بقلم : محمد الانصاري
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية سيطرت أمريكا على العالم ، واستمر هذا الوضع حتى الان ، وفي السنوات الأخيرة زادت توقعات المحللين الاقتصاديين في الشرق بان هذه القوة تتجه نحو الانهيار العظيم ، رغم اتفاقهم بأن الولايات المتحدة لا تزال تعد أكبر قوة اقتصاديّة في العالم ، فوفقًا للبيانات الحالية تحتل المرتبة الأولى في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) العالمي، حيث بلغت قيمة GDP الأمريكي حوالي 21.43 تريليون دولار في عام 2019. [مصدر: صندوق النقد الدولي].
لكي نكون متزنين في تقيمنا لأداء الاقتصاد الأمريكي لابد ان نكون واقعيين ، ولا نتخيل أن انهيارها سوف يكون في ليلة وضحاها ، بل يجب ان ندرك جيداً بانها سوف تمرّ بمراحل عديدة أهمها ضعف اقتصادها الوطني وانتهاء سيطرتها على السوق المالية العالمية ، فهي تواجه حالياً الكثير من التحديات الاقتصادية في هذه الفترة، والتي تتأثر بعدة عوامل مختلفة. فيما يلي نستعرض بعض هذه التحديات الاقتصادية مع ذكر الأرقام والمصادر المتعلقة بها:
1. تأثير جائحة كوفيد-19:
- ارتفاع معدلات البطالة: وفقًا لإحصاءات وزارة العمل الأمريكية، وصل معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 6.2٪ في فبراير 2021. [مصدر: US Bureau of Labor Statistics]
- انكماش الناتج المحلي الإجمالي (GDP): تراجع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 3.5٪ في الربع الثالث من عام 2020. [مصدر: مكتب التحليل الاقتصادي الوطني الأمريكي]
2. التوترات التجارية:
- حرب التعريفات الجمركية مع الصين: تسببت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في فرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من الصين بقيمة تزيد على 360 مليار دولار. [مصدر: مكتب التمثيل التجاري الأمريكي]
3. الدين العام الكبير:
- الدين العام للولايات المتحدة: وفقًا للبيانات الحكومية، بلغ الدين العام للولايات المتحدة 27.9 تريليون دولار في فبراير 2021. [مصدر: مكتب إدارة الميزانية الأمريكي]
4. التحديات الاقتصادية الهيكلية:
- انخفاض معدل النمو الاقتصادي: تواجه الولايات المتحدة تحديًا في تحقيق معدل نمو اقتصادي مستدام، حيث بلغ متوسط النمو الاقتصادي للولايات المتحدة 1.8٪ في الفترة من 2010 إلى 2019. [مصدر: مكتب التحليل الاقتصادي الوطني الأمريكي]
رغم كل ما ذكرناه إلا انه لا توجد حتى الآن أية أدلة قوية تشير إلى بدء عصر نهاية الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي رغم اعتقادنا بان ذلّك بالتأكيد سوف يحصل ، فظهور اقتصادات ناشئة ونمو بعض الدول مثل الصين واليابان والهند لم تنهي احتفاظ الولايات المتحدة بقوتها الاقتصادية وتأثيرها العالمي ، فهي تمتلك قوة عسكرية قوية، وتتمتع بنظام مالي ومؤسسي متقدم، وتعد مصدراً رئيسيًا للتكنولوجيا و التحولات العلمية والصناعية الجديدة.
أن الاقتصاد العالمي يتغير باستمرار ويشهد تحولات وتحديات جديدة. قد تتجه نحو تعددية القوى الاقتصادية وتزايد أهمية الاقتصادات الناشئة، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة انتهاء الهيمنة الأمريكية السريع ، لذا يجب أن نكون حذرين في استخدام المصطلحات المطلقة والادعاءات بشأن تقليص حجم الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي أو انتهاء الهيمنة الأمريكية ، فالاقتصاد العالمي هو نظام معقد يتأثر بعدة عوامل وعلاقات، ويتطلب تحليل ودراسة عميقة لفهم التطورات الحالية والمستقبلية.