DELMON POST LOGO

الانتخابات البريطانيه - تقدم العمال والحدث الفلسطيني

بقلم : عبد النبي العكري

يتوجه الناخبون اليوم الى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكره لاختيار 650 عضوا في مجلس  العموم  البريطاني والذي يشكل الى جانب مجلس اللوردات البرلمان البريطاني ..ويتمتع مجلس العموم  بصلاحيات تشريعيه ورقابيه واسعه .

فمن الاغلبيه البرلمانيه في مجلس العموم تنبثق الحكومه حيث يكلف الملك زعيم الحزب الفائز بتشكيل الحكومه والتي تمثل امام المجلس لنيل الثقه على أساس البرنامج الذي تتقدم بهه .ويختص مجلس العموم بالرقابه على اعمال الحكومه من خلال عده أدوات برلمانيه مثل الاسئله للوزراء والاستجواب وطرح الثقه بالحكومه وتشكيل لجان التحقيق واللجان البرلمانية المتخصصه .

كما ان المجلس مختص بالتشريع حيث هو من يقترح ويصيغ ويناقش ويقر التشريعات ثم يحيلها الى مجلس اللوردات الذي يناقشها وغالبا مايقرها لكنه أحيانا يعيدها لمجلس النواب لاعاده النظر فيها.

هذه الانتخابات وكما في فرنسا هي انتخابا ت مبكره فهي مستحقه في 2025 , حيث قررت حكومه المحافظين ورئيس الحكومه ريشي سوناك الدعوه لها بشكل مفاجئ وذلك لتأكيد ثقه الناخبين في حكومه المحافظين التي اهتزت كثيرا.

لكن العديد من المراقبين يعتقدون ان سوناك ارتكب خطأ فادحا استنادا لتقديرات خاطئه سيدفع حزب المحافظين ثمنا فادحا لها وسيتكبد هزيمه فادحه في حين سيحظى حزب العمال بانتصار تاريخي وتحقيق اغلبيه برلمانيه لا سابق لها في تاريخ البرلمان. فما هي اهم القضايا المطروحه في هذه الانتخابات ومواقف مختلف الأحزاب منها ؟ وماهي القضايا المستجدة والتي تحضى باهتمام الناخبين وتوثر في نتيجه الانتخابات ؟

يهيمن ثنائي حزب العمال وحزب المحافظين تقليديا على الحياة السياسيه في بريطانيا ويتناوبون على الحكم  ,الى جانب احزاب اصغر مثل الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي تراجع كثيرا ولم  يعد يشرك في ائتلاف حكومي لم يعد قائما والحزب الوطني الاسكتلندي وحزبي شين فين والوحدوي في ايرلندا الشماليه وحزب الاصلاح.

وهناك أحزاب صغيرة و نوابا قليلون مستقلون انتقاديون  وناقدة للنظام برمته ومنهم حزب الشغيله الذي يتزعمه جورج جالاواي المؤيد للقضيه الفلسطينه ,حيث أضحت  قضيه مهمه في الانتخابات البريطانيه , الا انه بعد  طوفان الأقصى فقد اكتسبت اهميه استثتائيه لمواقف مختلف الأحزاب والمرشحين  في هذه الانتخابات بالتحديد.

منذ انطلاقه طوفان الأقصى شكلت بريطانيا اهم ساحه بعد أمريكا في التاثر والتاثير في هذا الحدث الاستثنائي .

ونظرا للعلاقات الخاصه مابين امريكا وبريطانيا والدور البريطاني التاريخي  في نكبه فلسطين المستمرة وقيام الكيان الصهيوني على انقاض فلسطين , فقد مثلت بريطانيا اهم ساحه للصراع بعد أمريكا حول مجريات حرب الاباده الصهيونيه ضد شعب فلسطين .وقفت حكومه المحافظين بقوة ولصيقة بامريكا في دعم ومشاركة الكيان الصهيوني عسكريا وسياسيا واقتصاديا بل وشارك طيرانها الى جانب طيران أمريكا في قصف اليمن وصد هجمات الصواريخ والمسيرات  ضد "إسرائيل" ورصد المقاومة في غزه لصالح "إسرائيل".كما وقفت في كل المحافل الدوليه ومنها مجلس الامن لمنع وقف الحرب العدوانية  ومحاسبة "إسرائيل " وقياداتها امام العداله الدوليه دعما للموقف "الإسرائيلي" طوال التسعه اشهر من حرب ألابادة "لاسرائيليه ".

وبالنسبه لحزب العمال بزعامه كير ستراموند فقد ساند موقف الحكومه البريطانيه مع تباينات طفيفه  وصوت في البرلمان الى جانب المحافظين ضد وقف فوري لاطلاق النار في غزة وكرر مقوله " حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها " بما في ذلك فرض الحصار الشامل على قطاع غزه وشمول المدنيين بالحرب وتصفية حماس .

هذه بعض مواقف الحزبين المحافظين والعمال ضد الشعب الفلسطيني ومسانده الكيان الصهيوني .هذه المواقف وغيرها هي في صلب المعركه الانتخابيه البريطانيه وستنعكس مواقف الحزبين والأحزاب الأخرى على نتائج الانتخابات .

يجتذب حزب العمال تاريخيا النشطاء السياسين العرب والمسلمين ويميل العرب والمسلمين للتصويت لحزب العمال حيث يضم عددا من نوابهم .وهذا التوجه موجود اليوم أيضا ولكن مع تغييرات مهمه.

لقد احدث زعيم حزب العمال الحالي كير سترموند انقلابا في مواقف حزب العمال كما كانت في عهد جيرمي كوربن المؤيد للحق الفلسطيني والمناهض للكيان الصهيوني , الى حد ابعاده من الحزب واستبعاده من الترشح عن الحزب في  دائره ايسلنجتون  شمال لندن بحيث اضطر ان  يخوضها مستقلا. كما  دعم الحزب الحكومه ووقف الى جانب حزب المحافظين في البرلمان في مواقف مشتركه تجاه الصراع الفلسطيني الصهيوني والحرب الدائره في غزة.

كما وقفت الحكومة وحزبي العمال والمحافظين  ضد الحركه الاحتجاجيه المناصره لفلسطينن والمناهضه للكيان الصهيوني.

ومع استطاله حرب الاباده وترسخ مواقف  حزب العمال المعروفه تصاعدت وتوسعت الحركه الاحتجاجيه للعرب والمسلمين ومناصري فلسطين عموما في أوساط حزب العمال ومناصريه. وقد جسدت معركه جورج جالاوي في الانتخابات الفرعيه  في دائره روشديل قبل اشهر وفوزه باغلبيه ساحقه في مواجهه مرشحي هذين الحزبيين  على مدى تاثير القضيه الفلسطينه في السياسه البريطانيه .

وبالنسبه لهذه الانتخابات  فقد مضى حزب المحافظين بزعامه سوناك بعيدا في سياسته الحاليه بان زار كنيسا يهوديا ووعد بالعمل على منع المظاهرات الاحتجاجيه الداعمه لفلسطين . وبالنسبه لحزب العمال بقياده كير  سترموند فلم يحدث سوى تعديل بسيط في مواقفه وهو الدعوةه لوقف اطلاق النار وتفعيل الإغاثة  لشعب غزه والاعنراف بالدوله الفلسطينيه دون تحديد زمن لذلك.

مواقف الحكومه البريطاننيه وحزبي المحافظين والعمال مرفوضه من قبل الكثيرين وأحدثت معارضه واسعه لهما في أوساط المسلمين (6.5% من المواطنين ) والعرب وكثير من الشباب الذين انخرطوا في الاحتجاجات , حيث أضحى الموقف من فلسطين  معيارا مقررا في التصويت للمرشحين .

وبذلك دفعت بعدد من المعارضين للترشح كمستقلين  وكان تاثيرها في حزب العمال والذي يتضن هذه الفئات ملحوضا هذه المواقف انعكست في استقالات واسعه لكوادر وممثلين منتخبين لحزب العمال من الحزب.استبعد حزب العمال من ترشيحه عربا ومسلمين واخرين ممن عبروا عن دعمهم للقضيه الفلسطينيه مما دفع هؤلاء وغيرهم من الترشح  كمستقلين  .كما ان جورج جلاواي عمد الى تشكيل حزب الشغيله المؤيد لفلسطين والذي دفع  ب 152 مرشحا للترشح  ومنهم جالاواي بالطبع وفاز شبير وسامي حبيب  كما يشكل المرشحون المستقلون المؤيدون لفلسطين طيفا واسعا ومنهم  الفلسطينيون  ليليان محمد وسماء عمار وليان حبيب (منافسه وزير الظل العمالي ) وشاهناز صديقي  وكامل الحواش  وكذلك اندرو فلتستاين وايما دينت  وباميلا فيتزباتريك  

فوز العمال المنقوص

تشير استطلاعات الراي العام الى توقع  انتصار كاسح لحزب العمال وهزيمه مدويه لحزب المحافظين لاسابق لها في تاريخ مجلس العموم , وينهي حكم المحافضين  الذي استمر 14 عام , حيث يتوقع ان يحوز حزب العمال على مايزيد عن 400 مقعد فيما لن يتجاوز حزب المحافظين 80 مقعدا وتستحوذ باقي الأحزاب والمستقلين على باقي مقاغد مجلس العموم 650, وبذلك يتوقع ان يكلف كيرسترموند بتشكيل حكومه عماليه.

انتصار حزب العمال هذا مشوب بفقدانه ثقه  مكونات اساسيه من قاعدته الانتخابيه ومن الشعب البريطاني وهم المسلمون والعرب واليسار المبدأي,حيث تميز حزب العمال بتنوع قاعدته الانتخابيه .  وسيتمثل هؤلاء في البرلمان بحزب الشغيله والمستقلين حيث يتوقع ان يشكلوا كتله برلمانيه معارضه ستطرح بقوه موقفا مبدئيا ومتميزا تجاه القضيه الفلسطينه وستحرج بالتأكيد حزب العمال الحاكم  الذي لن يخرج كثيرا عن الموقف التقليدي المراوغ لحزب العمال.