استقال وزير العدل البلجيكي فنسنت فان كويكنبورن من منصبه وقد ذيل استقالته بعبارة شجاعة قال فيها " أنا لا أبحث عن أية أعذار، وأعتقد أن من واجبي أن أستقيل " ، قدم الوزير استقالته بسبب حدث ارهابي مأساوي قام به متطرف ، أدى الى قتل شخصين بالرصاص في بروكسل هذا الأسبوع ، وقد كان المتطرف رفض طلب اللجوء الذي تقدم به لبلجيكا قبل مدة بناءً على معلومات محددة ، كما أن الحكومة التونسية طالبت بتسلمه وقد تم إرسال هذا الطلب منذ سبتمبر ٢٠٢٢ ميلادية.
فيما شرح الوزير أسباب وحيثيات استقالته قائلا أن "القاضي المسؤول لم يتابع طلب تسليم الجاني"، وقال أيضاً : "إنه خطأ فردي وخطأ هائل وغير مقبول" ، واضاف وزير العدل البلجيكي لدى إعلانه تقديم استقالته إلى رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو : "لقد كان خطأ له عواقب وخيمة ، أنا لا أبحث عن أية أعذار، وأعتقد أن من واجبي أن أستقيل.. هذه المعلومات الجديدة الواردة من النيابة العامة صدمتني بشدة، لأنني بذلت كل ما في وسعي لتحسين النظام القضائي".
هل سمعتم عن استقاله قدمها وزير او مسئول في العالم العربي ؟! ، هل سمعتم عن محاسبة حقيقية لمسئول كبير في دولنا حتى في الحلم ؟! ، هل سمعتم تحمل اي مسئول او قائد عربي لاي حادث او خطاء واستعداده للمحاكمة حسب القانون ؟! ، هل اعترف اي شخص من البشوات او البهوات او الشيوخ او الأمراء عن مسئوليته عن الحروب أو إنهيار السدود او عن تفشي الرشوة والفساد والمحسوبية ؟! هل خرج اي قائد أو زعيم أو وزير أمام شعبه نادماً معتذراً عن خطأً حصل و قدم مثل وزير العدل البلجيكي توضيحاً لما جرى ثم استقال ؟! .
الا يجب ان يستقيل المسئولين في العراق وسوريا بعد سيطرة داعش على ثلثي أراضيهم وهم نيام ؟! ، الا يجب ان يستقيل المسئولين في تونس بعد حوادث القتل الارهابية التي أدت لإزهاق عشرات ارواح السواح الأبرياء ؟! الا يجب ان يستقيل المسئولين عن المواصلات بعد حوادث تصادم القطارات المتكررة في مصر ؟! الا يجب أن يستقيل المسئولين في الخليج بعد ان سيطر الأجانب على أكثر من نصف فرص العمل فيها وصار الآسيويين أكثر من عدد مواطنيها الأصليين ؟! الا يجب ان يستقيل المسؤلين في السودان بعد ان تم تقسيم البلد الى نصفين متحاربين ؟! الا يجب ان يستقيل المسئولين في اليمن بعد ان تسببوا في إشعال البلد بحرب اهليه أحرقت الأخضر واليابس ؟!
من لا يتحمل المسئولية ليس اهلاً لها ، ومن ليس لديه شجاعة الاعتراف بالتقصير والخطأ لا يستحق الاحترام ، ومن لم يستوعب من الدروس ويستعين بالشجعان الشرفاء " اذا فات الفوت لا ينفع الصوت " ، اما الشعوب فقد أصبحت أكثر وعياً وأكثر حكمة ، كما صارت الشعوب العربية تغير من لا يحترم نفسة و يحترم قيم الشعب وتطلعات الأمة ، وما قد جرى في العراق و مصر وتونس وليبيا واليمن و ما يجري حتى اليوم من حراك شعبي عربي هدفه الوحيد تعيين وزراء ومسئولين على قد حالهم يشد بهم الظهر و يحترمهم الشعب مثل السيد فنسنت فان كويكنبورن وزير العدل البلجيكي المستقيل.
ختاماً :-
١- لابد ان يتسم المسئول بالشجاعة الأدبية في إتخاذ القرار ، ولا بد إذا أخطأ او قصر أن يكون قادراً على الاعتراف بالخطأ والاعتذار والاستقالة.
٢- القيادي الذي يبقى في منصبه رغم فشله لابد ان يزاح لأن بقائه ليس من أجل البلد أو المصلحة الوطنية ، إنما بقائه من أجل مصلحته هو فقط.
٣- الحكومات التي تستبقي المقصرين سوف تتحمل أعبائهم ، و الشعوب التي تسكت عن إستمرار الفشلة سوف تتحمل عواقب قيادة الفاشلين دولهم.
٤- العائلة او المال او الانتماء السياسي او الحزب كلها لا تعطي حصانة لأحد ، فلا يوجد أحد في الكون لديه حصانة من المحاسبة.