بقلم : عبد النبي العكري
تنعقد في قازان المطلة على نهر الفولجا الشهير وعاصمه جمهورية تاترستان الروسية خلال 22-24 أكتوبر 2024 قمه البريكس والتي تضم عددا من الدول النامية والناهضه اقتصاديا وفي مقدمتها(BRICSمجموعة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا حيث اسم المجموعة مكون من الحروف الأولى بالانجليزي لاسماء هذه الدول .ويقدر سكان دول المجموعة ب 45% من سكان العالم فيما يقدر مجموع الناتج العام للمجموعة ب 28 تريليون دولار أي 36% من الناتج العام العالمي المقدر لب 65 تريليون دولار في 2023.وقد جرى تشكيل المجموعة من دول ذات اتجاهات سياسية مختلفة وذوي مناهج اقتصادية متباينه ولكن مايجمعها هو تشكيل تجمع اقتصادي يضع حدا لسياسه القطب الواحد في العالم وهيمنة الغرب بقياده أمريكا على النظام العالمي ويسهم في تحقيق التعددية الاقتصادية والسياسية في العالم ويمكنها من التعاون البناء لتطوير اقتصاداتها لصالح شعوبها وصالح البشريه دون التبعية والخضوع للغرب .
تعود فكره البريكس الى الاقتصادي جيم اونيل الذي صاغ مبرارات ومفهوم واهداف المجموعة و دعى الى قيام تكتل سياسي واقتصادي من الدول النامية بقياده الدول الناهضة اقصاديا وهي الصين وروسيا والهند والبرازيل في عام 2001 لتضع حدا لسيطرة الغرب على العالم وتفتح الطريق للتعاون والتنمية .
تشكل المجموعة وتوسعها
تشكلت المجموعة المؤسسة للدول الأربعة والتي انضمت أيها جنوب اقريقيا لاحقا, كمجموعة غير رسميه في 2006 وتعقد اجتماعاتها السنوية لوزراء خارجيتها على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامه للأمم المتحده في نيويورك في سبتمبر من كل عام. وقد عقد الاجتماع التأسيسي للمجموعة على مستوى القمة في ياكتنبرج في روسيا في 16 يونيو 2009 للدول الأربع . وكان الهدف المعلن تحسين الأوضاع الاقتصادية العالمية .وبعدها طرحت المجموعة ضرورة وجود احتياطي عالمي للعملات يكون سليما ومتنوعا ومستقرا .وارتؤي حينها ان ذلك يعني وضع حد لسيطرة الدولار على المبادلات المالية والتجارية. وفي ديسمبر 2010 قبلت جنوب افريقيا كعضو كامل في المنظمة وحضرت قمه المنظمه في مدينة سانيا في الصين في ابريل 2011, حيث عدل اسم المنظمة الى بريكس في اشاره للحرف الأول من جنوب افريقيا وظلت هذه التسمية قائمه رغم انضمام أعضاء جدد
منذ ذلك الحين تطورت المنظمة من حيث البنية وبرامج التعاون والتكامل والمشاريع المشتركة والتبادل التجاري . وفي قمة سانت بطرسبرج في سبتمبر 2013 قررت القمه تأسيس بنك التنمية الجديد والذي جرى التوقيع رسميا على قيامه في قمه فوتاليرا بالبرازيل في يوليو 2014 برأسمال مستهدف وقدره 100 بليون دولار لتمويل مشاريع التنمية في الدول الأعضاء وذات العلاقة مع المنظمه . وقد تقرران تكون بكين مقرا للبنك. كما جرى دعوة دول غير أعضاء راغبه في التعاون مع المنظمه وانضمام بعضهم لاحقا بعد فترة تاهيل.
دلالات قمة قازان
تعقد قمة قازان في ظل أوضاع دوليه خطيره ومعقده تؤثر مباشره على بعض أعضائها بقوة وتنعكس على المنظمه ككل وتشكل تحديات لأعضائها .من أهمها كون روسيا تخوض حربا ضد أوكرانيا منذ 2022 ,والتي تحولت الى مواجهة مابين روسيا وحلفائها من ناحية وأوكرانيا وحلف الناتو والتحاف الغربي بقيادة أمريكا من ناحية أخرى .وتبعا لذلك فقد فرض الغرب عقوبات اقتصادية شامله على روسيا بهدف ان تؤدي الى خنق روسيا اقتصاديا مما يحبرهاعلى التفاوض بشان أوكرانيا والانسحاب منها وتسوية الصراع حسب الشروط الغربية .كما ان أوكرانيا اقامت دعاوي ضد روسيا في 2022 في محكمة العدل الدولية وضد بوتين والقيادات الروسية في المحكمة الجنائية الدولية والتي أصدرت مذكرة قبض بخق الرئيس بوتين وقيادات روسيه .كما ان الغرب عمد الى ملاحقه الشركات والمؤسسات التي تكسر الحصار والإجراءات العقابية وخصوصا الصين التي تعتبر الحليف الأقرب والأقوى لروسيا. كما ان الهند القريبة من الغرب وامريكا بالذات عرضت بلسان رئيس وزرائها مودي الوساطة مابين روسيا وأوكرانيا لوضع حد للحرب والتفاوض وحل النزاع ما بينهما سلميا كحل وحيد.
من هنا فان انعقاد قمه البريكس في روسيا برئاسة بوتين لها دلالات مهمة على فشل الغرب في اجراءاته العقابية ضد روسيا وعزلها وضغوطه على البريكس للانصياع لهذه الإجراءات
. اما الحدث الثاني الخطير فهي حرب الاباده الصهيونية على الشعبين الفلسطيني واللبناني واغتداءاها على الدول المساندة للشغبين الفلسطيني واللبناني , منذ 8اكوبر 2023 حتى الان بمشاركه ودعم شامل من الغرب بقيادة أمريكا. وباستثناء بعض الدول المتواطئة مع الكيان الصهيوني, فان مجموعة البريكس مناهضة للحرب الصهونية وحلفائها ومؤيدة لحق الشعب الفلسطيني وسياده لبنان.لكن مجموعة بريكس لم تنجح في اجبار "إسرائيل" وحلفائها بوقف الحرب واحلال السلام في ظل تسود الغرب على النظام الدولي وفي قلبه الحركة الصهيونية المتخالفة مع الرأسمالية المتوحشة وانظمتها الغربية
ومما له دلالاته هو ان البريكس رغم ضغوط الغرب قد توسعت بحيث ضمت المزيد من الدول ومنها دول تعتبر حليفة للغرب .وفي هذه القمه التي دعي اليها زعماء 34 دوله بمن فيهم زعماء البريكس وكذلك زعماء الدول التي قبلت كاعضاء كاملي العضوية وهي الامارات ومصر واثيوبيا وايران والسعودية التي حضرت لكنها لم تقرر الانضمام للمنظمة كعضو كامل .
وتبقى استراتيجية مجموعة البريكس بناء عالم متعدد الأقطاب يستند الى تحالف بلدان الجنوب لتحدي ومنافسة نظام عالمي يهيمن عليه الغرب.
