بقلم : عبد النبي العكري
تشهد الولايات المتحده الاميركيه حملات للمرشحين للتنافس على الترشح لانتخابات الرئاسه والكونجرس بمجلسيه, مجلس الشيوخ ومجلس النواب, على المستوى الفدرالي ,وحكام الولايات ومجلسي الكونجرس لكل ولايه على الصعيد المحلي والتي ستجرى في شهر نوفمبر من العام القادم 2024 وسوف نركز في هذا المقال على السباق للترشح للانتخابات الرئاسيه فقط .
قد يطرح البعض ان الوقت لايزال مبكرا حيث يفصلنا عام عن الانتخابات ,لكن ذلك غير صحيح اذ ان تحديد مرشح كلا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري يمر بمراحل متعدده ومطوله من التنافس والحملات الانتخابيه والتي تنتهي بانعقاد المؤتمر الوطني لكل من الحزبين قبل بضعه اشهر من موعد الانتخابات في نوفمبر 2024 ,حيث يقر كل حزب برنامحه الانتخابي ومرشحه للرئاسه والذي يختار عمليا نائبه .
وبالنسبه "لإسرائيل" وما يرتبط بها من قضايا مثل القضيه الفلسطينيه والوضع في الشرق الأوسط فانها ذات اهميه كبرى في برامج المرشحين للرئاسه وكذلك المرشحين لمجلسي الكونجرس.
وقدجاءت الحرب" الاسرائيليه" العدوانيه على غزه في 7-10-2023, لتفاقم من هستيرياء الولاء والتاييد "لإسرائيل" وفي معاداة الفلسطينيين والعرب في مؤسسات الدوله وفي مؤسسات الحزبين الرئيسيين , الديمقراطي والجمهوري, وكذلك تسابق المتنافسين في الانتخابات الرئاسيه لدعم "إسرائيل" .بشكل لاسابق له في محطات الحروب "الاسرائيليه" على الفلسطينيين والعرب .
بايدن والحزب الديمقراطي ..
حسب التقاليد الانتخابيه الاميركيه فان الرئيس هو مرشح حزبه لدوره ثانيه ،وهكذا فان جو بايدن هو مرشح الحزب الديمقراطي .وهذا صحيح الى وقت قريب اذ طرح بايدن نفسه كرئيس للولايات المتحده وكمرشح مرجح لولايه ثانيه ، كصديق موثوق لإسرائيل، وكون الولايات المتحده حليفا موثوقا لإسرائيل وهي من ثوابت السياسه الاميركيه .
لكن بايدن والحزب الديمقراطي طرح في حملته الانتخابيه في مواجه ترمب والحزب الجمهوري في الانتخابات السابقه ،وهو ماتبناه في بدايه حكمه، عدم الاعتراف بضم القدس الشرقيه والضفه الغربيه والجولان "لإسرائيل" ومعارضه الاستيطان الصهيوني والتأكيد على حل الدولتين الاسرائيليه والفلسطينيه .
كما اكد على معارضه بعض قرارات ترمب في نقل السفارة الاميركيه للقدس والاعتراف بضم القدس الشرقية "لإسرائيل " وكون الضفه الغربيه متنازع عليها وتاييده للاستيطان .
لكنه على الصعيد العملي فان ادارة بايدن لم تخفض من دعمها "لإسرائيل " عسكريا وامنيا وسياسيا واقتصاديا ، رغم تصاعد سياسه الفصل العنصري و القمع ضد الفلسطينين واقامة المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينيه .ادارة بايدن تبنت استراتيجيه ترمب لحل الصراع في الشرق الأوسط والقضيه الفلسطينيه فيما عرف باتفاق ابراهام بتطبيع علاقات الدول العربيه (الامارات والمغرب والبحرين )الى جانب (مصر والأردن ومنظمه التحرير الفلسطينيه) مع "إسرائيل" بتوسيعه ليشمل دولا أخرى بضمان أمريكا لمطالب هذه الدول في مجالات الامن والطاقه وغيرها ومثال ذلك المفاوضات مع السعوديه .
كما ان بايدن لم ينقل السفاره الاميركية من القدس ولم يعاود فتح القنصلية في القدس الشرقيه ولم يسمح باعاده فتح ممثلية لفلسطين في واشنطن.
كما لم يغير من تعامل أمريكا العدائي مع الأطراف العربيه والشرق اوسطيه مثل سوريا ولبنان وايران المؤيده للقضيه الفلسطينيه .
وقد جاءت الحرب الاسرائيليه على الشعب الفلسطسني في غزه وتصعيد القمع ضدهم في الضفه الغربيه والقدس وفلسطين 1948، لتذهب ادارة بايدن بعيدا جدا في انحياز امريكا المطلق "لإسرائيل" ومشاركتها الفعليه في هذه الحرب العدوانيه .
بل انها تقود تحالفا غربيا يزج بامكانياته العسكريه والسياسيه والماليه الى جانب "إسرائيل " في حرب اباده للشعب الفلسطيني في غزه حيث 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزه المحاصر ذا الــ 370 كلم مربع ، كاكبر سجن مفتوح في العالم ، حيث تجري عمليه تدمير كامل للقطاع ومجازر بحق الفلسطينيين ، نصفهم من الأطفال، تجاوزت 9 الاف شهيد و2 الف مفقود و20 الف جريح حتى 30-10-2023 .وهدف "إسرائيل" المعلن هو تصفيه المقاومه (حماس والاخرين) واجبار سكان القطاع على اللجؤ الى سيناء عبر رفح في نكبه جديده.
ومن الواضح فان برنامج بايدن وبرنامج الحزب الديمقراطي هو استمراريه التحالف مع الكيان الصهيوني في ظل قيادته اليمينيه المتطرفه بزعامه نتنياهو ، وما ستسفر عنه من نتائج خطيره طرحها نتنياهو بانه شرق أوسط جديد مختلف عما قبله تلعب فيه "إسرائيل" دورا قياديا عسكريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا بشراكه اميركيه غربيه وتصفى فيه القضيه الفلسطينيه العربيه.
بالطبع فان هذا ليس قدرا محتوما فالحرب لم تنته بعد وبطولات المقاومه في فلسطين ولبنان تحول دون ذلك,و تشكل ارثا لايستهان به وتولد جيلا اكثر تصميما على المقاومه .
كما ان حركة الاحتجاجات الواسعة في الولايات المتحده والعالم الاوسع سيكون لها انعكاسات عميقه على التطورات السياسية ,بما في ذلك معارضه سياسه بايدن والنخبه السياسيه الاميركيه تجاه "إسرائيل" والقضيه الفلسطينيه.
في خضم ذلك هناك تحديات تواجه بايدن في سعيه للبقاء في البيت الأبيض .ان سجل وأداء بايدن وكذلك عمره و وضعه الصحي يشكل تحديا لتقليد ترشيح الرئيس لولايه ثانيه .كما ان أداء ومواقف الاداره الاميركيه تجاه الحرب الاسرائيليه على غزه تثير معارضه واسعه .فالشارع الأميركي والتيار اليساري والليبرالي في الحزب الديمقراطي يعارض تاييده المطلق لاإسرائيل في حربها العدوانيه على الفلسطينيين.
دين فيليبس ..
واستنادا الى ذلك وبصوره مفاجئه اعلن دين فيليبس ، عضو الكونجرس عن ولايه مينوسوتا في 26-10-2023 عن ترشحه للرئاسه عن الحزب الديمقراطي في مواجهه بايدن ، وفي مقابلاته مع وسائط الاعلام ، اكد فيليبس انه يدعم سياسات بايدن لكن بايدن غير قادرعلى قياده البلاد في المرحله المقبله وان البلاد تحتاج الى قياده شابه .
كما حذر من ان بايدن سيخسر سباق الرئاسه في مواجه ترمب ، لكنه على عكس ذلك قادر على هزيمه ترمب .بالطبع يصعب الحديث عن جديه تحدي فيليبس لزعامه بايدن وترشحه للرئاسه.
وبالنسبه لمواقف فيليبس تجاه إسرائيل والقضيه الفلسطينه فمن المبكر الحديث عنها الان . لكنه وبتاييده الثابت لبايدن في الكونجرس فانه مؤيد لإسرائيل على حساب الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني وفي حربها على الشعب الفلسطيني.
الحزب الجمهوري اكثر تطرفا ..
ينطلق موقف الحزب الجمهوري من موقف اكثر دعما ل"لإسرائيل "الى حذ التطابق ، بل ان البعض يضفي عليه بعدا دينيا للتيار الإنجيلي المسيحي في الحزب والمجتمع والذي يعتبر ان الحضاره هي مسيحيه يهوديه .من هنا فان جميع المتسابقين للترشح للرئاسة عن الحزب يعتبرون بايدن والحزب الديمقراطي والاداره مقصره في دعمها "لإسرائيل ", ويطالب بعضهم بارسال قوات اميركيه الى فلسطين المحتله لمشاركه القوات "الاسرائيليه " في حربها الدمويه.
احد المحطات في ذلك مؤتمر المانحين اليهود الجمهوريين في لاس فيجاس في 27-10 – 2023 حيث تبارى مرشحوا الرئاسه على دعم "إسرائيل" وحربها العدوانيه. بالنسبه للمرشحين الجمهوريين وهم كثر فانهم يتبارون في الالتزام بدعم إسرائيل بشكل مطلق ومبدئي وانكار الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني واعتبار المقاومه الفلسطينيه ارهابيه وقد اتهموا اداره الرئيس بايدن بالتقصير في دعم إسرائيل وانها باتفاقها مع ايران بتبادل السجناء والافراج الأميركي عن 6بليون دولار من الودائع الايرانيه المجمده لأغراض انسانيه فانها أسهمت في تمويل مايدعونه حرب حماس على "إسرائيل".
دونالد ترمب ..
بالنسبه للحزب الجمهوري فان دونالد ترمب ، وبالرغم من العدد الكبير من القضايا الفدراليه المسجله ضده والمنظوره امام المحاكم او تحقيقات الادعاء العام الفدرالي في اكثر من ولايه والتي قد تؤدي به الى السجن لسنوات طوال , فانه لايزال متقدما جدا في استطلاعات الراي العام الجمهوري كمرشح رئاسي بحدود 45% .من مرتكزات حمله ترمب انه حقق "لإسرائيل" مالم يحققه أي رئيس أميركي سابق وذلك بالاعتراف بضم إسرائيل للقدس الشرقيه والجولان المحتلين ونقل سفاره الولايات المتحده الى القدس واغلاق قنصليتها في القدس الشرقيه خلافا لقررات الشرعيه الدوليه والموقف الأميركي المؤيد لذلك وان شكلا .
كما يتباهى ترمب بإنجاز مايعرف باتفاق ابراهام الذي يضم أمريكا وإسرائيل والامارات والبحرين وهو مفتوح لسائر الدول العربيه وبموجبه أقيمت علاقات كامله مابين اسرائيل من ناحيه والامارات والبحرين والمغرب من ناحيه أخرى ,في اختراق إسرائيلي امريكي خطير يفتح الباب امام دول عربيه واسلاميه للتطبيع مع إسرائيل واقامه شرق أوسط جديد تكون إسرائيل في القلب منه.
ترمب جدد تاييده الكامل لإسرائيل في حربها وزايد على الرئيس بايدن في دعم إسرائيل .كما دعى الى منع اللاجئين من غزه وكل من ينتمي او يؤيد حماس من دخول الولايات المتحده.
رون دي سانتوس ..
اقرب المرشحين لمنافسه ترمب هو رون دي سانتوس حاكم ولايه فلوريدا والذي يعتبر من اشد الداعمين "لإسرائيل" وغير المتعاطقين مع الفلسطينيين وصنف الفلسطينييين بانهم معادون للساميه وان الأطفال الفلسطينين مشروع إرهابيين .ولا يؤيد حل الدولتين ويؤيد الاستيطان و ضم الضفه الغربيه لاسرائيل و يحضى دي اسنتوس ب 15% في استطلاعات الراي العام الجمهوري وهو المرشح المرجح في حاله ادانه ترمب.ومنذ 7 أكتوبر2023 فان سانتوس يقوم بحملات دعاويه لصالح إسرائيل .
الأخطر من ذلك وخلافا للقوانين الفدراليه فقد اعلن دي سانتوس انه رتب فعلا ارسال طائرات شحن من فلوريدا الى "إسرائيل" تحمل كميات كبير من الاسلحه والذخائر والطائرات المسيرات ومواد طبيه وتجهيزات المقاتلين وذلك استجابه لطلب حكومه إسرائيل ودعما للاجتياح البري لغزه .كما تكفل بنقل العسكريين المتطوعين للقتال الى جانب القوات "الاسرائيليه" .ولعل البعض شهد مقابلات مع هؤلاء المتطوعبن.وقد امر بحل جميع الروابط الجامعيه الداعيه لمقاطعه إسرائيل"
نيكي هيلي ..
نيكي هيلي ممثله اداره ترمب السابقه في الأمم المتحده من ابرز المرشحين للرئاسه ومعروفه بمواقفها الداعمه لإسرائيل خلال مهمتها المذكوره.
وتدعو الولايات المتحده الى دعم إسرائيل بكل ماتريده ."ليست إسرائيل من يحتاج اميركا بل اميركا من يحتاج إسرائيل فهي في خط الدفاع الأول ضد كل من يستهدفوننا مثل ايران والإرهابيين" .وايدت موقف سانتوس بتحفظ حيث "يصعب تمييز الفلسطينين غير الإرهابيين" .وجادلت "بان العرب لايرغبون في قبول اللاجئين الفلسطينين خوفا من اذيتهم ولذئ من حق إسرائيل الا يكونوا جيرانها "وحملت حماس وليس إسرائيل مسؤؤليه ضحايا غزه .ورغم تاييدها لحل الدولتين لفضيا الا انها ترهن موقف اميركا بالموقف الإسرائيلي. ودعت لوقف تمويل اميركا لوكاله الأونروا.
تيم سكوت ..
تيم سكوت عضو مجلس الشيوخ اعتبر" ان اعتداء حماس على إسرائيل بمثابه اعتداء على الحضاره الغربيه"´. كما دعى الى ارسال قوات اميركيه خاصه للمشاركه في القتال ونشر الاسطول الأميركي قرب "إسرائيل". "داعيا الله لنصره شعب الله المختار على حماس الشريره".كما ايدسانتوس في رفض قدوم لاجئي غزه للولايات المتحده.
فيفك رامسوامي ..
فيفك رامسوامي (من اصؤل هنديه ) هو الأكثر اعتدالا ما بين المرشحين، حيث ايد دعم الولايات المتحده لإسرائيل دبلوماسيا وما تحتاجه للدفاع عن نفسها من اسلحه وذخائر, ولكن تجنب تحول حرب غزه الى حرب للشرق الأوسط مما يضر بالمصالح الاميركيه ولكنه حذر من المساواه مابين "إسرائيل" التي تدافع عن نفسها والإرهابيين الذين يستهدفونهأ.ودعى الى توسيع نطاق اتفاق ابراهامز لشمل باقي دول الحليج ودولا اسلاميه مثل إندونيسيا مما يضمن امن إسرائيل ويخفف الأعباء الماليه للولايات المتحده تجاه "إسرائيل".
كريس كريستي ..
دعا كريس كريستي( حاكم سابق لولايه نيوجيرسي) الى دعم إسرائيل بكل مايلزم ,وحمل بايدن مسؤؤليه الحرب الحاليه لانه تعمد إرضاء ايران بالافراج عن أصولها الماليه المجمده.ودعى أمريكا لعدم الضغط على إسرائيل لحل الدولتين وان ترهن أي طلب من "إسرائيل" بموافقتها ، معتبرا "إسرائيل" مهد الديمقراطيه .وعندما كان حاكما لولايه نيو جيرس تصدى للشركات التي تقاطع إسرائيل.
اشي هشنسون ..
أسى هشنسون(حاكم سابق لولايه اركنساس) يعتبر دعم "إسرائيل" بديهي في الثقافه الاميركيه وتاريخها والروابط التاريخيه مابين المسيحيه واليهوديه وان "إسرائيل" هي اقوى حليف لاميركا وبذى تساعد في ضمان امن اميركا وعندما كان حاكما لولايه اركنساس فقدحرم مقاطعه الشركات لإسرائيل.وهو يدعم سياسات ترمب تجاه إسرائيل ويعارض سياسات بايدن بالتقرب من الفلسطينين.
دوج بيرجم ..
دوج بيرجم ( حاكم ولايه داكوتا الشماليه ) دعى الى ان ترسل الولايات المتحده قواتها لتحرير الرهائن في غزه واعتبر الحرب في غزه بمثابه حرب بالنيابه مابين اميركا وايران التي تقوم بالاعتداءات ضد اميركا بواسطه حماس .وبصفته حاكما لولايه داكوتا الشماليه .فقد امربحضر التعامل مع شركات تقاطع اسرائيل . وانتقد سياسه بايدن لعدم تأكيد سياده اسرائيل على القدس الموحده والجولان ودعى لقطع المساهمه الاميركيه في الاونروا .
هذه نماذج من مواقف وبرامج لمرشحين للرئاسة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والتي تعكس مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومراكز القرار والنخب السياسيه والاقتصاديه والاعلاميه والاكاديمه وغيرها في تصعيد وتسابق على دعم "إسرائيل" والمشاركه معها في حرب الاباده ضد الفلسطينين والتطابق مع المشروع الصهيوني التوسعي,وقياده اميركا للغرب في هذه الحرب التي يمكن ان تتحول لحرب اقليمه بتداعيات عالميه .