بقلم : عبد النبي الشعلة
في هذا الشهر؛ مارس / آذار، وقبل ثلاثة أيام احتفلنا بحلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا جميعًا وعلى وطننا الحبيب أرضًا وقيادة وشعبًا باليمن والخير والبركات.
وبالأمس احتفلنا بـ “يوم الشباب البحريني” لنجدد فيه الفخر والاعتزاز والأمل بشبابنا، ونؤكد فيه ثقتنا في قدراتهم وإمكانياتهم، مهتدين في ذلك برؤية صاحب الجلالة مليكنا المعظم الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، الذي جعل من بين أهم أولوياته تقدير جهود الشباب وطموحاتهم، والارتقاء بمهاراتهم وإمكاناتهم وأدائهم، والإعلاء من شأن دورهم ومكانتهم في المجتمع، ولاستنهاض وتحفيز الشباب، فقد أطلق جلالته “جائزة الملك حمد لتمكين الشباب من تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وقد تولى ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله ترجمة رؤية جلالة الملك بكل إخلاص واقتدار، فأصبح الشباب البحريني يلقى العناية والاهتمام اللائقين ويتصدر برامج الحكومة الهادفة إلى تمكينه وإعداده وإدماجه في جهود التنمية التي تشهدها البلاد، وقد تبنت الحكومة بتوجيه من سموه سلة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تحقيق ذلك منها؛ البرنامج الوطني “لامع”، و”مدينة شباب 2030”، و”بادر” للمبادرات الشبابية، وبرنامج “مساري” وغيرها من البرامج والمبادرات التي تعمل على تمكين الشباب وضمان مشاركتهم ومساهمتهم في جهود التنمية التي تشهدها البلاد. ولضمان تنفيذ جميع هذه المبادرات والبرامج تضمنت التشكيلة الوزارية الأخيرة ولأول مرة وزيرًا متفرغًا ومختصًا بشؤون الشباب.
كما يأتي سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في مقدمة الساعين لتحقيق رؤية جلالة الملك وليكون المثل والقدوة لما يمكن لشباب البحرين تحقيقة من إنجازات ليس على النطاق المحلي فقط بل على المستوى العالمي، وقد بادر سموه بإطلاق “جائزة ناصر بن حمد العالمية للإبداع الشبابي”.
وفي الثامن من هذا الشهر أيضًا شاركنا العالم في الاحتفال بـ “اليوم العالمي للمرأة”، والاحتفاء بما حققته المرأة البحرينية من إنجازات ومكتسبات على طريق ضمان مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات وتمكنها بجدارة من استكمال منظومة حقوقها بما في ذلك حقوقها السياسية.
ويزخر شهر مارس بالكثير من الأعياد والمناسبات الحلوة والأيام الجميلة منها عيد الربيع وعيد الأم، كما يُحتفل في يوم 21 من هذا الشهر بـ “اليوم العالمي للشعر” و”يوم الشعر العربي” اللذين يفرضان علينا جميعًا أن نقف وقفة إكبار وتقدير لشعراء الوطن، شعراء البحرين المبدعين؛ من الجيل الحاضر والأجيال الماضية، من الأحياء وممن اختارهم الله إلى جواره، شعراء الشعر المقفى والشعر الحر والشعر النبطي، الذين ساهموا وما زالوا يساهمون في إثراء ثقافتنا وتراثنا بقوة الكلمة المكتوبة بأسلوب رائع مفعم بالمشاعر والأحاسيس والأوزان والألحان التي تنقلنا إلى فضاءات الخيال والجمال والإبداع.
وعندما اعتمدت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وحددت يومًا للاحتفال والاحتفاء بالشعر على مستوى العالم برمته، إنما أكدت بذلك وعلى لسان المجتمع الدولي أهمية الشعر باعتباره فنًا من فنون التعبير، وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية للشعوب، ورمزًا لإبداع العقل البشري الذي يساهم في تعميق إنسانيتنا المشتركة، وهو الأداة التي مكنت الملايين المبدعة من البشر عبر تاريخ البشرية من التعبير عن أفكارهم وآرائهم وخواطرهم وآمالهم وآلامهم.
وقد حظي العرب بشكل خاص بلغة رشيقة نافذة، فيها من السحر والبيان والجمال ما لا يوجد في أي لغةٍ أخرى؛ لغة الضاد؛ لغة المعاني والمفردات والمترادفات المفرطة في التنوع والاتساع، وقد استلهم منها الأدباء والشعراء العرب ملكاتهم الشعرية ما جعل الثقافة العربية تتميز بغزارة ثرائها الشعري الذي رسخ الهوية العربية وأصبح رافدًا من روافد سجلها التاريخي، وقد تغنى الشعراء العرب بحبهم للغة العربية ومنهم الشاعر حليم دموس، الذي قال في قصيدة “لغة الأجداد”: لغة الأجداد هذي رفع الله لواها.. فأعيدوا يا بنيها نهضة تحيي رجاها.
وقد تغزل شعراء البحرين بوطنهم الغالي بمختلف الأساليب والقوافي والبحور والأوزان؛ برز من بينها قصيدة “لقد تهنا بحسنك يا «أوال” للشاعر المرحوم الشيخ محمد بن أحمد آل خليفة التي تقول:
أأنت السحر أم أنت الجمال
لقد تهنا بحسنك يا «أوال»
صفاء قد صفت منه الليالي
وسحر لم يصوره الخيال
جنان بالأماني زاهرات
تضاحك في مرائيها الجمال
وشطآن تراءى من بعيد
على أمواجها السحر الحلال
تعانقت النخيل على ثراها
فغارت من تعانقها الجبال
وباتت ترقب الشطآن ليلا
لتسمع ما تبوح به الرمال
فللأضواء همس مستفيض
تصيخ له مع الرؤيا الظلال
وللامواه في سمع الروابي
عزيف للطبيعة وابتهال
مسابح فتنة لو طاف فيها
روفائيل لفاض به الخيال
أوال معقل العليا وأرض
بها نبغت لدى الجلى الرجال
بها قوم إذا وثبوا لمجد
تحقق من وثوبهم المحال
وإن قالوا على الأيام قولا
رأيت القول تدعمه الفعال
وأذلوا المستحيل وبوؤها
من العليا على ما لا ينال
أوال أنت للأمجاد مهد
تولد في مرابضه النضال
وذكرك من قديم الدهر غنى
به في موكب الدنيا الجلال
سعيت إلى الحضارة من قديم
وهذا في الحياة هو المآل
رحم الله من اختارهم من شعراء البحرين، وأطال في أعمار الباقين منهم، ومن عليهم بسعة القريحة والمزيد من الإلهام والفطنة والفصاحة والبلاغة والابداع.