بقلم : د. نبيل تمام
منذ قرابة الخمسين عامًا مرت وگانها بالأمس القريب، تلمع في الذاكرة كل عام، ذكرى الملحمة البطولية الثورية لتضحيات الامام الحسين وأهله ورفاقه واصحابه، حيث نسترجع ذكريات الطفولة وقتها في مثل هذا الموسم.
يبدأ العمل كخلية نحل قبل انطلاق هلال المحرم بتنظيف السجاد وتركيب السواد والرايات في مأتم بن نوح المقابل لبيوت عائلة تمام.
كانت البلدية تفرش الأرض بالرمل الأحمر الداكن في الفريق، ويتغير نمط الحياة لنا كأطفال لم نصل لمرحلة البلوغ، حيث نعمل بلا هوادة لاستكمال الاستعداد للإحتفاء وذكرى ملحمة آل بيت رسول الله، الملحمة ما بين الخير والحق والعدالة من جانب وبين الشر والظلم والطغيان من الجانب الآخر.
عادة في مثل هذا اليوم السادس من المحرم يكون هناك طفرة في ما يخص الطباخ الجماعي، حيث تكون طبخة المموش الاسمر بالربيان هو المسيطر منذ تركيب السواد في المأتم والفريق، الى أن يحل علينا مثل هذا اليوم السادس من المحرم ليلة السابع المخصصة لتفاصيل ملحمة ابي الفضل العباس.
ومنذ الصباح الباكر يصل العجل الضخم جدًا ويكون في حظيرة صغيرة لصيقة لمأتم بن نوح، وننتظر تلك اللحظات بفارغ الصبر حتى يتم الاجهاز عليه، ليتحول الرز باللحم هو الطبخة المسيطرة الى يوم العاشر من المحرم.
نستلهم الدروس والعبر، ومنها العمل الجماعي التطبيقي وكأننا في ورشة عمل عملية تطبيقية، تسير بشكل تراتبي عفوي، يتم وقتها مصالحة من تكون بينهما اي خصام او نزاع طفولي، الدروس والعبر من الاستماع للخطيب، خدمة المعزين في توزيع الشراب والأكل، حمل الرايات والسماعات في مسيرات العزاء، حيث وقتها كانت الحلقات منفصلة وتوجد حلقة متكاملة لكل مأتم من جميع مأتم النعيم، برادودها وسماعاتها وألياتها وراياتها.
لاحقًا تحولت الظاهرة تلك إلى موكب العزاء المركزي وخيرًا فعلت إدارات المأتم أنذاك وما زال، ماعدا موكب جناح الامام الحسين حيث ينطلق من مأتم بن نوح ونتذكر المرحوم العم محمد تمام "أبو تمام" و المرحوم حميد نوح في قيادة ذلك الموكب.
ذكريات جميلة، لا تنسى مهما مر الزمان، فسلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أهل الحسين وعلى أصحاب الحسين.