DELMON POST LOGO

"الكويت واشكالية الشراكة في السلطة" (3-4)  

الخطاب الأميري، ومسارات المرحلة الانتقالية

بقلم : احمد  عبد الامير

تولى الأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مسند الامارة خلفاً لشقيقه الشيخ نواف الأحمد، وفعلياً كانت زمام المبادرة السياسية في يد الشيخ مشعل بسبب مرض الأمير الراحل حيث تولى ولاية العهد في اكتوبر 2020 وفي نوفمبر 2021 صدر امر اميري بتكليف ولي العهد آنذاك الشيخ مشعل الأحمد  بممارسة بعض اعمال الأمير واستمر على هذا الوضع الى وفاة الأمير الشيخ نواف الأحمد وتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم في ديسمبر 2023.

ومن خلال رصد سريع لخطابات وتصريحات الأمير الحالي منذ توليه ولاية العهد نستطيع الجزم بوجود توجه جديد يرى أن الحاجة ملحة لمراجعة النظام الدستوري الحالي لإعادة التوازن المفقود بين مراكز السلطات الدستورية.

وهنا اريد ان اقدم تسلسل زمني لأهم حدث لنتمكن من ربط الأحداث في سياقها أو (القشة التي قصمت ظهر البعير) وهو خطاب النائب الدكتور عبدالكريم الكندري في جلسة البرلمان للرد على الخطاب الأميري:

• 20 ديسمبر 2023 - جلسة أداء القسم وكان خطاب الأمير الشيخ مشعل يتضمن انتقادات قاسية لمجلس الأمة والحكومة السابق برئاسة ابن أخيه الشيخ أحمد النواف الصباح

• 4 يناير 2024 – تعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم رئيساً للوزارة وهو التعيين الذي لاقى ارتياحاً وترحيباً في الأوساط الكويتية.

• 7 فبراير 2024 - الدكتور عبدالكريم الكندري يلقي خطابه في جلسة الرد على الخطاب الأميري ويتضمن طلب توضيحات حول الملاحظات القاسية التي خطاب الأمير في مجلس الأمة وطلب من رئيس أحمد السعدون الحفاظ على هيبة المجلس. والرئيس أحمد السعدون يقرر شطب مداخلة النائب الدكتور عبدالكريم الكندري لأنها تضمنت اساءة الى مقام الأمير.

• 13 فبراير 2024 – مجلس الأمة يصوت لصالح الغاء شطب مداخلة النائب الكندري مخالفاً ارادة رئيسه السعدون.

• 16 فبراير 2024 – اجتماع عاجل لمجلس الوزراء وصدور مرسوم بحل مجلس الأمة.

• 5 ابريل 2024 – بعد صدور نتائج الانتخابات، اعلان فوز النائب الدكتور عبدالكريم الكندري وتصدره الدائرة الثالثة بالمركز الأول.

• 7 ابريل 2024 – صدور المرسوم رقم 61 بدعوة مجلس الأمة للانعقاد للدور العادي الأول من الفصل التشريعي الـ18 يوم الأربعاء الموافق 17 ابريل 2024

• 8 ابريل 2024 – صدور مرسوم رقم 67 بتأجيل اجتماع مجلس الأمة الى 14 مايو 2024 بدلاً من 17 ابريل 2024 - اعتماداً على نص المادة 106 من الدستور ورئيس السن النائب صالح أحمد عاشور يدعو الى عقد الجلسة اعتماداً على نص المادة 87 من الدستور. وفي نفس اليوم الشيخ الدكتور محمد صباح السالم يعتذر عن تشكيل الوزارة.

• 15 ابريل 2024 – تعيين أحمد العبدالله الصباح رئيساً للوزارة.

• 10 مايو 2024 - حل مجلس الأمة وتجميد العمل ببعض مواد الدستور.

نص القرار الأميري الصادر يوم 10 مايو 2024:

مادة أولى

يوقف العمل بأحكام المادة الـ 56 فقرات 3، 107، 174، 181 من الدستور الصادر في 11 نوفمبر سنة 1962م.

مادة ثانية

يحل مجلس الأمة ويتولى الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة بموجب الدستور.

مادة ثالثة

تصدر القوانين بمراسيم أميرية ويجوز - عند الضرورة - إصدارها بأوامر أميرية.

مادة رابعة

يصدر مرسوم بتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والرأي للنظر في تنقيح الدستور لتلافي العيوب التي أظهرها التطبيق العملي وتوفير الحكم الديمقراطي السليم والحفاظ على وحدة الوطن واستقراره على أن يكون التنقيح متفقاً مع روح شريعتنا الإسلامية الغراء مأخوذاً عن تقاليدنا العربية الكويتية الأصيلة.

مادة خامسة

على لجنة تنقيح الدستور أن تنتهي من عملها خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيلها وترفع إلينا مقترحاتها بعد موافقة مجلس الوزراء ويعرض على الناخبين مشروع تنقيح الدستور للإستفتاء عليه أو على مجلس الأمة المقبل لإقراره خلال مدة لا تزيد على أربع سنوات من تاريخ اصدار هذا الأمر. (تحديد الإطار الزمني)

ماهي المواد التي تم ايقاف العمل بها؟ (7 مواد)

المادة 51: وتنص على أن "السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور".

المادة 56: تنص كاملة على أنه "يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه كما يعين وزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء. تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم. ولا يزيد عدد الوزراء جميعاً عن ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة". وتم تعليق العمل بالفقرتين الثانية والثالثة منها أي التي يرد فيها ذكر أعضاء مجلس الأمة.

المادة 71: تتعلق بصدور "مراسيم الضرورة" في غياب مجلس الأمة، سواء بسبب الحلّ أو الإجازة في الأوضاع العادية، في حال وجود ما يستدعي إصدار هذه المراسيم أثناء غياب المجلس، وتم تعليق العمل في الفقرة الثانية من المادة التي تنص على أنه "يجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال 15 يوماً من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائماً، وفي أول اجتماع له في حالة الحلّ أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك".

المادة 79: تم تجميد العمل بها بشكل كامل وتنص على أنه "لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير".

المادة 107: جمد العمل بها بشكل كامل وتتناول صلاحيات أمير الكويت في حلّ مجلس الأمة، ووجوب إجراء الانتخابات في موعد محدد من تاريخ الحلّ، وجاء في النص أنه "للأمير أن يحلّ مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحلّ، على أنه لا يجوز حلّ المجلس لذات الأسباب مرة أخرى"، وأنه "إذا حُلّ المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحلّ"، فإن لم يتحقق ذلك خلال هذه المدة "يسترد المجلس المنحلّ كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحلّ لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن يُنتخب المجلس الجديد".

المادة 174: علق العمل بها وتتعلق بإجراءات "تعديل الدستور"، حيث نصّت أن "للأمير ولثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه، أو بإضافة أحكام جديدة إليه".

المادة 181: علق العمل بها بشكل كامل وتنص على أنه "لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون. ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه".

بالإضافة الى القرار الأميري تداول بعض المتابعين والمحللين والمؤيدين للتوجهات الرسمية عدة تفسيرات بخصوص حل المجلس المجلس والتجميد الجزئي للدستور وهي:

1. تدخل النواب في تعيين ولي العهد.

2. تدخل النواب في تعيين رئيس الوزراء

3. تصعيد بعض النواب لهجتهم اتجاه الحكومة وتهديدهم بإستجواب عدة وزراء وضمنهم وزير الداخلية والدفاع فهد اليوسف الصباح

4. تصاعد لهجة التحدي الشعبي بعد اعتقال المرشح النيابي مساعد القريفه واعادة انتخاب النائب الدكتور عبدالكريم الكندري لعضوية المجلس مع حصوله على المركز الأول في الدائرة الانتخابية الثالثة.  

5. اعتذار اغلب النواب عن الدخول ضمن التشكيل الوزاري وهو ما يفسر على انه تحدي نيابي للحكومة ومحاولة لفرض تمثيل اكبر للنواب داخل التشكيل الوزاري.

6. الضغط نيابياً وتحديداً من عام 2016 الى 2023 لإعادة تشكيل النظام الانتخابي واعتماد جزئي لنظام القوائم النسبية مما يعني ضمنياً اقراراً بالعمل الحزبي الذي اصدر ضدها المجلس الأعلى للقضاء رداً واضحاً سنة 2019 وتحديداً على تشريع لتنظيم الهيئات السياسية وتأكيده على عدم دستورية إنشاء الأحزاب في البلاد.

7. تأخر الكويت تنموياً وعدم لحاقها بركب جيرانها من دول الخليج واتهام مجلس الأمة بوقوفه حجر عثرة في وجه هذه مشاريع الاصلاح الاقتصادية.

تأتي الدساتير نتيجة صيرورة اجتماعية تتفاعل مع معطيات داخلية وخارجية، ان التوجه التشاركي – الليبرالي للدستور الحالي ولد مأزوماً بسبب عدم المقدرة على ايجاد صيغة وازنة بين السلطات الدستورية واستنزاف النخبة السياسية الداعمة للدستور للحالي.

... يكمل