حرب غزة وانتهاك القانون والقواعد الدولية .. وتاريخ الاحتلال لفلسطين 2-3
بقلم: عبد النبي العكري
واستكمالا لسرد تاريخ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، نقول ، ورغم ادانه الاستيطان واعتباره غير شرعي من قبل الأمم المتحده في قرارات متتاليه من مجلس الامن والجمعيه العامه وومؤسساتها الأخرى والمنظمات الدوليه الأخرى، ومطالبتها الكيان الصهيوني بالتوقف عن الاستيطان، ومصادره أراضي وممتلكات الفلسطينيين ونظام الفصل العنصري فان الكيان ماض في سياسه الاستيطان الذي تضاعف بعد اتفاقيه أوسلو في 1993.
مثلت حرب أكتوبر 1973 املا كبيرا للفلسطينين في تحرير فلسطين وللعرب في تحرير باقي الأراضي العربيه المحتله في مصر (سيناء) وسوريا (الجولان) ولبنان (مزارع شبعا) وقد أسهمت قوات الثورة الفلسطينه المتواضغه حينها الى جانب الجيشين المصري والسوري وقوات عربيه في حرب أكتوبر المجيده، والتي حققت انتصارات عظيمة في البدايه ابرزها عبور القناه وتحرير معظم الجولان. لكننا نعرف النتائج التي ترتبت على مابعد حرب أكتوبر.
مايهمنا هنا ان الكيان الصهيوني ظل مسيطرا على أراضي فلسطين كلها. والاخطر ان اتفاقيات الصلح المنفرد مابين الكيان الصهيوني ومصر (كامب ديفد مارس 1979) قد اخرج اكبر دوله عربيه من الصراع العربي الصهيوني، وتخليها عن مسؤؤليتها تجاه غزه، وأتاح للكيان الصهيوني ان يشن حروبه على المقاومة الفلسطينه واللبنانيه في لبنان واخرها حرب 1982 حيث احتلت لبنان من الحدود الجنوبيه حتى العاصمه بيروت. ومن المهم هنا ان اخراج قوات الثورة الفلسطينه ومنظمة التحرير من لبنان الى المنافي البعيده عن فلسطين قد تسبب في التراجع الخطير للثورة الفلسطينه ومنظمة التحرير الفلسطينيه واستراتجيتها والتي قادت الى اتفاقيه أوسلو في 13-9-1993 وبموجبها فان المنظمة اعترفت بالكيان الصهيوني وشرعيته على 78 % من أراضي فلسطين، والقدس عاصمته الموحدة، واستمرار الاستيطان والسيطرة العسكرية والأمنية في الأراضي المحتلة في 1967 مقابل الاعتراف بقيام سلطه حكم ذاتي إداري لمنظمة التحرير لفلسطينه على الأراضي المحتلة في 1967 دون القدس الشرقية. وعلى الرغم من تقسيم الضخ الغربية إلى مناطق (أ) و (ب) و (ج) بصلاحيات متفاوتة للطرفين فإنه ثبت من خلال الممارسة والاجتياحات الصهيونية المتتالية للضفة والقطاع أن الكيان له مطلق الصلاحية على الأرض والسكان وان السلطة لفلسطينه المؤقتة تخضع لدوله الاحتلال بل وتقوم بقمع الشعب الفلسطيني ومقاومته. ومما زاد من ضعفها اتفاقية الكيان الصهيوني مع الأردن (وادي عربه) في 25-7-1994 وبموجبها أبرم صلح بين الدولتين وتخلى الأردن رسميا عن وصايته ومسؤوليته تجاه الضفة الغربية.
إن من أخطر نتائج اتفاقيات الصلح وتطبيع العلاقات ما بين الكيان الصهيوني من ناحية وكلا من مصر والأردن والمنظمة من ناحية أخرى، أضافه إلى الاتفاق الإبراهيمي الذي ضم المغرب والإمارات والبحرين والمفتوح للدول العربية والإسلامية، بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، هو أنه يشرعن لاغتصاب الصهاينة لفلسطين، ويشرعن لوجود الكيان الغاصب وتخل عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني لتحرير أرضه. ورغم لاشرعية ومشروعية هذه الاتفاقيات فإن اسرئيل لم تحترمها. وفي المحصلة فإن إسرائيل أجهضت حل الدولتين رغم ظلمه للفلسطينيين. كرست إسرائيل أمرا واقعا وهو احتلال وإخضاع وتهويد الضفة الغربية والقدس وحصار قطاع غزه وإحاطته بسور عازل.
وبالرغم من انسحاب إسرائيل عسكريا من قطاع غزه في 2005، إلا أنها تظل دوله احتلالا من خلال فرضها للحصار وقيامها بشن الحروب المتتالية وآخرها حرب أكتوبر 2023. فما هي أبرز انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في حربها على غزه؟
مصادر الشرعة الدولية
أن أهم مصادر الشرعة الدولية التي تحدد مسؤوليه الأطراف المتحاربة تجاه المقاتلين والمنخرطين في القتال بوظائف عديدة وكذلك تجاه المدنيين غير المنخرطين في القتال مع تعدد أوضاعهم ومهنهم وسكناهم، رجالا ونساء، أطفالا وكبارا، وبغض النظر عن جنسهم وعقيدتهم وأصولهم وأديانهم وغيرها، وكذلك التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية هي:
1- القانون الدولي الإنساني وهو مجموعة من القواعد التي ترمي للحد من آثار النزاعات المسلح، لدوافع إنسانية وحماية الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية.
2- القانون الدولي العام الذي يكرسه ميثاق الأمم المتحدة ويحظر اللجوء الىى القوة إلا في حاله الدفاع عن النفس أو بقرار من مجلس الأمن للأمم المتحدة. وكذلك المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
3- اتفاقيات جنيف الأربع الموقعة في 12-8-1949 كما يلي:
اتفاقية جنيف الأولى حول حماية الجرحى والمرضى خلال الحرب البرية.
اتفاقية جنيف الثانية حول حماية الجرحى والمرضى خلال الحرب البحرية.
اتفاقية جنيف الثالثة حول معاملة أسرى الحرب.
اتفاقية جنيف الرابعة حول حماية المدنيين بمن فيهم أولئك الموجودين في الأراضي المحتلة.
المادة 3 المشتركة في الاتفاقيات الأربع وتتعلق تطبيق الاتفاقيات الأربع في النزاعات غير الدولية مثل الحروب الأهلية.
ولتعزيز آليات تنفيذ اتفاقيات جنيف الأربع فقد جرى تبني الأمم المتحدة في 21-11-1977 البروتوكولات التالية:
البرتكول الإضافي 1 المتعلق بضحايا المنازاعات المسلحة الدولية.
البرتكول الإضافي 2 المتعلق بضحايا المنازاعات المسلحة غير الدولية.
4- نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية
ويختص بالتحقيق والادعاء والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للمتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة البشرية والتطهير العرقي بحق المدنيين سواء قي ظروف الحرب أو النزاعات المسلحة.
الحرب الصهيونية علي غزه والعدوان في الضفة
جاءت عملية طوفان المقدس في 7-10-2023 بهجوم مباغت لقوات القسام التابعة لحماس ضد المستوطنات والقواعد الصهيونية المحيطة بغزة كمفاجأة للعدو الصهيوني وحلفائه وفي مقدمتهم أمريكا وترتب عليها نتائج مذهلة بقتل قرابة 1400 إسرائيلي معظمهم من العسكريين وقرابة 240 أسيرا معظمهم عسكريين. وفجأة استنفر الكيان الصهيوني وحلفاؤه الغربيون بقيادة أميركا، فكيف يباغت ويهزم الجيش الذي لا يقهر ؟ وكيف ألحقت به هذه الخسائر الكبيرة؟ فيما كانت العادة أن يكون هو المبادر بالحروب خارج دولته والقيام بالاعتداءات والمجازر وضحاياها بالآلاف من الفلسطينيين والعرب في حين أن خسائره محدودة جدا. وجرى التهيئه عسكريا وسياسيا واعلاميا وقانونيا لشن حرب اباده ضد الفلسطينن في غزه وتهجيرهم وعمليات واسعه ضد الفلسطينيين في باقي الأراضي الفلسطينيه.
كلنا يتابع هذه الحرب منذ 7-10-2023 حيث يقوم العدو الصهيوني بعمليه تدمير شامل لكل ماهو قائم على ارض غزه من المساكن والمنشئات والبنيه التحتيه، واستهداف المدنيين اطفالا ونساءا ورجالا وكبار سن حيث تجاوزت الحصيله خلال شهر اكثر من 10 آلاف شهيد واكثر من 2500 مفقود و30 الف جريح. فما هي ابرز انتهاكات العدو الصهيوني للقانون الدولي؟
1- حصار غزه
منذ يونيو 2007 عندما استولت حماس على السلطه في قطاع غزه، فقد فرض الكيان الصهيوني حصارا شاملا على قطاع غزه ذي المساحه 370 كلم وسكان بحدود 2.3 مليون انسان في اكثر الاماكن في العالم ازدحاما بالسكان ويعتمدون في حياتهم على مايستوردونه من الخارج بمعدل 500 شاحنة يوميا اضافه الى امدادات الماء والكهرباء المزوده جزئيا من الكيان الصهيوني اضافه للوقود لمختلف الاستخدامات والادويه والغذاء وغيره والتحكم في ذلك عن طريق المعابرمع الكيان المحتل (سته معابر) التي تسيطر عليها تماما، ومصر (معبر رفح) والذي يتحكم الكيان فيه أيضا. وقد عمد الكيان المحتل الى أقامه جدار عازل عميق ومرتفع جدا ويمتد في البحر ومزود باجهزه مراقبة متطوره وابراج مراقبة مسلحة. وعلى امتداد السنوات الماضية فقد استشهد المئات من المحتجين المدنيين الغزاويين على امتداد الحدود. وقد وصف القطاع انه عباره عن اكبر سجن مفتوح في العالم واضحى اليوم اكبر مقبره مفتوحة في العالم.
الحق الحصار اضرارا بالغه بالسكان المدنيين من اعاقه اقتصاديه وبطاله عالية تصل الى 46 % وترتفع الى 63 % بين الشباب (15-24 سنة) وفقر وانتشار الامراض المعدية واعاقه للتعليم والصحه وجمله متطلبات الحياه والعيش الكريم واللائق. هذا الحصار خرق للقانون الإنساني ومسؤؤليه دوله الاحتلال بموجب القانون الدولي.
وقد جاءت اجرءات حكومه العدوبعد عمليه طوفان المقدس لاسابق لها في تاريخ الحروب اذ قرر العدو قطع الماء والكهرباء ومنع الادويه والوقود والاغذيه كليه عن القطاع كعقاب جماعي على سكانه المدنيين 2.3 مليون وحكم بالاعدام عليهم لقطع امددات الحياه وتشغيل المرافق الحيوية مثل المستشفيات وغيرها. يعتبر ذلك جرائم ضد الانسانيه تصل الى الاباده الجماعيه ومحرمه في القانون الدولي الإنساني وشرعه حقوق الانسان.