بقلم : علي صالح
خلال الأيام الماضية مررنا بعدد من الأحداث والتطورات والمواقف الحكومية التي اتسمت في عموميتها على معادات التخطيط والشفافية وتطوير البنية التحتية وعدم الاهتمام بحل أزمة الإسكان المزمنة وانكار الحقوق الاجتماعية للمواطنين والمضي قدما في هيمنة الحكومة على الإعلام ًتمثلت هذه التطورات في الأمثلة التالية
1- استعدادات واستنفارات لهطول الأمطار ولما هطلت تمخضت عن بحيرات في الشوارع وفي أحياء سكنية نبعت المياه من تحت أساساتها وجرفت أثاثها وسياراتها
والمخزن ان هذه الأضرار الكبيرة التي حلت بالممتلكات والسكان ليست جديدة فقد تكررت من قبل كثيرا وفي مناطق وشوارع تم استصلاحها اكثر من مرة في السابق دون جدوى اعرف منها بحيرتين في شارع بغداد بمدينة عيسى عمرها 54 سنة وبحيرة أخرى في المحرق عمرها 40 سنة تحدث عنها الشيخ ابراهيم بوصندل ولاننسى ما جرى في اللوزي وهو كارثة مزمنة وغيرها الكثير
والغريب ايضاً هو ان تكرار هذه الإضرار والآلام إلا يتطلب من الحكومة الرشيدة المبادرة بمحاسبة الجهات المعنية في الحاضر والماضي فالقضية متكررة والمحاسبة الجادة تتمثل في ابسطها بالاستقالة والبقاء في المنصب وعدم محاسبة الجهة المقصرة يعني ان السنوات الأربعين والأربعة والخمسين ستستمر في الزيادة مستقبلا
2- ماينطبق على كارثة الأمطار ينسحب على كارثة الغازات من خزانات سترة ومصنع التكرير في المعامير وهذه الكارثة ليست جديدة وقد عانى منها المواطنون في تلك المناطق من الأمراض على مدى سنوات وليست هذه المرة الأولى والأخيرة وقد هجرها المواطنون إلى مناطق بعيدة والحكومة الرشيدة صامتة تتعامل مع هذه الكارثة باعتبارها امر عادي والسكان هناك تعودوا عليه
ونتيجة لتكتم الحكومة وشركة بابكو والصحة على ماجرى ومايكون ان يترتب عليه في المستقبل لفت نظري تصريح لوزارة الصحة ذكر فيه تسجيل الوزارة عدد 1180 إصابة بالسرطان في عام 2021 وفي عام 2022 بلغت هذه الإصابات 1146 إصابة وهي أعداد مخيفة في دولة لا يتجاوز عدد سكانها من المواطنين 800 ألف نسمة
مرة أخرى حل مشكلات خطيرة كهذه ليس بالتستر عليها والتقليل من قيمتها وإنما بمحاسبة المتسببين لها وفي تدهور صحة الساكنين لهذه المناطق باعتبارها مشكلات صحية مزمنة
3- قبل أيام ايضاً أبلغت وزارة الإسكان مجلس النواب ان هناك خمسين ألف مواطن ينتظرون على سجلات الوزارة للحصول على وحدة سكنية ولم تقل صراحة ان أغلبيتهم ينتظرون لأكثر من عشرين سنة وان الطلبات التي تتلقاها الوزارة سنويا تفوق كثيرا ماتنجزه من وحدات سكنية في المدن الإسكانية القديمة الجديدة والتي مضت عليها سنوات طويلة منذ بدء البناء فيها على الرغم من أنها ممولة من المارشال الخليجي
وهذا يعني ايضاً ان وزارة الإسكان وجدت أصلا لتوفير مساكن مناسبة من حيث التكلفة لذوي الدخل المحدود غير أنها هربت من هذه المهمة بإحالة المواطنين إلى برامج تتكفل بها البنوك التجارية وشركات التطوير العقاري وهو مايعد هروبا من الحقوق الاجتماعية الملقاة على عاتق الوزارة ومن ثم الحكومة
4- من اطرف ما قرات هذا الأسبوع ما قالته وزارة المالية في ردها على استفسارات اللجنة المالية بمجلس النواب حول الحساب الختامي للسنة المالية 2022 من ان ابرز أسباب تجاوز المصروفات المتكررة الفعلية مقارنة بالميزانية المعتمدة يعود إلى ارتفاع الصرف على بنود الدعم الاجتماعي
هذا في الوقت الذي يعمل فيه مجلسا النواب والشورى منذ عام 2018 على زيادة الدعم الاجتماعيين جميع مجالاته بتشكيل لجان مشتركة مع الحكومة التي تماطل حتى ينتهي الدور التشريعي ويبدا دور جديد دون جدوى لدرجة ان بعض النواب استقالوا احتجاجاً على مماطلة الحكومةفي إعطاء اجوبة على استفسارات أعضاء اللجنة المشتركة المتعلقة بزيادة مخصصات الدعم الاجتماعي وبما يتناسب مع غلاء المعيشة وتدني الأجور وزيادة التضخم وكذلك مع تعهدات الحكومة في برنامجها الخالي من الدسم
والصحيح ان المصروفات المتكررة ترتفع مع كل موازنة عامة سواء انخفضت الإيرادات أو زادت وهذه حتمية لدى الحكومة منذ سنوات بعيدة حتى اصبحنا معتادين على تساوي المصروفات المتكررة مع الإيرادات النفطية
بل ان حصة الأسد من المصروفات المتكررة هي في باب الرواتب والأجور الذي يتضخم باستمرار بسبب زيادة عدد الوزارات والموظفين الذين تجري زيادتهم كل شهر تقريبا بالإضافة إلى المستشارين برتبة وزير دون ان يتوقف احد للمقارنة بين هذا التضخم في الوزارات والوزراء والإنتاجية المتدنية باعتراف الجميع
وبما ان ميزانية الأسرة هي المقياس الأساسي الذي يوضع لمعرفة مدى مناسبة الدعم الاجتماعي وبالأخص الحد الادنى للأجور فآخر ما أعلنته وزارة الداخلية التي أصبحت ميزانية الأسرة من اختصاصها هو أنها ستقوم بإرسال فريق لأخذ عينة من مدخولات ومصروفات اسر بحرينية واجنبية تقودها لمعرفة معدل ميزانية الأسرة المنتظرة منذ سنوات وهو ما سيقلل من هذا المعدل وبالتالي من مستوى الحد الادنى للاجور
ثم أي دعم اجتماعي هذا الذي تقدمه الحكومة عندما تستولي على علاوة المتقاعدين وعى ملايين الدنانير من حساب الأجيال وعلى 200 مليون دينار من حساب التعطل قيل لنا إنها ستذهب إلى تمكين التي كانت قد أعلنت ميزانيتها وبرنامجها قبل شهر دون إشارة إلى نقص تغطيه من صندوق التعطل اوغيره
بقيت الإشارة سريعا إلى موضوعين
الأول يتعلق بمجلس النواب الذي جعلته الحكومة مجلس اقتراحات بدل ان يكون مثل غيرهما المجالس النيابية في العالم مجلس تشريع يصدر القوانين والقرارات ويحيلها للحكومة للتنفيذ وليس لإعادة صياغتها ومن ثم اختفاء اثرها
والموضوع الثاني يتعلق بتمادي الإعلام في كبت حرية الصحافة وجعل تلفزيون الدولة لكيل المديح وبعيدا عن التعبير عن تطلعات الشعب ومن ثم تضخيم عدد وصلاحيات مركز الاتصال الوطني وهو ما ادى إلى نفور الشعب من الاهتمام بالصحافة المكتوبة ومتابعة التلفزيون