أسباب تراجع الطلب على العمل عن بعد ؟
بقلم : محمد الانصاري
تراجعت الإعلانات التي تطلب عاملين عن بعد ، وهذا الإنخفاض لم ينحصر على البحرين او دول الخليج العربي ، بل أصبحت ظاهرة اجتاحت العالم كله ، وعلى سبيل المثال فان اعداد الشواغر المعروضة على منصة LinkedIn التي تطلب موظفين عن بعد شهدت تناقصاً بشكل كبير وملحوظ، وقد شمل ذلك أيضاً الوظائف التي تتناسب بطبيعتها مع العمل من المنزل جزئياً أو كليا.
التراجع في أعداد وإعلانات الوظائف التي يمكن شغرها من المنزل ظاهرة غريبة يصعب تفسيرها للوهلة الأولى ،فلقد أظهرت هذه النتائج أرقاما مخالفة لكل التوقعات التي كانت تنبي بان العمل من المنزل سوف يتوسع شيئاً فشيئاً ليشمل قطاعات جديدة ، كما انها جاءت عكس رغبة وأماني الكثير من الناس الذين يفضلون العمل من بيوتهم ، ويظهر ذلك في المسح الميداني الذي قامت به شركة بريز والذي شمل ١٠٠٠ عامل في مختلف القطاعات ، وكانت من ابرز نتائجه ترحيب ٦٥٪ من العاملين بخفض ٥٪ من أجورهم مقابل تأدية نفس أعمالهم بشرط ان تكون من المنزل.
تعود اسباب خفض الوظائف المعروضة عن بعد لمعطيات كثيرة ، من أهمها زيادة المخاطر الأمنية التي قد تحيط بالعمل خارج مواقع العمل الرسمية ، حيث يعتقد ٥٤٪ من خبراء تكنولوجيا المعلومات أن العاملين عن بُعد يمثلون مخاطر أمنية أكبر من العاملين في مواقع العمل وذلك حسب المسح الذي نفذته OpenVPN والذي كان يركز على الامن السيبراني في بيئة العمل ، كما قد يكون لضعف وسائل إدارة و مراقبة الإنتاجية وتكاليف أدوات العمل عن بعد اثراً في تراجع اعداد الوظائف المنزلية.
اما اسباب تناقص هذه الشواغر في مملكة البحرين قد تكون مختلفة، فغياب التشريعات الوطنية التي تنظم هذا النوع من العمل، و ضعف ثقافة اصحاب العمل وعدم معرفتهم الحقيقية للفوائد التي يمكن أن يجنوها من العمل المنزلي ، كلها اسباب كبيرة تعرقل نمو فرص العمل او الاستثمار المنزلي ، فضلاً عن ان تأخر كلا السلطتين التنفيذية والتشريعية في صياغة رؤية وتوافقات حقيقية لتشجيع هذا النوع من العمل الذي قد يساهم في حل مشكلة البطالة في البلاد.
غياب المبادرات الملموسة من قبل غرفة تجارة وصناعة البحرين بصفتهم أصحاب القرار ، وتباطؤ ديوان الخدمة المدنية عن إعلان المشاريع الداعمة للعمل المنزلي المنضبط ، وإصرار الشركات على حضور موظفيها الجسدي رغم عدم وجود فائدة حقيقية لحضورهم ، وعدم توفير الحكومة الأرضية الملائمة لحث اطراف الانتاج على الانخراط في مناقشة هذا الموضوع الهام والحيوي على المستوى الوطني ، كلها أسباب إضافية ساهمت في المزيد من تراجع فرص العمل من المنزل.
ختاماً
١- ضرورة بدء الحكومة في مناقشة اطراف الانتاج حول سبل تعزيز استفادة المواطنين من فرص العمل عن بعد.
٢- تشجيع الشباب على القبول بالأعمال والمشاريع التي لا تتطلب الحضور الفعلي.
٣- تشجيع غرفة تجارة وصناعة البحرين و الاتحادات العمالية على الانخراط في حوار وطني شامل يتناول هذا الموضوع من كافة الجوانب.
٤- البدء في صياغة السياسات والتشريعات اللازمة لضبط وإدارة هذا النوع من الأعمال.