بقلم : عبد النبي العكري
في كلمته الافتتاحيه للمؤتمر الوطني الجمهوري في مدينه ميلواكي بولايه ويسكنسن ,خاطب مايكل هوايتلي رئيس اللجنه الوطنيه للحزب الجمهوري المؤتمر بقوله "ان عقد هذا المؤتمر بحضور الرئيس دونالد ترمب هو معجزه وكان يمكن الايكون بيننا اليوم بل قد تتحول المناسبه الى تابين دونالد ترمب وليس مبايعته كمرشح للرئاسه, لولا أراده الله التي حمته وانقذته ليتولى قيادتنا" .
لاشك ان فشل محاوله اغتيال ترمب من قبل توماس كروكس اثناء اجتماع انتحابي مساء السبت 13 نوفمبر 2024 بطلفه جرحت اذنه على بعد 1 ملم فقط من رأسه واستداره وجهه تجاه الشاشه هو ماانقذه ,وتبع ذلك تلك الصوره المذهله وهو يرفع قبضته في الهواء ووجهه ملطخ بالدماء, قد فعلت فعل السحر في الجمهور الأميركي وحولت ترمب الى اسطوره , ولترفعه عاليا كمرشح متقدم للرئاسه الاميركيه وهو ماروج له المتحثون امام المؤتمر والاعلام والحزب الجمهوري
ومقابل ذلك فان مكانه خصمه في السباق على الرئاسه الرئيس جو بايدن تزداد قتامه وعدم يقين في ضؤ تزايد مطالبه القياديين في الحزب الديمقراطي بضروره انسحابه من السباق في ضؤ عدم اهليته الصحيه والسياسيه خصوصا بعد توقف حملته بسبب اصابته بجائحه كورونا ,مما يرجح تخليه عن الترشح او اجباره على ذلك وسط ارتباك واسع في أوساط الديمقراطيين.
مهرجان لمبايعه ترمب
من خلال متابعه المؤتمر الوطني الجمهوري وعلى امتداد اربعه أيام (15-18/7/2024) فقد تحول المؤتمر الى مهرجان احتفالي لمبايعه دونالد ترمب كمرشح الحزب الجمهوري وتكريس شخصيته الاسطوريه والاراده الالهيه التي انقذته من موت محقق ليعيد الحلم الأميركي وينتشل أمريكا من الوضع المتردي الذي اوقعهم فيه بايدن والديمقراطيين وليقود الاميركيين للمجد والعظمه مجددا وتستعيد مكانتها القياديه في العالم .وللعلم فقد حضر المؤتمر اكثر من 50 الف مشارك ,الى جانب 2330 مندوب رسمي يمثلون ناخبي الولايات الجمهوريين .
وتحدث امامه طيف واسع من السياسيين من قيادات الحزب في الكونجرس والولايات ومسؤؤلين سابقين واقاربه واصدقاءه والمتطوعين في حملته الانتخابيه وعسكريين سابقين وارباب اعمال ناجحين واعلاميين من مختلف الأعراق ومن الجنسين ومن مختلف الولايات ومن ربطتهم به تجارب اوعلاقات مباشره. كما رافق اعمال المؤتمر فرقه موسيقيه تقدم أغاني الروك الاميريكه المشهوره والتي تمجد الوطنيه الاميركيه ويرقص على انغانها بابتهاج المشاركين في المؤتمر وهم يلبسون ملابس زاهيه بتشكيلات العلم الأميركي في مهرجان بهيج .
لقد طرح بعد حادثه محاوله الاغتيال الفاشله ضروره تخفيض التوتر في الحمله الانتخابيه مابين المتنافسين بايدن وترمب وما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ضؤ استنكار الجميع لحاث محاوله الاغتيال وضروره الوحده الوطنيه في مواجهة العنف والإرهاب , لكن مجريات المؤتمر جاءت عكس ذلك ومثلت حربا ضاريه على قياده بايدن /هاريس والحزب الديمقراطي ودعوه لالحاق هزيمه منكره به باسقاط مرشحه للرئاسه بايدن وا كبر عدد من مرشحيه لمجلس الشيوخ والنواب وحكام الولايات , حتى يستطيع الرئيس ترمب وبدعم من غالبيه جمهوريه في الكونجرس احداث تغييرات جذريه في السياسات الداخليه والخارجيه والتشريعات والادرات الفدراليه .
بالنسبه للمؤتمر فقد كانت هناك مهمات يتوجب إقرارها في المؤتمر من قبل مندوبي الناخبين الجمهوريين للولايات وهي:
1-تأكيد ترشيح دونالد ترمب للرئاسه عن الحزب الجمهوري وهو ماتم بالاجماع .
2- الموفقه على اختيارترمب لنائبه في الترشح وقد اختار ترمب السناتور المحافظ جي.دي. فانس واقر بالاجماع
3- إقرار برنامج الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسه والانتخابات الفرعيه للكونجرس وحكام الولايات
لكن المؤتمر بهذا الحشد الهائل والمتحدثين البارزين والتغطيه الاعلاميه الواسعه اميركيا وعالميا تتجاوز المهام الثلاث بكثير وتستهدف الترويج لترامب كقائد استثنائي وللترامبيه كنهج على غرار الريجانيه واستمراريتها بعده ويفترض تبنيها من قبل خلفه في الرئاسه بشخص فانس نائب الرئيس المترشح,والقناعه ان الحزب الجمهوري كونه حزبا وطنيا اميركيا وحيدا.كذلك تقويض مكانه بايدن/هاريس والحزب الديمقراطي وسياسييه كونهم مرتهنين للقوى المتنفذه التي تقوض القيم والمجتمع والمصالح الاميركيه والقياده الاميريكيه عالميا.ويمكن تصنيف محتوى كلمات المتحدثين امام المؤتمر كما يلي :
أولا:ترمب يختزل الحلم الامريكي
1-التأكيدعلى ترشيح ترمب للرئاسه والثقه المطلقه بفوزه الى جانب نائبه فانس في انتخابات 5 نوفنمبر 2024 وانه الرئيس الذي تحتاجه اميركا لقيادتها لتحقيق الحلم الأميركي واستعاده عظمه أمريكا وهو شعار المؤتمر وحمله ترمب ,وقيادتها للعالم .
2- واستنادا الى حادثه نجاته من محاوله الاغتيال ’فقد استند اليها العديد من المتحدثين بمن فيهم ترمب نفسه بان الله الذي يرعى الامه الاميركيه وهو الذي نجاه وانه محمي من الله الذي اختاره لينهض بهذه المهمه الجليله . ومما له دلالته ان عددا من رجال الدين المسيحيين تحدثوا امام المؤتمر في سابقه تاريخيه بالتأكيد على القيم المسيحيه لامريكا وللرئيس ترمب ورعايه الرب لامريكا وترمب.
3- اكد اكثر من متحدث على ان مكانه دونالد ترمب تتجاوز كونه رئيسا سابقا ومرشح رئاسه حاليا ,بل كونه قائدا للامه الاميركيه وهو ماتاكد خلال سنوات حكمه وسنوات معارضته وخصوصا دلالات موقفه خلال محاوله الاغتيال وما بعدها حيث نهض من أحضان الموت ليقود الامه بكل ثقه .
4- احضر ترمب معظم افراد عائلته الممتده حتى الاحفاد ووقف معهم على المسرح ليظهروا كنموذج للعائله الاميركيه السعيده . تحدث امام المؤتمر عدد منهم لتاكيد صورته كرب عائله محافظ يهتم كثيرا بتماسك افراد عائلته وسعادتها ويحنوا عليهم بمن فيهم الاحفاد لتبديد صورته الاباحيه الشائعه والغريب ان زوجته ميلاني وان ظهرت معه على المسرح ضمن العائله الممتده الا انها لم تلق كلمه .كما تحدث عدد ممن عرفوه عن قرب عن اهتمامه بعائلاتهم ومساعدتهم دون تردد وبالتالي تأكيد صورته كرب الاسره الاميركيه المسيحيه المحافظه .
5-اكد المتحدثون ان ترمب شجاع ولا يتراجع عند المواجهه واستشهد عدد ممن خدموا معه ان فتره رئاسته السابقه تميزت بردع الأعداء عن التعدي على أمريكا وحلفائها كما هو الحال مع روسيا وكوريا الشماليه وايران ,فقد حمى حلفاؤه في أوكرانيا وتايوان و"إسرائيل".وهو ماجعل أمريكا لاتخوض حربا جديده خلال ولايته في حين نجحت في استئصال داعش والدوله الاسلاميه واحتواء طالبان .وهذا خلافا لقياده بايدن الذي سوغ لاعداء أمريكا شن حروبهم واعتداءاتهم وتحرشاتهم في أوكرانيا و"إسرائيل" وتايوان وانسحب بشكل مذل من أفغانستان .
6- اكد المتحدثون مصداقيه مبدأ ترمب "أمريكا اولا " , أي مصالح امريكا أولا سؤاء في تعامله مع الخصوم مثل الصين وايران وروسيا او مع الأصدقاء الاوربيين ودول الخليج النفطيه الغنيه واليابان وكوريا وأستراليا وغيرها محققا منافع اقتصاديه كبرى لامريكا ومحملا حلفاؤه أعباء ماليه مستحقه لتامين حمايتهم وشراكتهم.
7-كرر العديدن ان ترمب ليس بحاجه للمال لكي يشترى فهو رجل ثري ورب اعمال ناجح كنموذج للحلم الأمريكي ويصرف من ماله على الشأن العام أي لايمكن شراؤه .وبرنامج ترمب وسلوكه تشجيع اسطوره النجاح الأمريكي ومن هنا دعم سياسته لاصحاب الاعمال الصغيره والمتوسطة بالاعفاءات الضريبيه وخفض ضرائب الدخل الشخصيه عموما وغيرها.
ثانيا :استعاده عظمه أمريكا مجددا
تحت هذا الشعار انعقد المؤتمر الوطني الجمهوري حيث استند برنامج الحزب الى وثيقه وضعها معهد هيريتج المحافظ,وتستند أساسا الى استكمال برامج وسياسات اداره ترمب والحزب الجمهوري خلال فتره حكمه 2017-2021 وما طرحه من برامج وسياسات في حملته الانتخابيه في مواجهة بايدن /هاريس والتي هزم فيها .كما انها تستند الى ماطرحه ترمب خلال حملته الانتخابيه الحاليه ونقيض لبرنامج وسياسات اداره حكم بايدن/هاريس وما يطرحه حاليا .ويمكن القول ان تحقيق شعار استعاده عظمه أمريكا مجددا واستعاده الحلم الأمريكي وامريكا اولا والقياده الاميركيه للعالم هي رؤيه ترمب بالأساس وتبناها الحزب الجمهوري كما يلي:
1-شعار ترمب هو أمريكا أولا ومن هنا فهو يرى في الصين "الشيوعيه" العدو الاقتصادي الأول والتي تصدر منتجاتها الرخيصه على حساب المنتجات الاميركيه وتحولت أمريكا الى مستورد بدلا من المصدر , حيث تضررت كثيرا صناعه السيارات والالكترونيات وغيرها ,من هنا يطرح ترمب فرض ضرائب مرتفعه على الواردات الصينيه وهذا ينطبق على باقي المصدرين .ويدعوا الى احياء الصناعات الأميركية المحتفلة وكذلك اعاده الاعتماد على مصادر طاقه الهيروكربون لتعزيز تنافسيتها.
2-أضحت العماله المهاجره الرخيصه تستحوذ على اعمال العاملين الاميركيين كذلك الامر بالننسبه لارباب العمل الصغار والمتوسطين ولذلك يجب اقفال الحدود تماما امام الهجره اللاشرعيه مع المكسيك وعبر المداخل الأخرى واستكمال بناء الجدار وتعزيز قدرات وصلاحيات حرس الحدود .كمايتوجب القيام بابعاد كل من ليس لديهم أقامه شرعيه وحاجه لخبراتهم ,واحلال العماله الاميركيه وتهيئتها لتحل محلهم .
3-تحقيق الحلم الأميركي بالنحاح بدعم ارباب العمل الصغار والمتوسطين بالاعفاءات الضريبيه وتخفيض الضريبه الشخصيه لجميع الفئات بحيث يتوفر لكل أميركي حياه كريمه.
4- التأكيد على الاسره الاميركيه المتماسكه والمحافظه على القيم الأميركية التقليديه .من هنا حصر الحق في الإجهاض باسباب طبيه قاهرة والتأكيد على تمايز الجنسين والتصدي للتحول الجنسي وما يترتب عليه من حقوق للمتحولين جنسيا.
5- استعاده مكانه امريكا القياديه في العالم من خلال تقويه القوات المسلحه الاميركيه وانتشارها في العالم وتعزيز تحالفاتها مع تحمل الحلفاء والأصدقاء لاعبائهم ووجباتهم بحيث تشكل قوه رادعه تجاه الأعداء كالصين وروسيا وايران ومحور المقاومه وكوريا الشماليه بحيث تردعهم عن شن الحروب والاعتداءات على أمريكا وحلفائها واصدقائها.واكد على دعم "إسرائيل" في استراتيجيتها بانكار الدوله الفلسطينه والتوسع والتطبع على حساب العرب بكل السبل .كما اكد على دعم تايوان في مواجه الصين وأوكرانيا في مواجهه روسيا.
6- تعزيز وتقويه قوى الامن وحرس الحدود والحرس الوطني والمخابرات بكافه تشكيلاتها الفدراليه وعلى مستوى الولايات وتوسيع صلاحياتها اضافه الى تعديلات قانونيه من اجل وضع حد لاعمال الاحتجاجات الواسعه والعنف والهجره غير الشرعيه وانعدام الأمان بحيث يعود الامن والاطمئنان للمجتمع الأميركي .
7-يسعى الرئيس المرشح والحزب الجمهوري الى الاجماع الوطني وان يلبي هذا البرنامج تطلعات ومصالح الشعب الأميركي كله ولذى فهو يدعوا الناخبين ليصوتوا بكثافه لصالح مرشحه الرئاسي ترمب/فانس ومرشحيه للكونجرس وحكام الولايات بكثافه بحيث يتحق نصر كاسح تمكن الرئيس من احداث تغييرات جوهريه في السياسات والتشريعات التي تمكن أمريكا من استعاده عظمتها وقوتها ومكانتها ورفاهيه شعبها وتستعيد الحلم الأمريكي.
أمريكا أخرى واشد خطوره
افتتح تلرمب خطابه بالتاكيد ان أراده الله هي التي جعلته يقف الان امام المؤتمر بنجاته من محاوله الاغتيال .في خطابه المطول بقبول ترشيح الحزب الجمهوري له بالرئاسه ونائبه فانس, استعرض ترمب مسيره حياته ورؤيته لما يتوجب ان تكون عليه أمريكا والأميركيين والعالم ,واستعرض بفخر مانجزه في فتره رئاسته والانتكاسه والتراجع الذي احدثه حكم بايدن والديمقراطيين وعرض للخطوط العريضه لاستراتيجيته وسياساته في فتره رئاسته القادمه والتي يعتبرها اهم مرحله في التاريخ الأميركي ودعى الاميركيين للتصويت له والمرشحي الجمهوريين بكثافه تؤمن الى جانب الرئيس اغلبيه كاسحه في الكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب ,في الوقت الذي اكد فيه انه سيسعى الى وحده ومصلحه جميع الاميركيين وليس مؤيديه فقط فقد اكد ان سياسات ترمب والحزب الديمقراطي تنطلق من مصالح اقليه متنفذه وانها تقوض المصالح والقيم الاميريكيه.
من خلال مراجعه برنامج ترمب والحزب الجمهوري وكلمات المتحدثين خصوصا المسؤؤلين فان فوز ترمب بالرئاسه والحزب الجمهوري باغلبيه في الكونجرس وحكام الولايات سيحدث تغييرات خطيره في أمريكا باتجاهات محافظه ومتزمته واصوليه بعيدا عن العلمانيه والتعدديه والتسامح في ظل نظام راسمالي غير عادل بالتأكيد.
كما انه سيدشن لمرحله جديده في علاقات أمريكا ودورها في العالم والعلاقات الدوليه تتميز بالاكراه والقسر والاكراه وتجاهل القانون الدولي والعداله الدوليه على علاتها ,حيث مصلحه أمريكا على حساب مصالح الاخرين والنظام الدولي على علاته ,وهو مايحتاج الى مقال اخر .