بقلم : عبد النبي العكري
في مساء الاثنين 22 يوليو 2024 حطت طائره رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو في وشنطن في توقيت دقيق حيث يحتدم السباق الانتخابي مابين مرشحي الحزبيين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطي كاميلا هاريس نائبه الرئيس جو بايدن الذي تخلى عن ترشحه لصالحها قبل بضغه أيام فقط .كما يحتدم الصراع بشكل أوسع مابين الحزبين حيث تترافق انتخابات الرئاسه مع انتخابات نصفيه للكونجرس . وكما صرح نتنياهوا في مطار بن جوريون قبل اقلاع طائرته "فانه وبغض النظر عن الطرف الذي يفوز في انتخابات الرئاسه فستظل "إسرائيل" الحليف القوي والقريب الذي لاغنى عنه لاميركا في الشرق الأوسط. "
دور نتنياهو الحاسم
نتنياهو هو اكثر رؤساء وزراء "إسرائيل " ممن مكثوا في الحكم لاطول مده منذ ان تولى رئاسه الحكومه وزعامه حزب الليكود في 1996 ومن حينها ولبضع سنوات انقطاع فهو رئيس وزراء "إسرائيل" حتى اليوم وقد زار واشنطن كرئيس وزراء عده مرات , بل انه الوحيد الذي سيخاطب جلسه مشتركه للكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب لرابع مره .
ونتنياهو خبير بواشنطن وامريكا وقواها المؤثره استراتيجيا وسياسيا ومحيط بمنظمات اللوبي "الإسرائيلية " والمنظمات الصهيونيه واليهوديه وتشابكاتها وتاثيراتها على صناع االقرار والسياسيين فيما يخص "إسرائيل" ومصالحها. لقد درس نتنياهو في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ونال شهادتي البكالوريوس والماجستير في العلوم والديلوم العالي في الهندسه المعمارية.كما انه كان سفيرا "لإسرائيل " في الأمم المتحده .وقد زار نتنياهو أمريكا تسع مرات كرئيس للوزراء عدى عن الزيارات والاقامات الأخرى مما يجعله واسع الاطلاع.
"اسراتئيل " اللاعب الأساسي في السياسه الاميركيه . وكما صرح نتنياهو في مقابله تلفزيزنيه نادره ," فان أمريكا لاتستطيع ان تفرض علينا شيئا بل العكس فنحن نحصل على مانريد فلنا نفوذ قوي في الكونجرس بمجلسيه وفي الحزبين ولدينا "ايباك" اللوبي الإسرائيلي ذات النفوذ الواسع في السياسه الاميركيه "
اذا فان نتنياهو في واشنطن ولديه برنامج مزدحم بلقاءات كبار المسؤؤلين بمن فيهم الرئيس بايدن والمتنافسين على الرئاسه دونالد ترمب وكامالا هاريس , وبالطبع قيادات محلسي الشيوخ والنواب وفي مقدمتهم مايك ويلسون الجمهوري , رئيس مجلس النواب المقرب من ترمب الذي وجه الدعوه لنتنياهو لزياره واشنطن والقاء خطاب في جلسه مشتركه للكونجرس في مساء الأربعاء 24يوليو 2024,حيث ستكون مناسبه للمشرعين والحزبين الجمهوري والديمقراطي لتعزيز مكانته في "إسرائيل" وفي أمريكا كمهندس لعلاقات التحالف المتين المتفق عليه وطنيا , بين امريكا و"إسرائيل" .كما سيلتقي بقيادات اللوبي ألاسرائيلي والتنظيمات الصهيونيه واليهوديه والشخصيات البارزه.
. كما انها مناسبه لتاكيد سياسه حكومته اليمينه المتطرفه والدمويه تجاه الشعب الفلسطين بحيث تدعم أمريكا "إسرائيل" دون تحفظ في استراتيجيتها بقياده نتنياهو وبالاستمرار في حرب الاباده حتى تدمير حماس والمقاومه الفلسطينه وتهحير مواطني غزه واسترجاع الرهائن وتخلي أمريكا عن حل الدولتين (دوله فلسطينيه فاقده السياده الى جانب دوله "إسرائيل ") وتبني استراتيجيه إسرائيل الكبرى.
حركه احتجاجيه فاعله
بالرغم من النفوذ "الإسرائيلي " والصهيوني في الحياه والبنيه السياسيه والمجتمعيه والاعلاميه الاميركيه ,ورغم ان زياره نتنياهو تتمتع بدعم الطبقه السياسيه والحزبين الجمهوري والديمقراطي , فان هناك حركه اعتراضيه واحتجاجيه ضد الزياره سؤاء في أوساط الكونجرس او في المجتمع . وحسب ماذكره موقع اكسيوس فان مايقارب من 100من بين 212 نائب و27 من بين 51 عضو مجلس الشيوخ ينتمون للحزب الديمقراطي قاطعوا جلسه خطاب نتنياهو بالكونجرس . في ذات الوقت فانه تم تنظيم عده فعاليات تضامنيه مع فلسطين ومعارضه للتحالف الأميركي "الإسرائيلي " وزيارة نتنياهو , في مبنى الكونجرس و ضمت معارضين للزياره وبثت مباشره للجمهور ودعي للحديث فيها قيادات من الحركه الاحتجاجيه ومنهم فلسطينيون ويهود منا هضون للصهيونيه.ومن ابرز المتحدثين عضو مجلس الشيوخ بيني ساندرز.كما ان احتفاليه نتنياهو في امام الكونجرس ترافقت مع تظاهره احتجاجيه لعشرات الالاف من المحتجين الذين رفعوا اليافطات ورددوا الشغارات المطالبه بالقبض على نتنياهو كمجرم حرب ووضع حد لحرب الاباده "الاسرائيليه " ووقف الدعم الأميركي ووقف الحرب فورا .
خطاب الكونجرس وعمليه التضليل
حرص نتنياهو ان يصطحب معه وفدا كبيرا انتقاه بدقه ليدعم كلامه بالاستشهاد بدور كلا منهم وشمل ضباطا من الجيش "الإسرائيلي" من مختلف الأعراق (يهودي ومسلم وافريقي) والرهينة السابقه نورا ارغماني .كمادعى عدد كبير من كباتر الشخصيات المؤيدة " لإسرائيل " والمموله للوبي "ألاسرائيلي" مثل ايلون ماسك .وحشب قول النائبه الديمقراطيه اوكاسيو فان اداره الكونجرس وجهت الدعوه للعديد من الشخصيات ليحلوا محل النواب المنسحبين .ولهذا كانت قاعه الكونجرس بطابقيها ممتلئه.
اعدت الأجواء لكي يكون خطاب نتنياهو تظاهره مبهره لتاكيد دعم اميركا "لإسرائيل " وان العلاقه معها استثنائيه وراسخه وان امريكا بحاجه " لإسرائيل" بقدر حاجه "إسرائيل"لاميركا
من الملاحظ انه خلال ساعه تقريبا من الخطاب فقد حيى الحاضرون نتنياهو 80 مره بالتصفيق الحار ومنها 54 مره وقوفا وهو مالم يحدث لاي رئيس أميركي او ضيف لاميركا وكان يلاحظ رصد لذلك .كان ملاحظا وجود النائبه الفلسطينه الأصل رشيده طلب في الجلسه وهي تحمل يافطه" نتنياهو مجرم حرب".
خاطب نتنياهو الكونجرس بالإنجليزيه بلكنه اميركيه وهو يخاطبهم كونه رئيس وزراء "إسرائيل" وفي ذات الوقت شريك أمريكا الأحرص على مصالحها .ان دعوه نتنياهو لزياره أمريكا والاحتفاء به في الكونجرس بشكل مبالغ فيه وهو مجرم الحرب المطلوب للعداله الدوليه لايليق بامريكا كقوه عظمى ولا ادعائها بالديمقراطيه ويؤكد شراكه امريكا "لإسرائيل" في جرائمها منذ تاسيسها حتى الان .
لم يتورع نتنياهو عن الكذب الفاضح حول حرب الاباده في غزه خلافا لحقائق الواقع المعروفه وكذلك الامر في عدد من القضايا التي طرحها .
رد نتنياهوعلى اطروحه حل الدولتين بقيام دوله فلتسطينيه دون سياده الى جانب "إسرائيل " بان هذه الأرض هي دوله "إسرائيل" التي استمرت اربعه الاف سنه وحكمها النبي سليمان والنبي داود وسكنها عدد من الأنبياء مثل النبي ايراهيم وابناؤه .وبالتالي فانه بالنسبه لنتنياهو فلأتوجد قضيه فلسطينيه حيث لا يوجد شعب فلسطيني ولا فلسطين .وبالتالي لايمكن أقامه دوله فلتسطينيه وهو ماقرره الكنيست مؤخرا .كما اكد ان قيام دوله "إسرائيل" كدوله لليهود وضع حدا لاضطهاد اليهود ولعدم تكرار المحرقه . ولذى فانه للرد على "مجزره" 7 أكتوبر يتوجب القضاء على حماس حتى لايتعرض اليهود و "اسرئيل "لاي خطر وجودي مستقبلا. بالطبع فهذا تزوير للتاريخ وتاريخ فلسطين معرةف وسكان فلسطين معروفون . وقد تواجد اليهود كمجموعه دينيه وليست قوميه لفتره من الزمن في فلسطين, لكنه لايترتب على ذلك ان تقام في فلسطين دوله قوميه ليهود العالم على حساب شعبها الاصلي.
فيما يخص العلاقات الاميركيه الإسرائيلية بالنسبه لنتنياهو " فانها استثنائيه وهي تجسيد لمحور الخير مقابل محور الشر والإرهاب الذي تقوده ايران "وعملائها " وبان هذا التحالف الذي يضم اميركا وإسرائيل واصدقائنا العرب ضد محور ايران وما يتصدى له عسكريا وسياسيا هو دفاع عن الحضاره في مواجهة الهمجيه" ."كما حذر من امكانيه قيام ايران بحرب نوويه ضد "إسرائيل" وأميركا في حين ان ايران ليس دوله نوويه حيث "إسرائيل " القوه النوويه الوحيده في المنطقه. ومن الواضح ان نتنياهو يهيء الأجواء لتوريط أمريكا بتوسع الحرب لتشمل لبنان وايران وغيرها. بالطبع فان ادعاء نتنياهو ان أمريكا و "اسرئيل " تمثلان الحضاره وان الفلسطينين ومحور المقاومه يمثلون الهمجيه مثير للسخريه لكن المؤلم تورط دول عربيه في هذذا التحالف المخزي.
فيما كرر نتنياهو شكره لامريكا واداره بايدن على الدعم العسكري والسياسي والديلوماسي, فان وضعيه الحرب الحاليه استثنائيه ولذى فالمطلوب مزيد من الدعم العسكري. وحيث ان "اسرائيل "تخوض حربا على عده جبهات مع حماس في غزه وسوريا وايران وحزب الله في لبنان والحوثين في اليمن وتنظيمات اسلاميه في العراق ,فان "إسرائيل " لن تتردد في ضرب مصادر "العدوان " كما حدث في اليمن وحذر من شن حرب شامله على لبنان .واكد ان أي نصر"لإسرائيل" هو نصر لاميركا .
وبالنسبه لحرب الاباده "الاسرائيليه "ضد الشعب الفلسطيني فقد وصل كذب نتنياهو الى اللامعقول .فقد دافع عن نفسه كمجرم حرب مطلوب للمحكمه الجنائيه الدوليه بقوله ان جيش الدفاع "الإسرائيلي " هو اكثر جيش أخلاقي في العالم وانه الاحرص على حمايه المدنيين بما يتجاوز متطلبات القانون الدولي ,واستشهد بما قال له قائد الحمله العسكريه "الاسرائيليه " في محافظه رفح في غزه بان القتلى من "إرهابي "حماس بحدود 1300 فيما لم تتسبب قواته بقتل أي مدني . وان القتلى المدنيين السبعه هو بفعل قذيفه فاشله لحماس .
وبالنسبه للرد على دعاوي حصار "إسرائيل" وتجويعها لسكان غزه ,فقد اكد نتنياهو ان "إسرائيل" سمحت بمرور 40 الف شاحنه منذ بدأ الحرب حتى الان وبحموله تقدر ب 500 الف طن من الاغذيه مما يفيض عن حاجه سكان غزه.
بالطبع فان قتل مايقارب 50 الف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال اضافه لعشرات الالاف مدفونين تحت ركام الابنيه المدمره والموت جوعا او لفقدان العلاج ومايزيد عن 100 الف من الجرحى وتدمير مايزيد عن 85% من مباني غزه وبنيتها التحتيه هي نتيجه حرب الاباده "الإسرائيلي " بقياده نتنياهو.
اما بالنسبه لخيارات الحرب فقد اكد نتنياهو ان الحرب لن تتوقف حتى تهزم وتصفى حماس وتتخلص غزه من الراديكاليين والسلاح ,وعندها فان "إسرائيل" ستسلم ادارتها المدنيه لفلسطينيين لايكرهون " إسرائيل" مع احتفاضها بالسيطره الامنيه. وبالنسبه للرهائن فقد اكد نتنياهو ان استعاده الرهائن في أولويات "إسرائيل" لكن السبيل لذلك من خلال القوه الضاغطه على حماس وذكر ان ه تم "تحرير 134 رهينه.
بالطبع فان اصرار نتنياهو بالاستمرار في الحرب يلقى معارضه داخل "إسرائيل " خصوصا أهالي الرهائن كما تعارضه جميع الشعوب والدول الحره , ولكن ماكان ممكنا ان تستمر حرب الاباده والتضحيه بالرهائن لولا إصرار الحكومه "الاسرائليه" اليمينيه والمؤسسه الحاكمه واغلبيه المجتمع الصهيوني ودعم بل وشراكه الغرب بقياده أمريكا وتواطئ دول عربيه .
وصلت الوقاحه بنتنياهو بادانه المحتجين الاميركيين على سياساته والمناصرين لفلسطين والذين كانوا محتشدين خارج الكونجرس , متهما إياهم باللاساميه والجهل واتهم ايران بتمويلهم كما اتهمها بالتخطيط لاغتيال شخصيات اميركيه .كما وجه انتقاداته لادارات جامعات هارفرد ومعهد ماسشوستس وكولمبيا بسماحها للاحتجاجات الطلابيه التي يعتبرها معاديه للساميه واليهود.
لاشك ان تدخل نتنياهو في الشؤؤن الداخليه لاميركا وسياساتها الداخليه والخارجيه يعكس املاءات "إسرائيل" واللوبي الإسرائيلي والحركه الصهيونيه على الدوله والمجتمع الاميركي .
حرص نتنياهو على تأكيد الدعم الأميركي "لإسرائيل" منذ تأسيسها وفي ظل كل الرؤساء ومجالس الكونجرس ومن الحزبين والنخب الاميركيه .كما أشاد بدعم الرئيس بايدن الذي وصف نفسه بانه صهيوني مسيحي وانه صديقه طوال اربعين عاما . في ذات الوقت فقد أشاد بالرئيس السابق والمرشح للرئاسه ترمب ودعمه "لإسرائيل" وخصوصا انجاز الاتفاق الابراهيمي لاقامه علاقات رسميه مع ثلاث دول عربيه ومفتوحه امام الاخرين واعترافه بسياده "إسرائيل " على الجولان السوري المحتل ,ونقل السفاره الاميركيه الى القدس المحتله .والملاحظ ان نتنياهو لم يذكر كمالا هاريس نائبه الرئيس ومرشحه الديمقراطيين للرئاسة رغم مواقفها الداعمه "لإسرائيل" وقد يعود ذلك لامتناعها عن حضورها لاحتفاليته في الكونجرس كونها رئيس مجلس الشيوخ.
هذا ومن المقرر ان يجتمع نتنياهو مع الرئيس بايدن ومرشحي الرئاسه ترمب وهاريس ليواصل ضغطه وابتزازه لاميركا في مرحله دقيقه من الحملات الانتخابيه ,المواتيه لذلك.
كثيره هي القضايا التي طرحها نتنتياهو في خطابه امام الكونجرس والمترتبات عليها خطيره وهو مايتطلب تحليلا لاحقا.