسان خالد لا يموت بالطرق العلمية، ولكن ترفض الأديان فكرة الخلود انطلاقًا من مبدأ أن الله عز وجل هو الخالد الوحيد.
فكرة الخلود جاءت منذ قدم الزمان سواء في الاديان القديمة او في الحضارات القديمة نتناول بإيجاز بعضها ونبدأ من الحضارة السومرية في بلاد وادي الرافدين التي جاءت في الملحمة الأدبية الرائعة ملحمة جلجامش حيث ذهب بحثًا عن عشبة الخلود في اعماق بحار أرض دلمون "البحرين حاليًا" ليحصل عليها ولكن تتناولها الافعى في لحظات غفو جلجامش ومن هنا أطلق العرب اسم "حيّة" على الافعى، وعند رجوع جلجامش بدون عشبة الخلود لمدينته أوروك تأمل سورها الرائع وهناك توصل إلى نتيجة حتمية مفادها أن الخلود بالأعمال وليس بالأعوام.
فكرة الخلود عند المصريين القدماء انطلقت من مبدأ أن البعث والخلود عقيدة ولذا برعوا في فن التحنيط والتزموا دائمًا بدفن الميت وبجانبه مقتنياته، ولكن فكرة الخلود عند الصينيين القدماء جاءت في الأدب الطائي القديم، تبلورت حول اكسير الحياة او الخلود وهو مشروب نترات البوتاسيوم ليمنحهم الحياة الأبدية، ويدل على ذلك اكتشاف علماء الآثار على هذا المشروب في قدر برونزي مخفيًا في مقبرة عمرها الفين عام.
فكرة الخلود عند اليونانيين القدماء في الاساطير الاغريقية القديمة كان يتمثل في طعام او شراب الآلهة ويسمى الأمبروسيا ليعطي الديمومة في الحياة والخلود، ونرى بعد ذلك طرح افلاطون الفلسفي في نظرية المثل حيث يرى أن وجود النفس "الروح" هي الأبدية والجسد هو الزائل.
الامام الحسين لم يفكر بتاتًا في فكرة الخلود ولم يخرج ليبحث عن عشبة الخلود او اكسير الخلود، ولكنه كان بشرًا من سلالة الرسول خرج من مبدأ الثورة الاصلاحية ضد الظلم والطغيان بهدف نشر مبادئ الكرامة الانسانية ومن أجل العدالة الحقة، وهو يعلم انه سيقدم الدم والجسد مقابل السيف.
لن نتطرق لأسباب خلود اسم الحسين وثورته ونهضته الحسينية لأن الجميع يعرف تفاصيلها، ولكن ما نراه بأم أعيننا وعلى مدى الاف السنين، من احياء لذكرى ملحمة الطف ومن المسيرات البشرية المليونية او قد تفوق الى كربلاء مرقد الامام الحسين في ذكرى أربعينيته، ومن حب وعشق للحسين وما سطره من مرؤه ووفاء وبطولة وتضحية وصبر شمل شخصيته وشخوص من رافقه من طفل رضيع وبنات صغار ونساء وشباب في عمر الزهور وكهول، لهو سر من أسرار خلود الامام الحسين وثورته.
سلام عليك يا حسين، ومأجورين جميعًا.