بقلم : خالد جناحي*
بدأ تراجع التصنيف الائتماني للبحرين منذ عام 2016 ، حيث تم تخفيض التصنيف من درجة الاستثمار (Investment Grade) إلى درجة الغير مرغوب (Junk) من قبل ثلاث مؤسسات ائتمانية دولية وهي وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتمانى، وكالة ستاندرد آند بورز ، ووكالة موديز ، وجميعهم لهم ثقل ائتماني ومصرفي كبير دوليا لأن غالبية الحكومات والبنوك تسترشد بتصنيفاتهم عند المعاملات المصرفية أو التجارية الدولية.
وفي وقت صدور هذا التصنيف واكبه مباشرة تصريحات من بعض كبار المصرفيين البحرينيين و اخرين بأن
هذا الانخفاض آني وأن أغلب هذه الوكالات الدولية وخبرائها على غير علم أو كتاب منير بأوضاع الاقتصاد البحريني وخصوصيته، والبحرين قادرة على مواجهة هذا الوضع "المؤقت من وجهة نظرهم" وعودة التصنيف الى مراكز أعلى في أقرب وقت، .بل أن أحدهم ويوصف بأنه من أكبر المصرفيين في البحرين قال بملء فمه "إن البلاد سوف تستعيد تصنيفها السابق – درجة الاستثمار - خلال ثلاثة أشهر"، والآن وبعد 7 سنوات ( 84 شهرا كاملة) لا يزال التصنيف الائتماني البحريني على صعيد كافة التقارير الصادرة من وكالات التصنيف والائتمان الدولية المعتمدة والمعروفة في نزول وراء نزول، بدلا من الارتفاع التي كنا نتمناها، وبالطبع عكس كل توقعات المسؤولين من مصرفيين كبار وغيرهم أثبتوا أن آرائهم لم تكن مبنية أبدا على علم أو خبرة أو أرقام معتمدة، ولكن كانت بمثابة آراء تطلق في الصحف على دقات الطبول والمزامير، وأحيانا موسيقى الجاز.
وللأسف لم يراجع أي صحفي أو إعلامي هؤلاء كبار المصرفيين والمسؤولين الآخرين في تصريحاتهم التي خرجت بزعم الطمأنة، ولكنها في حقيقتها وبعد مرور 7 سنوات كاملة أثبتت أنها ضلال في ضلال.
ومع الظروف التي تعيشها البحرين حاليا ، والوضع الاقتصادي غير المريح للبحرين وخاصة المتعلقة بالدين العام الذي يرتفع بشكل تدريجي منذ عام 2006 حتى الآن دون توقف ، اني لا أرى مؤشرا لعودة البحرين إلى تصنيفها الإيجابي السابق – درجة الاستثمار – الذي كنا عليه عام 2015 ، بل أصبحت تكلفة الدين العام كبيرة (تعادل إجمالي إيرادات الدولة غير النفطية) وتعتبر عنصر أساسي في المصاريف المتكررة ، لاسيما أن الدين العام أصبح 40 مليار دولار، وسوف يزيد ، بل من المتوقع استمرار ارتفاعه خلال العشر سنوات المقبلة حتى لو حققت البحرين التوازن المالي المنشود .
وبما أن تكلفة الدين العام كبيرة لهذا الحد المزعج، كما أن المصاريف المتكررة حجمها متضخم، فإن الدولة سوف تضطر اضطرارا الى اللجوء لموارد أخرى على رأسها زيادة ضريبة القيمة المضافة VAT من 10 % إلى 20 % خلال الفترة المقبلة والمرجح لها مع ختام الرؤية 2030 ، وربما تزيد تكلفة الكهرباء (المدعومة حاليا نسبيا) ، واذا استمر نفاذ احتياطي الغاز البحريني وهو متوقع خلال الثلاث السنوات المقبلة ، فالبحرين سوف تضطر إلى استيراد الغاز من الخارج، وبالتالي فان سعره المباع الآن على شركة "البا" ، البتروكيماويات "جيبك" والشركات الاخرى بسعر 4 دولار (مدعوم) ، بينما سعره الحقيقي يتراوح بين 8 إلى 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية على المقياس البريطاني، مما يعني أن تكلفة التصنيع سوف ترتفع شئنا أم أبينا، وهو ما سيقلل بالطبع من فرص المنافسة الخارجية في السوقين الإقليمي والعالمي .
وتباعا .. هذا الموضوع سوف يسهم في الضغط على التصنيف الإئتماني للبحرين في المستقبل.
ختاما أقول أنه بعد مرور 7 سنوات كاملة من انخفاض التصنيف انخفاضا تلو الآخر، لا يزال بعض المسئولين الحكوميين ومن يدعون أنفسهم بأنهم كبار مصرفيين مصرين على الإفك ولم يعتذروا عن تصريحاتهم الخاطئة والمضللة، والأدهى أنهم بلا حساب ولا عتاب يمارسون نفاقهم بكل طمأنينة الصلوات الرمضانية، والأكثر مرارة في رأيي هو حال "مصدقيهم وتابعيهم" الذين يتجرعون الكذبة وراء الكذبة بكأس كان مزاجها زنجبيلا .. واللهم إني صائم.