بقلم :عبدالنبي العكري
تمثل القضيه الفلسطينه واستطرادا الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" كما كانت دائما اهم قضيه خارجيه في الحمله الانتخابيه الرئاسيه الحاليه مابين المرشح الجمهوري الرئيس السايق دونالد ترمب والمرشحه الديمقراطيه نائبه الرئيس كامالا هاريس .
وانطلاقا من قاعده راسخه في السياسه الاميركيه وهي ان الولايات المتحده الاميركيه حليف استراتيجي للكيان الصهيوني وبالتالي فان كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي داعم "لآسرائيل" ومناهض لفلسطين وحقوق ونضال شعبها ,فان قضيه الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" تكتسب اهميه استثنائيه في ظل حرب الاباده التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزه بشكل خاص وفلسطين المحتله بشكل عام , اضافه لعملياته العسكريه الوحشيه في الجبهات المسانده خصوصا لبنان . وعندما نعالج الموقف الاميركي تجاه القضيه الفلسطينه فانه يتوجب وضعها في اطار سياستها لما يعرف بالشرق الأوسط وفي حقيقه الموقف الأميركي تجاه القضايا العربيه وفي مقدمتها الصراع العربي الصهيوني ومحوره الصراع على فلسطين.
ترمب ودعم لاسابق له
يتفاخر ترمب بانه حقق " لإسرائيل " مالم يحققه أي رئيس أميركي سابق وانه كسر ثوابت في السياسه الخارجيه الاميركيه تجاه فلسطين والصراع العربي "الإسرائيلي" .كانت زيارته الخارجية الأولى إلى المملكة العربية السعودية، حيث كان ينعقد مؤتمر قمه مجلس التعاون الخليجي وتبعها مباشره مؤتمر القمه الإسلامي حيث خاطب ترمب المشاركين في جلسه مشتركه للمؤتمر مطالبا بتطبيع علاقاتهم مع "إسرائيل" وعزل ايران . ومن السعوديه توجه ترمب مباشره الى فلسطين المحتله في بادره هي الأولى لرئيس أميركي ,ليؤكد توجهاته الخطيره والتزامه بامن ومصالح "إسرائيل".
وكانت تلك اشاره واضحه في توجهاته وبعضها يخالف السياسه الاميركيه التقليديه تجاه الصراع العربي "الإسرائيلي"وفي صدارته القضيه الفلسطينيه.فقد تنكر ترمب لحل الدولتين , وايد سياسه الضم والتهويد الاسرائيليه في الضفه الغربيه وحصارها لقطاع غزه .كما اعترف بضم "إسرائيل"للقدس الشرقيه وكون القدس الكبرى عاصمه "لاسرائيل" ونقل السفاره الاميركيه في الكيان المحتل من تل ابيب الى القدس , واغلق القنصليه الاميركيه في القدس الشرقيه ,فيما امر باغلاق ممثليه السلطه الفلسطينيه في واشنطن واعترف بسياده "إسرائيل" على الجولان المحتل
.ومن اكبر إنجازاته التي يتفاخر بها تجاه "إسرائيل" مايعرف بالاتفاق الابراهيمي والذي ترتب عليه اتفاقات تطبيع العلاقات التي رعتها إدارته بين "إسرائيل" وأربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان باعتبارها إنجازا دبلوماسيا كبيرا ودليلا على أن اتفاقات أخرى مشابهة ستأتي إذا عاد إلى الرئاسة.ويطرح ترمب البناء على هذه السياسه نحو المزيد ومن ذلك الضغط على الدول العربيه المرتبطه باميركا للتطبيع الكامل مع "إسرائيل . وقد لعبت العلاقات الشخصية لترامب ولصهره ومستشاره جاريد كوشنر مع قادة المنطقة دورا أساسيا في أساليب التواصل، بل وفي صياغة قراراته .
ومن موقع المرشح الطامح بالعودة للرئاسة فان ترامب يؤكد على هذه المواقف والبناء عليها كما طرحه في المؤتمر الوطني الجمهوري في ملواكي وكما يردده في حملته الانتخابيه . فهو ينتقد الاداره الديمقراطية في عدم دعمها الكافي "لإسرائيل " في حرب الاباده ويعد بدعمها بقوه ودون ايه ضغوط عليها . وهو يدعو المجرم نتنياهو والكيان الصهيوني الى حسم حرب الاباده بسرعه كما أكده في أجتماعه معه اثناء زياره نتنياهو للولايات المتحده الاميركيه مؤخرا .كما يصف المظاهرات الاحتجاجيه لحرب الاباده "الاسرائيليه " الاميركيه ضد الشعب الفلسطيني بانها غوغائيه يتوجب قمعها وطرد أي مشارك غيراميركي فيها من الولايات المتحده .
و يقول للأمريكيين "إن "حرب غزة ما كانت لتندلع لو كان هو رئيسا لأمريكا". ويدعي ان سياسة الضغط الأقصى على إيران التي اتبعها في عهده أدت إلى إضعاف إيران اقتصاديا إلى درجة ما كان سيكون لها أن تدعم حركة حماس إلى درجة تؤدي إلى شن هجوم السابع من أكتوبر 2023. ومن هنا مماطله نتنياهو في ابرام اتفاق مع حماس لوقف الحرب وتبادل الرهائن بانتظار الانتخابات الاميركيه وتوقعه بفوز ترمب الذي سيدعمه دون تحفظ. .ويشارك ترمب في مواقفه نائبه المرشح جي دي فانس الإنجيلي ذات الأفكار والمواقف انطلاقا من موقف عقائدي .
كاميلا هاريس المخادعه
خلافا لما هو الوضع في الحزب الجمهوري حيث التطابق مابين اطروحات ترمب والحزب .فان كامالا هاريس وهي الشريك للرئيس بايدن في الحكم القائم على شراكه أمريكا "لإسرائيل " في حرب الاباده والإبقاء بل والبناء على سياسات ترمب تجاه قضيه الصراع العربي الصهيوني, فانها تواجه معارضه قويه لهذه السياسه في أوساط الحزب الديمقراطي من قبل تيار واسع من الأعضاء والجمهور الفلسطيني والعربي والإسلامي واليساري .
لقد تبين ذلك بوضوح في المظاهرات والتعبيرات الاحتجاجيه ضد حكومه بايدن منذ اندلاع حرب الاباده و خلال حمله بايدن الانتخابيه ثم تواصلت تجاه حمله هاريس الانتخابيه لاحقا ومنها حجب الالتزام بترشيح بايدن في انتخابات مندوبي الحزب للمؤتمر الوطني الديمقراطي . ان موقف كاميلا هاريس ونائبها تيم مالز لايزال منحازا بالكامل "لإسرائيل " والاستمرار في جوهر سياسه الاداره الحاليه مع طرح شكلي لوقف اطلاق النار و"تحرير" الرهائن ورفع الحصار واعاده بناء غزه ,وكذلك حل الدولتين ,مع الإبقاء على الدعم والشراكه العسكرية والسياسية والاقتصاديه والدبلوماسيه الاميركيه الشامله "لإسرائيل"على حساب فلسطين وشعبها.
ينعقد المؤتمر الوطني الديمقراطي قي شيكاجو خلال الفتره 19-23 أغسطس الجاري ليشكل تظاهره سياسيه بخطابات لقاده الحزب بمن فيهم الرئيس بايدن والرؤساء السابقين لدعم الحزب ومرشحته كاميلا هاريس ونائبها تيم مالز للرئاسه الاميركيه حيث تقبل هاريس ونائبها رسميا الترشح عن الحزب الديمقراطي ويقر برنامج الحزب للانتخابات الرئاسية والتشريعيه.
ومن المتوقع مشاركه عشرات الألاف من المندوبين المنتخبين وغيرهم ومنهم عدد مهم يمثلون التيار المعارض للسيلسه الرسميه للحزب وتحديدا مرشحيه للرئاسه كاميلا هاريس و نأئبها تيم مالز ,ويطالبون بتعديلات جوهريه بوقف الدعم الفوري الأميركي لحرب الاباده "الإسرائيلي",وعدم الاعتراف باجراءت "إسرائيل " في الأراضي الفلسطينيه والجولان المحتل ,واتخاذ إجراءات ضد سياسه "إسرائيل "في الأراضي الفلسطينه المحتله التي تناقض قرارات الشرعيه الدوليه الملزمه لاميركا,وكذلك وضع حد لسياسه اميركا العدائيه تجاه مساندي الشعب الفلسطيني .
وفي ذات الوقت فانه جرى ويجري الاعداد لمظاهرات احتجاجيه تتوجه الى مقر المؤتمر في شيكاجو لتعبر عن هذه المطالب والضغط من اجلها في المؤتمر بالاتفاق مع المندوبين المؤيدين لذلك في المؤتمر.وجدير بالذكر ان من اهم مواقع انطلاق الاحتجاجات مايعرف بفلسطين الصغيره في ولايه الينوى وعاصمتها شيكاجو مقر انعقاد المؤتمر.ويهدف المتظاهرون للتعبير عن معارضتهم لمشروع البرنامج الحالي واطروحات هاريس وقيادات الحزب الديمقراطي المنحاز "لإسرائيل" على حساب فلسطين وشعبها .ويريد المحتجون ان توقف اميركا دعمها وشراكتها مع "إسرائيل "عسكريا وسياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا.
ومن الواضح انه لن يحدث تغيير جوهري في برنامج الحزب واطروحات هاريس . وسوف يترتب على ذلك حجب العديد من الناخبين الفلسطينين والعرب والمسلمين واليساريين أصواتهم عن هاريس في ولايات مهمه ومرجحه مثل ميشجن والينوي وبنسلفانيا حيث نسبتهم كبيره.ويشكل ذلك معضله اذ سيصب لصالح ترمب على حساب هاريس.
خياران احلاهما مر
تجري عمليه الصراع على الرئاسه الاميركيه مع مايرافقها من حملات انتخابيه من قبل الحزبين المتنافسين الجمهوري والديمقراطي والمرشحين المتنافسين للفوز بالرئاسه ترمب وهاريس على وقع حرب الاباده الصهيونيه ضد اللشعب الفلسطيني مترافقه مع استنفار محموم للكيان الصهيوني وللحركه الصهيونيه واللوبي "ألاسرائيلي": في الولايات المتحده لدعم "إسرائيل "في هذه الحرب وشيطنه وتجريم المقاومه الفلسطينيه وغير ذلك من المواقف, للتاثير لاقصى حد على الحمله الانتخابيه ومواقف والتزامات وبرامج الحزبين والمترشحين ,والابتزاز السياسي.
وقد كشف المؤتمر المناهض لمعاداه الساميه والذي نظمه اللوبي "الصهيوني" وحضره المرشح ترمب عن انحطاط السياسه الاميركيه في هذا الشان مؤيدا "إسرائيل" بالمطلق ,فقد أعلنت البليونيره ميريام اندلسون مزدوجه الجنسيه الاسرائيليه الاميركيه عن انها تبرعت لترمب في حملته الانتخابيه للرئاسه في 2016 بمبلغ 75 مليون دولار مقابل وعده بنقل سفاره أمريكا الى القدس في فلسطين المحتله وقد اوفى بوعده .وأعلنت انها تتبرع ب 100 مليون دولار لحملته الحاليه . ورغم انها لم تكشف المقابل لذلك , الا ان المقربين من الطرفين يشيرون الى وعد ترمب الاعتراف بضم "إسرائيل" للضفه الغربيه في حال فوزه بالرئاسه .
هذا نموذج لما يجري من تاثيرات فضه في الانتخابات الاميركيه من قبل "إسرائيل " والحركه الصهيونيه واللوبي "الإسرائيلي" وحلفائهم في المؤسسات الاميركيه المسيطره حيث الانتخابات الاميركيه ابعد ماتكون عن الحريه والنزاهة ومصلحه الشعب الأميركي فمصلحه الكيان الصهيوني هي الأولى والحاسمه.