بقلم :عبد النبي العكري
مضت اكثر من اربعه اشهر على حرب الاباده " الاسرائيليه "على الشعب الفلسطيني في غزه وعملياتها العسكريه والامنيه في باقي فلسطين المحتله ,بشراكه اميركيه, ودعم لامحدود من قبل معظم دول الغرب الراسماليه وتخاذل عربي ولامبالاه من معظم دول العالم بمن فيها الدول الاسلاميه.
هذه الحرب لاسابق لها في وحشيتها وانتهاكها لشرائع الانسانيه والقيم الحضاريه والشرعيه الدوليه .منذ 7 أكتوبر 2023 شنت "إسرائيل" حربها تحت عنوان استئصال حماس وتدمير البئيه الحاضنه لحماس (أي بنيه وسكان غزه المدنيين) واعاده السيطره على غزه . ومنذ اليوم الأول عمدت القوات "الاسرائيليه " ليس لخوض حرب عسكريه فقط بل عمدت بحجه اختلاط مقاتلي حماس بالمدنيين ,ووجود انفاق تحت المباني , الى قصف متواصل جوي وبري وبحري لكل ماهو قائم على الأرض, وفي ذات الوقت فرضت حصارا خانقا على قطاع غزه بقطع الغذاء والماء والدواء والكهرباء والاتصالات ,مما فاقم في الخسائر البشريه ومعظمهم من النساء والأطفال وتشير تقديرات وزاره الصحه الفلسطينيه حتى يوم الخميس 8-2-2024 .ان الخسائر الفلسطينيه في قطاع غزه تجاوزت 100 الف,منها ما يزيد عن 28 الف شهيد و9 الف مفقود بين ركام المباني المدمره وهم في حكم الشهداء وما يزيد عن67 الف جريح سيموت الكثير نهم بسبب انهيار العنايه الطبيه واعمال الاغاثه والمزيد من الموت بسبب المجاعه والاوبئه واعتقال الالاف وتصفيه العديد منهم . وهذه الخسائر في تزايد رهيب في ظل استمرار الحرب وخصوصا مع شن عمليات عسكريه واسعه,وحشر النازحين في محافظه رفح ومساحتها 151 كلم2 وسكانها الاصليين172 الف, التي دفع اليها مايزيد عن 1 مليون من النازحين الفلسطينين قسرا عبر موجات النزوح من بيت حانون , في الشمال الى الجنوب عبر مدينه غزه ثم خان يونس وأخيرا محافظه رفح حيث يجري الاستعداد لعمليه عسكريه "اسرائيليه " كبرى يترتب عليها مجازر مروعه, لدفع شعب غزه للنزوح عبر ممر رفح الى صحراء سيناء وعوده السيطره الاسرائيليه الى القطاع. وتتزامن الحرب على غزه مع تصعيد العمليات العسكريه والامنيه في الضفه الغربيه والقدس في حرب غير معلنه ترتب عليها دمار كبير في مدن وقرى ومخيمات الضفه والقدس الشرقيه واستشهاد اكثر من 600 شهيد واعتقال مايقارب من 7 الف مناضل من الرجال والنساء والأطفال .
كما شهدت الأيام الاخيره جوله مكوكيه لوزير الخارجيه الاميركيه بلنكن "لإسرائيل" ودول عربيه معنيه بالتفاوض من اجل ابرام صفقه تستثمرمعطيات الحرب لصالح الكيان الصهيوني.
الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي
جاءت عمليه طوفان الأقصى البطوليه لتطلق "إسرائيل" خطه مبيته لتصفيه المقاومه وتدمير غزه واباده اكبر قدر من سكانها ودفع الباقين الى النزوح لسيناء مصر وفي ذات الوقت تصعيد عملياتها في الضفه الغربيه والقدس الشرقيه لدفع الشعب الفلسطيني للنزوح في نكبه ثانيه للشعب الفلسطيني وذلك تتويحا لمشروع "إسرائيلي" راسخ خصوصا مع صعود اليمين بقياده الليكود بزعامه نتنياهو للحكم وفي قلب هذا المخطط افشال حل الدولتين على علاته ,وتهويد كامل فلسطين وتخيير الفلسطينين اما النزوح او العيش كعبيد او الاستشهاد.
كان واضحا من طبيعه الحرب "الاسرائيليه " في غزه وعملياتها العسكريه والامنيه في باقي فلسطين المحتله انها لاتستهدف استئصال حماس في غزه وتصفيه مجموعات المقاومه في الضفه فقط ,وانما انهاء القضيه الفلسطينيه للابد.وهكذا جاءت تصريحات نتنياهو وباقي القيادات السياسيه والعسكريه والدينيه لتؤكد ان الفلسطينين هم دون البشر ويستحقون جميعا التصفيه لانهم يحتضنون المقاومه الفلسطينيه. وهكذا ظهرت خرائط "إسرائيل " التي تغطي كامل فلسطين والجولان المحتل بل "إسرائيل" الكبرى من النيل الى الفرات والممتده جنوبا حتى المدينه المنوره وشمالا حتى الحسكه السوريه.وتوسعت العنصريه لتنزع الانسانيه عن الفلسطينيين ولتشمل جميع العرب واعتبارهم عبيدا لبني صهيون .واستعيدت مقتطفات من التلمود لتبرراباده الفلسطينيين ومستقبلا العرب رجالا ونساءا واطفالا وحتى اباده حيواناتهم , وهو مايتم في غزه الان .
هذه المره عمد الغرب بقياده أمريكا الى تبني كامل اهداف "إسرائيل" وقوض الشرعيه الدوليه ممثله في الأمم المتحده(مجلس الامن ,الجمعيه العامه , ووكلاتها خصوصا ألاونروا ), وباقي المنظمات الدوليه , وكذلك محكمه العدل لدوليه حتى لاتقوم بواجباتها ,وتوقف حرب الاباده وتتم اعمال الاغاثه ,ومحاسبه "إسرائيل" ومسؤوليها. وهدفهم المعلن عدم وقف حرب الاباده " الاسرائيليه" حتى تحقق كامل أهدافها مع توفير الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي .كما نشرت قوه بحريه هائله في محيط الكيان الصهيوني شرقي المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب واستنفرت القواعد الاميركيه في المنطقه لمواجهه قوى المقاومه ودعم الحرب "الاسرائيليه ".
من يوسع نطاق الحرب
منذ البدايه عمدت "اسرائيل" الى تصعيدعملياتها في سوريا ولبنان والقيام بعمليات اغتيال طالت قيادات فلسطينيه ولبنانيه وايرانيه وسوريه ,مع عمليات امنيه داخل ايران ذاتها .من ناحيه أخرى ومنذ بدايه الحرب "الاسرائيليه " عمدت المقاومه اللبنانيه بقياده حزب الله لفتح الجبهه المواحهه مع الكيان الصهيوني ولكن بضوابط معينه لئلا تتحول الى حرب شامله .هنا تحركت أمريكا ومن خلفها الغرب لطرح استراتيجه منع توسع الحرب" الاسرائيليه" على غزه الى حرب اقليميه ذات ابعاد دوليه, بما معناه انفراد "إسرائيل" بقوتها الضخمه وبدعم كلي من أمريكا والغرب بالمقاومه الفلسطينيه في غزه بامكانياها المحدوده .وبالفعل ما ان تحركت بعض القوى مثل اليمن (حكومه صنعاء) لدعم غزه بمنع السفن "ألاسرائيليه "او المتوجهه لميناء ايلات واستهداف المخالف منها في البحر الأحمر وبحر العرب ,حتى تصدت البحريه الاميركيه والبريطانيه للقوات اليمنيه ,وبدات القوات الجويه والبحريه للبلدين بشن حرب واسعه على اليمن لردعه ولردع الأخرىن وشكلت تحالفا من اجل ذلك. وعندما عمدت قوات حزب الله العراق باستهداف قاعده المراقبه 404 في شمال شرق الأردن , لم تكتف أمريكا برد متناسب ,بل بدات بحمله قصف جوي عسكريه متواصله لمواقع المقاومه في سوريا والعراق بما في ذلك استخدام القاذفات الاستراتيجيه (ب1) المنطلقه من أمريكا , بل واغتيال قياداتها كما جرى في بغداد لقائدين لكتائب حزب الله العراق ابوباقر الساعدي وراكان العلباوي , في توجه أميركي لعمليات عسكريه واسعه في العرق وسوريا ولبنان واليمن بمشاركه إسرائيل " وحلفائها الغربيين .
التحالف الأميركي "الإسرائيلي" للهيمنه على المنطقه
من الواضح ان كلا من أمريكا وإسرائيل وحلفائهما يوظفون الحرب الدائره لاقامه تحالف لتصفيه القضيه الفلسطينه وحلفائها في محور المقاومه , باعتبارها العدو الأساسي لهم وما يدعونه بالإرهاب الذي يهدد المنطقه والاستقرار وبالتالي يعيق التعاون والتقدم . من هنا فان في قلب المفاوضات من اجل إيقاف حرب غزه وتبادل الرهائن , تحقيق اكبر قدر من الأهداف " الإسرائيلية "والاميركيه وفي مقدمتها توسعه تطبيع علاقات الكيان الصهيوني مع الدول العربيه وفي مقدمتها الخليجيه مقابل تعهد لفظي "إسرائيلي " بدوله فلسطينيه منزوعه السياده والسلاح.وهاهو قد مضى اكثر من 30 عاما على اتفاقيه أوسلو والدوله الفلسطينيه على 22% من فلسطين لازالت وهما , فما يضير "إسرائيل" ان تزرع وهما اخر. ويهدف ذلك في الأخيرالى سيطره اميركيه صهيونيه على المنطقه العربيه او "الشرق ألاوسط الجديد "الذي يبشر به قاده اميركا والكيان الصهيوني باستمرار.
رهانات متصادمه
يراهن الكيان الصهيوني على انهيار المجتمع الفلسطيني في قطاع غزه والذي يفتك به الجوع والاوبئه والاباده حيث دمرت غالبيه غزه وتحول اكثر من 85% من سكانها الى نازحين يعيشون في الخيم او العراء في ظل البرد القارس والامطار وتحت القصف "الإسرائيلي" حيث لامكان امن في غزه والشهداء والمصابين بالمئات يوميا مما يشكل ضغطا على المقاومه الفلسطينيه . وفي ذات الوقت فان المقاومه مستمره وفاعله .كما تراهن "إسرائيل" على استمرار التخاذل العربي مقابل الدعم الأميركي والغربي وتحصين "إسرائيل" واعطائها الوقت والدعم لتنفيذ مخططها,واقراره من خلال تسويه بالاكراه.
بالمقابل فان الحرب الخاطفه التي خططت لها "إسرائيل"لتصفيه المقاومه واحتلال غزه وتهجير سكانها لم تنجح وهاهي تتحول لحرب استنزاف . معركه 7 أكتوبر 2023 الخاطفه وجهت ضربه قويه "لإسرائيل" وجيشها الذي لايقهر ومخابراتها الاسطوريه. ثم جاءت الحرب لتثبت المقاومه المنطلقه من الانفاق قدرات فائقه في الحاق خسائر هائله بقوات العدو الضخمه لم تتعرض لها في حروبها السابقه مع الدول العربيه.وشكلت قضيه الرهائن معضله "لإسرائيل " فلا هي قادره على "تحريرهم" ولا هي تقبل بعمليه تبادل ضمن صفقه إيقاف الحرب . وهاهي حركه أقارب الرهائن تتحول الى حركه احتجاجيه تشق المجتمع الإسرائيلي .
تمخضت المفاوضات فيما بين "إسرائيل"وامريكا والوسطاء العرب ,مصر وقطر ,عن التوصل لاتفاق باريس حول حرب غزه , لوقف الحرب وتبادل الرهائن وتفعيل الاغاثه وغيرها .وقد ردت حماس بعد الاتفاق مع فصائل المقاومه الفلسطينيه على التعاطي إيجابيا مع صيغه باريس ولكن بخطه تفصيليه وتكون مضمونه من عده دول لانهاء الحرب والاحتلال :الإسرائيلي"وتبادل الرهائن واعمال الاغاثه وغيرها وهو مالقي ترحيبا دوليا واسعا.
ورغم ماتطرحه واشنطن من سعيها للتوصل الى حل وجولات وزير خارجيتها وكبار مسؤؤليها المكوكيه , الا ان حكومه نتنياهو لازالت ترفض الحل بوقف الحرب وتصر على مواصلتها وارتكاب مجزره مروعه في رفح وتحقيق كامل أهدافها المعروفه .ومن الواضح ان أمريكا لن تضغط على "إسرائيل" وستضل تدعمها بالكامل واخرها اعتماد 17 مليار دولار لدعم "إسرائيل" فيما تتحدث عن تقليل خسائر المدنيين واعمال الاغاثه وحديث الدولتين الفارغ.
الكيان الصهيوني مدعوم من قبل أمريكا والغرب, وفلسطين تحضى بدعم عدد محدود من قبل دول شريفه قليله. ولكن مقابل اللوبي الصهيوني الاخطبوط ودعم الدول والقوى الغربيه,هناك حركه احتجاجيه جماهيريه وشبابيه ونخب لاسابق لها تجتاح الغرب و تتوسع وتضغط لدعم فلسطين والمقاومه وتفضح الكيان الاستيطاني العنصري وحرب الاباده وتواطئ أمريكا والغرب ’, بل شراكتهم للكيان الصهيوني في جرائمه طوال 75 عاما وخصوصا في هذه الحرب.انه صراع سيترتب عليه ليس مصير فلسطين وحريتها بل حريه العالم على المدى الطويل لتستعيد الانسانيه انسانيتها وقيمها.