DELMON POST LOGO

في ندوة جمعية "النهضة" عن سيناريوهات ما بعد العدوان على غزة..الموسوي: عين المقاومة الفلسطينية تواجه مخرز الاحتلال الاحتلال الصهيوني (3-4)

- فاشية نتنياهو شجع 15 منظمة صهيونية إلى عقد مؤتمرٍ تم الإعلان فيه التحضير لمشاريع استيطانية على شواطئ غزة

- هذه العقلية هي نفس العقلية والذهنية التي حكمت الموقف الأمريكي والغربي وتم السير عليها في صياغة سيناريوهات ما بعد الحرب

- بلينكن يدفع بشروط، خيار تسلم السلطة الفلسطينية زمام الأمور في غزة بعد انتهاء العدوان، ولكن بشرط إصلاح السلطة ومكافحة الفساد!!

-يفترض سيناريو احتواء "حماس" ممارسة الضغوط القصوى عبر التدمير والقتل والتجويع والتهجير لتأليب البيئة الغزية

أكد الكاتب الصحفي والناشط السياسي رضي الموسوي على أن أجهزة الإعلام الصهيونية والعالمية لفقت وأساءت وشوهت سمعة المقاومة الفلسطينية التي قامت بعملية السابع من أكتوبر2023، بترويجها معلومات كاذبة عن المقاومة، لكن جيش الكيان ارتكب ولا يزال يرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني في غزة فقتل وجرح عشرات آلاف الاطفال والنساء والشيوخ، ليدرك العالم حقيقة هذا الكيان.

وقدم الموسوي ورقة عمل بعنوان "طوفان الأقصى وسيناريوهات ما بعد العدوان على غزة، في الندوة التي نظمتها اللجنة الثقافية بجمعية نهضة فتاة البحرين يوم أمس الثلثاء (25 يونيو2024)..وهنا الحلقة الثالثة، التي تتحدث عن إثنين من السيناريوهات المطروحة لليوم التالي على العدوان.

رابعا: مخططات وسيناريوهات ما بعد العدوان على غزة

منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة، درج رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو على ترديد أن "الجيش سيتولى السيطرة الأمنية على قطاع غزة بعد الحرب"، دون أي إعتبار للمواقف المعلنة لحلفاءه الأمريكان والغربيين وبعض العرب. فاشية نتنياهو شجع 15 منظمة صهيونية إلى عقد مؤتمرٍ تم الإعلان فيه التحضير لمشاريع استيطانية في قطاع غزة "بعد بسط الجيش الصهيوني سيطرته على القطاع"، وفتحت شركة مقاولات وتسويق عقاري باب حجز الوحدات السكنية. وأعلنت شركة "هاري ذاهاف" أنه "يعمل عدد من عمالنا الآن على استصلاح المنطقة والتخلص من النفايات وطرد الغزاة"، تقصد الفلسطينيين!!

عقلية التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تسيطر على المستوطنين، قاد أحد قادتهم ويدعى "دانييل فايس" إلى القول في كلمة له في المؤتمر: "نحن بحاجة إلى الاستعداد الآن للنضال والجهد، حيث سنستثمر المزيد من الطاقة والمزيد من التفكير والجهد أكثر مما فعلناه من قبل (..) المستوطنات في الضفة الغربية كانت في بدايتها في السبعينيات من القرن الماضي، لكن اليوم هناك أكثر من نصف مليون يهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

هذه العقلية هي نفس العقلية والذهنية التي حكمت الموقف الأمريكي والغربي وتم السير عليها في صياغة سيناريوهات ما بعد الحرب، وافترض هؤلاء أن الانتصار الصهيوني مسألة مفروغ منها، وكل ما ينبغي مناقشته بالنسبة لهم هو معادلات "اليوم التالي" للعدوان بعد هزيمة المقاومة. في هذا الصدد تمت صياغة سيناريوهات عديدة لليوم التالي:

السيناريو الأول: تسليم السلطة الفلسطينية زمام الأمور في غزة، وهذا سيناريو طُرِح مبكرا، فقد صرح رئيس وزراء السلطة الفلسطينية السابق محمد اشتية لوكالة بلومبرغ في ديسمبر الماضي عندما كان في منصبه: "إن التصور الأفضل أن تصبح حماس، التي تدير القطاع حاليا، شريكا أصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يساعد على تأسيس دولة مستقلة جديدة تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية". وذهب رئيس السلطة بعيدا في مقابلة مع وكالة رويتر، عندما أكد "أنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية والذي يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف". لكن الفلسطينيين ينظرون إلى السلطة بأنها "فاسدة" وغير قادرة على تأمين دولة مستقلة، وأنها متواطئة "من خلال التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، دون الحصول على أي شيء بالمقابل"، وفق خبراء في معهد الشرق الأوسط.

يتفق وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، بشروط، مع طرح خيار تسلم السلطة الفلسطينية زمام الأمور في غزة بعد انتهاء العدوان، ولكن بشرط إصلاح السلطة ومكافحة الفساد. وأكد في مؤتمر صحفي جمعه ونظيره المصري في القاهرة في شهر مارس الماضي، الاتفاق "على الحاجة إلى السلام والأمن على المدى الطويل (...) هذه المناقشة تتفق إلى حد كبير مع المبادئ التي طرحتها في طوكيو (بلينكن) قبل عدة أشهر، وتتمثل في أنه لا يمكن استخدام غزة كمنصة للإرهاب، ولا يمكن أن يكون هناك تهجير لسكانها، لا يمكن أن يكون هناك إعادة احتلال من قبل إسرائيل. واتفقنا أيضًا، (يقول بلينكن) على أن هذا يتطلب طريقًا نحو حل الدولتين مع ضمانات أمنية حقيقية لإسرائيل (...) إن ذلك يتطلب إصلاحاً حقيقياً للسلطة الفلسطينية، وتطبيع إسرائيل مع جيرانها، فالتكامل الإقليمي هو أحد لبنات بناء السلام الدائم والأمن الدائم"..هكذا يرى بلينكن الأمور: القضاء على المقاومة والتطبيع مع العرب.

يصطدم موقف الإدارة الأمريكية بمعطيات الواقع. فالشروط التي وضعها بلينكن لا تصمد أمام الحقائق. إن سحق حماس والمقاومة كما يريد ويريد نتنياهو صعب المنال، ثانيا، إصلاح السلطة حتى وأن استعانت بنظم عربية هي في أغلبها تعاني من فساد مماثل، والعائق الثالث هو أن الكيان يرفض حكم السلطة الفلسطينية لغزة بعد أن قوض سلطتها في الضفة الغربية وشجع قطعان المستوطنين على القتل بتسليحهم ومصادرة الأراضي والبيوت وبناء المزيد من المستوطنات. نتنياهو قدم خطته لليوم التالي، أكد فيها على احتلال غزة ولو أمنيا وإبقاء الجيش عند الضرورة وبناء جدار عازل مع فلسطين. وشدد على تفكيك حركتي حماس والجهاد، "وعدم وجود أي دور لهما في حكم غزة لاحقا، على أن يتولى مسؤولون محليون أو ذوو الخبرة بالإدارة من غير المنتمين لكيانات "تدعم الإرهاب" إدارة غزة مدنيا، واحتفاظ الجيش الإسرائيلي بـ"حرية غير محددة زمنيا" للعمل في جميع أنحاء القطاع من أجل منع عودة النشاط المسلح".

وشملت الخطة أيضا "أن إسرائيل ستواصل توسعة منطقة عازلة تقيمها على الحدود مع القطاع "طالما بقيت هناك دواعٍ أمنية لذلك" ونزع السلاح كاملا في القطاع، عدا ما يتطلبه حفظ الأمن العام(...) وتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تماما وإلغاء مهمتها، وتنفيذ عملية إغلاق عند الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر لمنع أي نشاط إرهابي أو تهريب"، وفق خطة نتنياهو.

السيناريو الثاني: احتواء حركة حماس، ويفترض هذا السيناريو بأن القضاء على حركة حماس غير ممكن، لكن الكيان سيمارس الضغوط القصوى عبر التدمير والقتل والتجويع والتهجير لتأليب البيئة الغزية، إن تمكن إلى ذلك سبيلا،  من أجل أن تتنازل الحركة عن بعض مبادئها وأهمها اعتراف حماس بحق اسرائيل في الوجود ونبذ العنف والشروع في العمل السياسي والتفاوض للمشاركة في حكم قطاع غزة وإعادة الإعمار على أسس جديدة عنوانها تدجين حماس بعد التخلي عن السلاح. وفي هذا السياق جاء  تصريح لافت ومختلف عن الموقف المعلن للحركة أصدره نائب رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، نهاية أبريل الماضي، لوكالة اسوشيتد برس، أكد فيه على "استعداد الحركة لهدنة مع إسرائيل مدتها 5 سنوات أو أكثر، والتخلى عن السلاح شريطة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وأن الحركة مستعدة لهذا الأمر في حال جرى تلبية هذه الشروط، وأنها ستتحول إلى حزب سياسي". هذا الموقف الجديد، إن كان متوافقا عليه في قيادة الحركة، وليس تكتيكا لمرور العاصفة، فهو يشكل تغيرا دراماتيكيا ومراجعة للثوابت التي قامت عليها حماس. بيد أن هذا الموقف لم يترجم على أرض الواقع، فالميدان يؤكد عكس هذه التصريحات وبالتالي فأن هذا السيناريو مستبعد، حتى الآن على الاقل، فرغم ضغوطات دول في الإقليم، إلا أن الحركة لاتزال متمسكة بشروطها لوقف إطلاق النار الدائم وتبادل الأسرى ورفع الحصار، وتقف معها بقية الفصائل المقاتلة.