بقلم : علي صالح
يبدو ان وزارة الاسكان بثوبها الجديد في وضع حرج فلا تستطيع ان تقول الحقيقة عن هذا الوضع الذي ورثته وليس بامكانها ان تقدم معالجات مقنعة لما لديها لما لديها من طلبات متراكمة سواء على المستوى الوطني او المناطقي والتي دأب النواب على تقديمها كأسئلة الى الوزيرة وتركزت على عدد الطلبات الاسكانية في دائرة النائب والاجراء الذي تنوي الوزارة اتخاذه حيالها ..
وانه بدلا من ان تواجه الوزارة ( الجديدة ) الحقيقة وتصارح المواطنين في شهر ديسمبر بالاعلان عن مجموع الطلبات المتراكمة لديها والتي تقسم عادة على طلبات البيوت والشقق والقروض والقسائم ومن ثم توزع هذه الاعداد المتراكمةعلى السنوات الماضية وحتى سنة 2023 وتبين بعد ذلك تقسيم على المحافظات ..
فمثل هذا الاعلان السنوي هو الذي تعود عليه شعب البحرين منذ اواخر ستينيات القرن الماضي ، وبناء على هذا الاعلان يتقاطر المواطنون على وزارة الاسكان اما لتجديد وتأكيد طلباتهم اولمعرفة مواعيد حصولهم على طلبهم الاسكاني ، حيث تكون ابواب وزارة الاسكان مفتوحة والمراجعين يتنقلون فيها من قسم الى اخر دون حواجز ومنع وابواب موصدة واجراءات أمنية مشددة كما هو الحال اليوم .
وهذه العلاقة بين المواطن الذي يحتاج الى سكن يأويه هو وعائلته وبين الدولة ممثلة في وزارة الاسكان مدعومة بحق قانوني ودستوري يؤكدان على مسؤولية وواجب الدولة في توفير السكن اللائق للمواطنين من ذوي الدخل المحدود ، وبالامس اقرت اكثر من وزارة بان مداخيل هؤلاء تصل الى 1500 دينار، على ان يحصل المواطن على مسكنه بسعر التكلفة وبدون فوائد ولا اتعاب .
وتأكيدا على هذا الحق قامت الدولة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي بانشاء المدن الاسكانية التي تستوعب عشرات ومئات الالاف من المواطنين ، بدأت بمدينة عيسى ثم مدينة حمد ، وجرى التوسع في هاتين المدينتين ثم بدأ العمل في المدينة الشمالية ( مدينة سلمان) والتي كان يفترض ان تصبح بندقية البحرين بعد ان تنتهي ..
لكن العمل في هذه المدينة تأخر سنوات واختلطت الامور بين الاراضي المغمورة والتي ستبنى عليها بيوت للمواطنين اصحاب الطلبات الاسكانية وبين اصحاب النفوذ والشركات العقارية ، وغدا الناس يتساءلون متى ينتهي بناء هذه المدينة وكم عدد الوحدات السكنية ولمن ستسلم بيوتها .
واسئلة مدينة سلمان تنطبق على مدن خليفة وشرق الح وشرق سترة والتي تم تحديد عدد وحداتها الاسكانية المستهدفة قبل اكثر من عشر سنوات بناء على عدد الطلبات المتراكمة لدى وزارة الاسكان وجرى تخصيص المبالغ اللازمةلتجهيزها من من المارشال الخليجي بناء على طلب الحكومة .
ومن جانبها كانت الحكومة تعلن بين الفينة والاخرى بأنها ستبني 40 الف وحدة سكنية و 30 ألف وحدة ، وفي برنامج الحكومة للاعوام (2019-2022 ) التزمت الحكومة ببناء 25 الف وحدة سكنية وبتمويل من المارشال الخليجي ،وعندما جاءت وزارة الاسكان الجديدة في نهاية 2022 لم تقل للمواطنين الذين ينتظرون ماذا حصل لتلك الالاف من الوحدات السكنية وهل هي موجودة في المدن التي مضى عليها سنوات تبنى بلا نهاية.
وزارة الاسكان تجاهلت حقوق المواطنين التي اقرها القانون والدستور وتجاهلت الطلبات الاسكانية المتراكمة عندها منذ سنوات طويلة وتجاهلت المدن التي تبنى باموال المارشال الخليجي والتي لاتدخل ميزانية الدولة ، تجاهلت هذا كله وخرجت علينا بحلول اسكانية مبتكرة وخاصة باصحاب الطلبات الاسكانية الحديثة .
حلول غريبة قذفت بالمواطن الذي ينتظر سنوات طويلة حصوله على سكن ، قذفت به كالكرة بين بنك الاسكان والبنوك التجارية والشركات العقارية وخرجت هي كوزارة وكحكومة مسؤولة من تحمل مسؤوليتها تجاه المواطن ، واخذت تروج اعلاميا ان المواطنين تهافتوا على التسجيل في عروضها المبتكرة والواعدة .
والمواطنين من جانبهم يصرخون كيف لنا ان نقترض وان نسدد اقساطا وفوائد لبنك الاسكان ولبنك تجاري اخر وكيف لهذا المبلغ لو حصل ان يغطي ماتطلبه الشركة العقارية لتجهيز مسكني اللائق والملائم والمتميز كما تقول وزارة الاسكان .
الوزارة بدورها لم تيأس وواصلت السير في طريق الايهام بتقديم خدمات اسكانية لائقة ومتميزة وملائمة وفاجأتنا مؤخرا بتصريح يقول انها تعمل على اعداد جدول زمني لتنفيذ خطة تلبية الطلبات ذات الاقدمية باسرع وقت ممكن وبما يتوافق مع برنامج الحكومة 2023- 2026 بشأن توفير خدمات اسكانية لائقة ومتميزة للمواطنين ، وواصلت تصريحها قائلة : لقد صدر لنا امر من مستوى عال بتخصيص ميزانية اضافية لتمويل الحلول والخيارات البديلة بشأن اصحاب الطلبات الاسكانية القديمة لعام 2004 وما قبله .. ثم عادت في وقت لاحق لتعلن انها تشمل ايضا طلبات 2002 .
والملفت للنظر ان الوزارة تتحدث عن ميزانية اضافية ولم تقل لنا ما هي الميزانية الاصلية ومتى صدرت وتلبي ماذا وبعد ذلك تبين لنا مبلغ الميزانية الاضافية التي لاقت ترحيبا وتأييدا من عدد من النواب والشوريين ابدع مركز الاتصال الوطني في اخراجها وتوزيعها على الصحف !
فالمعروف منذ عدة سنوات انه لايوجد مخصص لوزارة السكان في الموازنة العامة للدولة غير المبالغ الزهيدة التي توضع عادة في باب الدعم الحكومي المباشر والتي تتضمن دعم برنامج الاسكان ( علاوة الايجار ) ودعم برنامج الاسكان ( تخفيض الاقساط الاسكانية ) .
لكن بناء المدن السكنية كما اسلفنا تمولمن المارشال الخليجي منذ عام 2011 ومبالغ المارشال التي تبلغ سنويا 750 مليون دولار لاتدخل الموازنة العامة للدولة ، بل ان ايرادات وزارة الاسكان من القساط والايجا رات وغيرها لاتدخل موازنة الدولة ، فعن اي ميزانية تتحدث وزارة الاسكان واي ميزانية اضافية وضعت على ميزانية اصلية ووهمية !!
ولانها في شكلها الاصلي والاضافي ميزانية وهمية فقدقدمت وزارة الاسكان لاصحاب الطلبات القديمة والتي نفض عنها الغبار بعد 25 و 30 سنة انتظار، قدمت لهم ثلاثة عروض يختارون منها واحدا ، اما شقة سكنية واما قسيمة واما قرض بمبلغ 40 الف ديناروكلها عروضا مشروطة
وباختصار فكل هذه العروض والاوهام هي تغطية لفشل الحكومة ممثلة بالاسكان في الوفاء بالتزاماتها والتكفل بمواصلة تشييد المدن الاسكانية وتزويد المواطن بالمسكن اللائق خلال حياته والتحلي بالشفافية في كشف عدد الطلبات المتراكمة في الوزارة وتبيان الجهات التي صرفت لها اموال ومخصصات المارشال الخليجي .