DELMON POST LOGO

الحركه الاحتجاجيه الطلابيه الاميركيه تواجه القمع الشامل

بقلم : عبد النبي العكري

لعل مايجري في جامعه كولمبيا يختصر مايجري في الولايات  المتحده من مواجهه  مابين الحركه الاحتجاجيه الطلابيه  المناصره لفلسطين والمعارضه للتحالف الأميركي "الإسرائيلي " الصهيوني من ناحيه ومؤسسات السلطه في الدوله والمجتمع الأميركي بمختلف تفرعاتها.

في تطور نوعي لحركه الاحتجاجات الطلابيه الجامعيه المناصره لفلسطين والتي انطلقت من جامعه كولمبيا المرموقه في نيويورك ,اقدم الطلبه المحتجون الى الاعتصام باقامه مخيم في  فضاء الجامعه والذي اضحى يستقطب مزيدا من المحتجين وتلقى فيه الكلمات التضامنيه وتجرى المناقشات  لابعاد حرب  الاباده من قبل الكيان الصهيوني بمشاركه اميركيه وغربيه ضد الشعب الفلسطيني ,وانضم اليهم اساتذه واكاديميين وعاملين من الجامعه .ويعيد هذا الحراك الى الاذهان الاحتجاجات الطلابيه الجامعيه ضد الحرب الاميركيه في فيتنام في الستينيات والتي انطلقت من جامعه كولمبيا أيضا وامتدت للجامعات الاميركيه عبر الولايات المتحده والتي أسهمت في الاتسحاب الأميركي من فيتنام في عهد نيكسون.

ومن المهم هنا التنويه الى ان شعارات ومطالب المحتجين قد تطورت أيضا .فالى جانب المطالب السابقه بوقف الحرب "الاسرائيليه " على غزه  والحريه لفلسطين ووقف الدعم الأميركي المطلق للكيان الصهيوني ,فقد طرح مطلب وقف التعاون مع الكيان الصهيوني وجامعاته , ووقف الاستثمار في الكيان الصهيوني والشركات الاميركيه الداعمه له والمتورطه في الحرب .كما طرحت في النقاشات طبيعه النظام الأميركي الذي يعيش على الحروب والاستغلال ويدعم الانظمه الفاشيه مثل الكيان الصهيوني. وهنا صعدت مؤسسه السلطه من المواجهه فاستدعت رئيسه الجامعه د.نعمت شفيق للمثول والاستجواب امام لجنه التعليم في مجلس النواب والذي طالبها بطرد الطلبه والاساتذه المعتصمين  بانهاء حركه الاحتجاج بل ان بعضهم طالبها بالاستقاله . وبالفعل فقد طلبت د. شفيق قوات الامن بالتدخل دون  موافقه مجلس الجامعه,حيث تابعنا جميعا اقتحام الشرطه بكل تجهيزاتهم القتاليه  لحرم الجامعه واعتداءاتهم  العنيفه على الطلاب بالضرب واعتقال مايزيد عن ماءه منهم واحالتهم للتحقيق والمحاكمه.مجلس الجامعه وبخ رئيسه الجامعه لاستدعائها للشرطه وماترتب عليه من هدر حرمه الجامعه وانتهاك فاضح لحقوق طلابها والاعتداء عليهم مما ترتب عليه من تداعيات خطيره.

وكما ان الاحتجاجات التي بدات في جامعه كولمبيا  قد انطلقت منها لتجتاح الجامعات الاميركيه ,فان ماتعرض له الطلبه والمدرسين  المعتصمين في كولمبيا اطلق حمله واسعه للتضامن معهم واستنكار ماجرى لهم  من قمع واعتقال من قبل الشرطه حيث اجتاحت ظاهره الاعتصام واقامه مخيمات احتجاجيه العشرات من الجامعات الاميركيه عبر الولايات المتحده .

اما الوجه الاخر للقمع الرسمي فيتمثل في تبني السلطه لاجنده الكيان الصهيوني واللوبي "الإسرائيلي" والحركه الصهيونيه وهو ان الحركه الاحتجاجيه معاديه للساميه ولليهود ول"إسرائيل" كما هي معاديه لآمريكا ذاتها .من هنا اقر الكونجرس الأميركي قانون باعتبار  معاداه للصهيونيه بانها معاداه للساميه يتوجب تجريمها .كما جاءت التصريحات الرسميه للقاده الاميركين في مؤسسات السلطه باستنكار وادانه الحركه الاحتجاجيه والدعوه لقمعها .من هنا أتت خطوره قيام رئيس مجلس النواب مايك جونسون (المحسوب على ترمب) بزياره الى جامعه كولمبيا محاطا بحراسه مشدده ومخاطبه المحتجين بعنف واتهامهم  بمعاداده الساميه واليهود وإسرائيل  وامريكا وعدم الوطنيه والفوضويه  مهددا بانهاء الاعتصام بالقوه .

بالطبع فان ذلك يمثل سابقه خطيره في تدخل فاضح للسلطه التشريعيه والتنفيذيه والامنيه في الجامعات والمؤسسات الاكاديميه وهدر استقلاليتها انصياعا لمصالح دوله اجنبيه " الكيان الصهيوني" وعلى حساب مصالح أمريكا ودستورها وشرعيتها  وقيمها.

وكما جرى من انتهاكات فاضحه في جامعه كولمبيا فقد اجتاحت موجه كاسحه من التشهير والعقوبات واقتحامات قوات الامن والحرس الوطني جميع الجامعات الاميركيه التي تشهد الاعتصامات وجرى التنكيل بالطلبه والاساتذه والاكاديميين المعتصمين  بشكل وحشي لاسابق له. بل ان هذه الموجه الوحشيه انتقلت الى جامعات اوربا قي فرنسا وألمانيا في ظاهره لاسابق لها. في جميع هذه الجامعات وفي ظل هذه التدخلات والضغوط غير المشروعه عمدت اداراها الى فصل المئات من الطلبه وعشرات من الاكاديميين واعتبار الاعتصامات غير مشروعه وطالبت الطلبه انهائها. ومع الاستمرار في الاعتصامات والاحتجاجات اقتحمت  قوات الشرطه والحرس الوطني بكامل جاهزيتها القتاليه عشرات الجامعات واعتدت بوحشيه على الطلبه والاساتذه المعتصمين .لقد شاهدنا هذه  المشاهد المروعه التي تنم عن خوف شديد للسلطه الاميركيه من وعي النخبه الطلابيه والاكاديميه  من الاميركيين وخطر تحولها لحركه تغيير شامل ,والاستعداد للتضحيه بقيم وحقوق الاميركيين لصالح الكيان الصهيوني بكل وسائل الضغط والانتقام والقمع.ولقد شاهدنا استغاثه  البرفسوره نويل مكافي رئيسه قسم الفلسفه بجامعه ايموري باتلانتا والمعامله الوحشيه اثناء اعتقال البرفسوره استاذه الاقتصاد بجامعه جنوب كالفورنيا .

اما الظاهره الاخرئ فهي قيام قاده اللوبي "الإسرائيلي " والحركه الصهيونيه والمسؤؤلين الاميركيين بزيارات تحقيق وتفتيش لهذه الجامعات والادلاء بتصريحات تحريضيه ضد حركه الاحتجاج باعتبارها معاديه للساميه واليهود و "إسرائيل" وامريكا وتقديم معلومات كاذبه عن استهداف الطلبه اليهود والإسرائيليين,والمطالبه بل الضغط بمعاقبتهم وقمع حركتهم بالدعوه  لتدخل الشرطه والحرس الوطني وهو مايجري حاليا .

ومن اهم الجامعات الت جرى اقتحامها  وقمع المعتصمين طلبه ومدرسين واعتقالهم جامعه هارفرد ونورث ويسترن  ومعهد التكنولوجيا  في ولايه ماساشوستسس وجامعه جورج واشنطن بالعاصمه واشنطن وجامعه ييل وجامعه واشنطن في سانت لويس وجامعه جنوب كاليفورنيا وجامعه بيركلي وجامعه لوس انجيلس وجامعه اوستن  بتكساس وجامعه بلومنجتن بانديانا  وجامعه اريزونا وجامعه ايلينيووجامعه ايموري باتلانتا وجامعه بنسلفانيا وجامعه جنسفيل بفلوريدا وغيرهم من الجامعات .

ورغم ذلك فقدعمد الطلبه المحتجون للتجمع مره أخرى واقامه مخيمات الاعتصام في اكثر من جامعه , رغم الاعتقالات والقمع ومرابطه قوات الامن  حيث عمد اساتذه الجامعه الى تكوين حزام بشري لحمايه الطلاب المعتصمين .كما انظم الى الطلبه المعتصمين العديد من الاساتذه والاكايميين والمهنيين الجامعين,بدءا بجامعه كولمبيا وتبعتها الجامعات الأخرى ونالهم مانال الطلبه من اعتداءات الشرطه والتحقيق والاحاله للقضاء  .ويطرح المعتصمون  الى جانب المطالب التي ذكرناها سابقا مطالب اطلاق سراح زملائهم وإلغاء قررات الطرد من الجامعه بحق الطلبه والمدرسن   ومحاسبه مسؤؤلي الجامعات عن قراراتهم الخاطئه وكذلك محاسبه عناصر الشرطه والحرس الوطني عما ارتكبوه من اعتداءات وإلغاء الملاحقات القانونيه .وبفضل هذه الضغوط فقد توقف استهداف الاعتصامات مؤقتا وتخطئه قرارات الاستعانه بقوات الامن من قبل مجالس بعض الجامعات

احتمالات تطورات الصراع  

تبقى احتمالات تطورات الصراع مفتوحه على مختلف الاحتمالات .حرب الاباده "الاسرائيليه " ضد غزه وباقي فلسطين المحتله مستمره مع مايترتب عليها من مذابح وتجويع ودمار والمشاركه الاميركيه فيها مستمره مما يستثير أصحاب الضمير وفي مقدمتهم المعتصمين. .وقي ظل المعركه الانتخابيه الاميركيه ,فان المزايدات لارضاء الكيان الصهيوني واللوبي "الإسرائيلي" فيما بين  الحزبين ( الجمهوري والديمقراطي ) ومرشحيهما ترمب وبايدن والمتنافسين في الطبقه السياسيه سيزداد .كما انه في ظل السطوه والنفوذ "الإسرائيلي" والصهيوني ,فان الحركه الاحتجاجيه مستهدفه بمزيد من القمع بهدف تصفينها.

من ناحيه أخرى فان  صمود الحركه الاحتجاجيه وتجذرها وتوسعها لتشمل مزيدا من الجامعات ووالطلبه والاكاديميين  وارد خصوصا بعد انضمام المدرسين والاكاديميين لهم في بعض الجامعات .كما ان بعض السياسين المرموقين في الكونجرس مثل بيرني ساندز والهان عمر والمرشحين المستقلين لانتخابات الرئاسه والكونجرس والولايات يقفون الى جانب الحركه الاحنجاجيه  والتي تحضى بتغطيه اعلاميه رغم انحياز الاعلام الرسمي .كما ان انتقال الحركه الاحتجاجيه الى الجامعات والمدن الاوربيه يعزز من موقعها ومصداقيتها .كما انه من المحتمل ان تتوسع الحركه الاحتجاجية لتشمل منظمات وتنظيمات وفئات اجتماعيه مثل نقابات العمال وروابط المهنييين والاختصاصين والمجالس المحليه .