DELMON POST LOGO

"الكويت واشكالية الشراكة في السلطة" (2-4)

تفكيك عناصر الصراع السياسي في الكويت

بقلم : احمد عبد الأمير

كما ذكرنا في مقالتنا السابقة هناك خلل في  نموذج الشراكة السياسية كما تم اقراره في دستور 1962 بسبب عدم قدرة الطبقة السياسية على إيجاد ممارسة سياسية وازنة بين النظامين الرئاسي والبرلماني كما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي. ومما فاقم حالة التشوه الحاصل  في الممارسة السياسية هو ما يسميه المتابعين للشأن السياسي الكويتي بصراع اجنحة الحكم وتغول هذا الصراع داخل مراكز السلطات الدستورية وتشكل مراكز قوى فجاءت انعكاساته على تعدد محاولات افراغ البرلمان من محتواه اما بتجميد عمله كما حدث في العامين 1976 و1986 أو الانحياز الى السلطة التنفيذية في خلافها مع مجلس الأمة وتكرار حل مجالس الأمة والدعوة لإنتخابات مبكرة أو تعديل الدوائر الانتخابية واعادة تشكيل مخرجات العملية الانتخابية كما حدث في العامين (1981 و2012) .

لقد ادت هذه الصراعات السياسية الى شلل البلاد اقتصادياً واستغلت بعض الأطراف هذا الصراع لتحقيق مكاسب شخصية وتفجرت قضايا الفساد والعبث بالمال العام كما حدث في أزمة السوق المالية سنة 1977 وكارثة سوق المناخ سنة 1983 وقضية اختلاسات شركة ناقلات النفط الكويتية سنة 1992 والايداعات المليونية سنة 2009 واختلاسات صندوق التأمينات الاجتماعية سنة 2012 وقضية فساد مصروفات الضيافة في وزارة الداخلية سنة 2016 وصندوق الجيش سنة 2019.  

الأزمة السياسية في الكويت متشابكة، تتداخل فيها الأبعاد السياسية والقبلية والدينية والاقليمية، اولاً بسبب البعد القبلي وثانياً بسبب نظرة الريبة والشك وعدم الارتياح من وجود برلمان ذو صلاحيات لا باس وبصوت عال في المنطقة.

ان ما تعرضت له التجربة الكويتية خلال الستين سنة الماضية نستطيع وصفه بترهل وتآكل التجربة وتشرذم القوى السياسية المدنية التي مثلت الرافعة الحقيقية لمشروع دستور 1962 وكذلك غياب رؤية سياسية واضحة لتطوير النظام السياسي واختزال الممارسة السياسية في نفس الثوب المفصل وفقاً لظروف الكويت قبل اكثر من ستين سنة.

... يكمل