بقلم عبد النبي العكري
من الواضح ان إسرائيل ماضيه في تدمير قطاع غزه بالكامل وإبقاء الحصار الشامل بقطع شرايين الحياه للسكان وهدفها المعلن "القضاء حماس واستعاده الرهائن " .ولهذا فان "إسرائيل "ماضيه في شن حرب دمار شامل ضد الشعب الفلسطيني في غزه وتحشد قوات هائله حول القطاع استعداد لحرب بريه ليس للقضاء على حماس وقوات القسام وحدها بل القضاء على المقاومه الفلسطينيه وقواتها وتدمير بنيتها مثل الانفاق مثلا واسلحتها واسر من يتبقى من قياداتها وكوادرها ومقاتليها ,وإخضاع الشعب الفلسطيني في غزه او تهجيره.لكن الحرب "الاسرائيليه " لاتقتصر على غزه , حيث تخوض إسرائيل عمليات عسكريه وامنيه على الشعب الفلسطيني ومنظماته وقوى المقاومه في الضفه والقدس مستخدمه قوات الجيش والشرطه والطيران والمستوطنون المسلحون حيث يسقط يوميا عشرات الشهداء ةالجرحى وتدمر الاحياء والقرى والمخيمات ويعتقل المئات من المناضلين الفلسطينيين . وفي الأراضي الفلسطينيه المحتله في 1948 , يجري أيضا اعتقال الكثير من الفلسطينين لمجرد استنكارهم للجرائم الصهيونيه ودعم اشقائهم الفلسطينيين.كما ان حربا محدوده تجري على الجبهه الشماليه مع لبنان مابين إسرائيل وقوى المقاومه اللبنانيه وخصوصا حزب الله ويمكن ان تتطور تالى حرب شامله .
لكن اهداف هذه الحرب ابعدمن ذلك .فقد عبرت قيادات اسرائيليه وصهيونيه ومراكز أبحاث عن ان الحل لمعضله غزه هو اجبار سكانها بترك قطاع غزه نهائيا والنزوح الى صحراء سيناء في نكبه جديده ,وبناء مدن لهم هناك والبعض يطرح ترحيلهم الى مصر ودول عربيه أخرى وهذه المره بتمويل عربي .ويجب ان لانستخف بهذا الخطر . يفترض هذا الخيار انه في ظل التدمير الشامل والحصار الشامل لقطاع غزه فانه سيجري وبقوه السلاح اجبار الفلسطينين على النزوح عن وطنهم عبر المعبر الوحيد الذي تتيحه اسرائيل وهو معبر رفح المصري.ورغم ثقتنا في صمود الشعب الفلسطيني في غزه فانه يتوجب عدم التقليل من مخاطر ذلك.
الموقف العربي الغربي والدولي
الواضح منذ بدايه هذه الحرب ان الانظمه العربيه عاجزه عن دعم الشعب الفلسطيني في مواجهه حرب الاباده الاسرائيليه وافضلها هو من اتخذ موقفا سياسيا معارضا لها وسمح لشعبه ان يتحرك بحريه للتعبير عن دعمه لاشقائه ,كما ان العمل والتحرك العربي المشترك من خلال الجامعه العربيه مخجل جدا, وهذا يحتاج الى تفصيل لاتتسع له هذه الورقه.
اما الموقف الغربي فانه يعتبر هذه الحرب " صراعا بين الحضاره التي تمثلها إسرائيل والغرب من ناحيه والهمجيه التي تمثلها حماس ومن خلفها الشعب الفلسطيني والشعوب المؤيده له ".ويكرر قاده الغرب مايقوله القاده الصهاينه بتشبيه حماس بداعش.وفي هذا الصدد فان الغرب الرسمي وقف منذ اليوم الأول للحرب الى جانب إسرائيل بدون تحفظ .الاكثر من ذلك المشاركه في الحرب الى جانب إسرائيل والذي عبرت عنه أمريكا بمشاركه اساطيلها وقواتها والامددات العسكريه لباقي الدول.
تم التعبير عن التبني الكامل للموقف الإسرائيلي بتزاحم الزعماء الغربيين على الكيان المحتل والتاكيد دون تحفظ على تاييدهم لإسرائيل فيما تقوم به من حرب اباده ضد الشعب الفلسطيني في غزه وعملياتها الوحشيه في باقي الأراضي الفلسطينه المحتله تحت شعار "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشعبها ".وفي ذات الوقت تجريم حق المقاومه في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ,وتوفير الحمايه للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي,واستعماره الاستيطاني وحكم الفصل العنصري, حيث الشعب الفلسطيني بين لاجئ خارج وطنه او مستعبد في وطنه ,سلب منه وطنه وارضه.
الموقف الرسمي الغربي الذي تقوده أمريكا وحلفائها في الاتحاد الأوربي وكندا وأستراليا واليابان وكوريا والهند وغيرها )ضرب عرض الحائط بالمبادئ والعهود الدوليه لحقوق الانسان والشعوب في زمن السلم والحرببما في ذلك الشعب الفلسطيني . هذا التحالف الشرير لايقيم وزنا لارواح الفلسطينين ومعاناتهم فهو في احسن الأحوال يدعو لهدنه انسانيه لايصال امددات الاغاثه لضحايا غزه ولكنه لا يدعوا لايقاف حرب الاباده والعمليات العسكريه الاسرائيليه فهو يؤيد الموقف الإسرائيلي في المضي بالحرب لشطب قطاع غزه والمقاومه .
وباستثناء بضعه دول مثل روسيا والصين ايران وجنوب افريقيا وكوبا وكولمبيا والبرازيل وماليزيا ونيكارجوا فان غالبيه الدول غير مكترثه او ساكته عما يجري مادام أصحاب القضيه الدول العربيه بهذه السلبيه .
بالطبع نحن نتكلم عن مواقف الدول الرسميه وليس عن مواقف الشعوب والقوى والنخب الشريفه والتي تملا الساحات باعداد لاسابق لها تضامنا مع الشعب الفلسطيني ومعارضه للحرب الاسرائيليه وتواطئ أنظمتها مع إسرائيل ,رغم ماتتعرض له هذه الاحتجاجات من قمع وتجريم في ظاهره استبداديه وانحياز للصهونيه وتجليها بإسرائيل في سابقه غير معهوده في بلدان يفترض انها ديمقراطيه وهو مايحتاج أيضا الى تفصيل.
اتضح ذلك في مجلس الامن حيث احبط الفيتو الأميركي والغربي مشاريع قرارات لروسيا والبرازيل لوقف الحرب فورا واعمال الاغاثه واستئناف العمليه السلميه لتنفيذ القرارات الدوليه باقامه دوله فلسطينيه ذات سياده وعاصمتها القدس الشرقيه الى جانب "دوله إسرائيل" .اما المشروع الأميركي المقدم الى مجلس الامن مساء الأربعاء 25-10-2023 فيؤيد إسرائيل في حربها ضد حماس التي يعتبرها منظمه ارهابيه وإعلان هدنه مؤقته لاعمال الاغاثه .ولولا الفيتو الروسي والصيني لجرت الموافقه على المشروع الأميركي . وفي ظل الوضع الحالي فان إسرائيل مطمئنه وماضيه في حربها حتى النهايه مدعومه بالغرب دون تحفظ.
وفي ظل احتمال توسع النزاع ليشمل ساحات أخرى في الشرق الأوسط مثل لبنان وسوريا وايران وغيرها او مايعرف بمحور المقاومه فان الغرب بقياده اميركا تقوم بحشد لاسابق له لاساطيلها في شرقي المتوسط ومعها الالاف من قوات النخبه ونشر شبكات صواريخ ارض جو في البلدان الصديقه لها في المنطقه ورفع جاهزيه قواعدها في المنطقه المشرقيه العربيه واليونان . وهو السبب الرئيسي لتأخير الاجتياح الإسرائيلي لغزه حتى يكتمل التحشيد الأميركي والغربي.
.ان الموقف الغربي هو استمرار انفراد إسرائيل بالشعب الفلسطيني خصوصا في غزه , وردع ايه اطراف او دول لنجده الشعب الفلسطيني بفتح جبهات أخرى .لكن ذلك لن يمنع إسرائيل وحليفتها أمريكا من شن الحرب ضد لبنان مثلا بعد الانتهاء من غزه.المؤسف ان دولا عربيه تؤيد هذا الطرح "عدم توسيع دائره الصراع".كما ان معارضه مخطط إسرائيل لتهجير فلسطيني غزه لايعدو ان يكون لفظيا .
شلل الأمم المتحده ودورها
وبالنسبه للأمم المتحده وأجهزتها العامله في غزه وفي مقدمتها الاونروا فهي مستباحه تماما حيث قتل العشرات من عامليها وقصفت مدارسها ومنشاءتها ومنعت عنها امدادات الاغاثه .اما الأمم المتحده على النطاق الاوسع فهي عرضه لعقاب إسرائيل بدعم من حلفائها . فمنذ بدايه الحرب تحرك الأمين العام من اجل وقف الحرب وانهاء الحصار دون جدوى .الامين العام أنطونيو جتيرش عبر في جلسات مجلس الامن وغيره عن موقف الأمم المتحده بالدعوه لوقف الحرب فورا وانهاء الحصار الإسرائيلي وحمايه المدنيين واستئناف الحوار وتنفيذ قرارات الأمم المتحده المعنية.ورغم انه في كلمته امام مجلس الامن في 23-10-2023 في قد ادان عمليه حماس ضد المستوطنين الإسرائيليين واطلاق صواريخها ضد "إسرائيل " الا انه عرض للأوضاع الفلسطينين الظالمه على امتداد 75 عاما وظروف سكان غزه تحت الحصار التي أدت الى عمليه حماس هذه .الا ان ماحدث لاسابق له في تاريخ الأمم المتحده ,اذ الغى وزير الخارجيه الإسرائيلي كوهن اجتماعه مع الأمين العام جيتيرش وطالبه بالاستقاله فورا او الاعتذار والغت إسرائيل جميع تاشيرات الزياره لموظفي الأمم المتحده بمن فيهم نائب الأمين العام للعمليات الانسانيه جريفن .ورغم عقد الأمين العام مؤتمرا صحفيا لتوضيح موقفه الا ان إسرائيل مصره على اقالته.
اذا نحن امام وضعيه لاسابق لها في الحروب الاسرائيليه ضد الفلسطينيين ومن يقف معهم في ظل حرب اباده اسرائيليه للشعب الفلسطيني وسط تخاذل عربي وتحالف غربي إسرائيلي وعجز دولي وتعطيل لدور الأمم المتحده في ظاهره تسترجع حقبه الاستعمار الغربي واباده الشعوب الاصليه.
..