بقلم :عبدالنبي العكري
توج دونالد ترمب انتصاره وانتصار الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية والكونجرس باحتفال ضخم في بالم بيتش بفلوريدا حيث منتجعه ومقره الفخم, حضره كبار قيادات ومسؤؤلي الحزب الجمهوري وقيادات حملته الانتخابية.
في هذا الاحتفال ردد ترمب عباراته المشهوره "دعونا نجعل اميركا عظيمه مرة أخرى "وعرض ملامح من برنامجه لتحقيق ذلك على الصعيد الداخلي والخارجي ,ودعى للمنصة ابرز هؤلاء لمخاطبة المحتفلين .وكان ذلك مؤشرا لتعيين بعضهم في ادارته القادمه مثل سوزي ويليز, مديره الحملة الانتخابية والبليونير ايلون ماسك اكبر ممولي الحمله.
بعد ذلك بدات مكالمات وبيانات التهنئه تتدفق على الرئيس ترمب حيث جرى اعلان او تسريب محتواها كمؤشر على طبيعة العلاقات المتوقعه مابين بلدان وزعماء هذه الدول والولايات المتحدة في ظل قيادة ترمب. لكن الأهم هو سلسلة المشاورات والاتصالات المكثفة ما ببين ترمب وفريق عمله مع قيادات الحزب الجمهوري وخصوصا أولئك الذي احتفظوا بمواقعهم او الذين فازو في مجلس الشيوخ ومجلس النواب وحكام الولايات , وذلك من اجل اختيار أعضاء ادارته القادمه وكبار المسؤؤلين واختيار الفريق الانتقالي قبل اجتماعه مع الرئيس بايدن يوم الأربعاء 13نوفمر الجاري و الذي ستنتهي ولايته في 10 يناير .2025
ومن خلال تصريحات الرئيس المنتخب ترمب ونائبه فانس , ومكالماته مع زعماء منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية ,وتعييناته للمناصب ذات العلاقه بإدارة السياسية الخارجيه والأمنية والاقتصادية والتجارية مع هذه البلدان يمكن ان نتبين ملامح سياسة اميركا في ظل رئاسة ترمب تجاه حرب الابادة الصهيونية على الشعبين الفلسطيني واللبناني وعملياتها العدوانية ضد محور المقاومة والسياسة الاوسع تجاه الصراع "ألاسرائيلي "الفلسطيني وابعاده العربية والإقليمية والدوليه.
ترمب وصفقة القرن
تستند العلاقات ألاميركية "الإسرائيلية " على قاعده ذهبية هي ان الولايات المتحدة الأميركية اهم حليف وداعم للكيان الصهيوني منذ قيامها في 1948 وانها تصيغ وتفرض سياستها في منطقة الوطن العربي والشرق الأوسط بل والعالم لضمان تفوق "إسرائيل" عسكريا وانتصاراتها في حروبها المتتالية وقضمها لفلسطين وتوسعها في المحيط العربي لفلسطين, وفرض الخضوع والتطبيع العربي مع الكيان المحتل,وبالتالي فان الاستراتيجية الأميركية والصهيونية متطابقتان في تمزيق وإخضاع الوطن العربي للهيمنة الأميركية والصهيونية .واخر تجليات هذه الاستراتيجية هي حرب الاباده الصهيونية الحاليه بشراكة أميركية كاملة.
خلال فتره رئاسته الأولى 2017_2020 قدم الرئيس ترمب "لإسرائيل" وللحركة الصهيونية مالم يقدمه رئيس أميركي في التاريخ .لقد تبنى مايعرف بصفقة القرن ومفادها تصفية القضية الفلسطينية نهائيا ودعم الكيان الصهيوني في الاستيطان والضغط لتهجير الفلسطينيين من فلسطين المحتله وترجمة لذلك عمد ترمب لدعم سياسة التهويد ونقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة واعترف بسيادة "إسرائيل" على الجولان المحتل .
وفي سبيل فرض اعتراف وتطبيع الدول العربية بالكيان المحتل فقد قاد مايعرف بالاتفاق الابراهيمي والذي طبعت فيه اربع دول عربيه هي الامارات والبحرين والمغرب والسودان علاقاتها مع "إسرائيل" والعمل لتوسيع التطبيع ليشمل دولا عربية وإسلامية أخرى.لقد تم ذلك في ظل حكومة "إسرائيلية "يمينية عنصرية متطرفه , يرأسها الصهيوني المتطرف نتنياهو حيث جمعته مع ترامب رؤيه مشتركة واحتفظ بعلاقات خاصة حتى بعد ان فشل ترمب في تجديد رئاسته.
استكمال صفقة القرن
طوال حملته الانتخابية فقد كانت صفقة القرن وماقدمه ترمب "لإسرائيل" وتاكيده بانه الصديق المؤتمن "لإسرائيل" واليهود والحركه الصهيونية في العالم في مركز اهتمام حملته الانتخابية .وبالمقابل فقد تدفقت على حملته الانتخابية التبرعات السخية من اللوبي "الإسرائيلي" والاغنياء اليهود.من هنا موقفه الشرس ضد الحركه الاحتجاجية الطلابية الجامعيه والأهلية المعارضه للسياسه الأميركية وحرب "إسرائيل" والمناصره لشعب فلسطين,ووصمه المقاومه الفلسطينية واللبنانية وايران بالإرهاب .
لاشك ان اللوبي "الإسرائيلي" لعب دورا حاسما في انتصاره وحزيه الجمهوري في هذه الانتخابات . كما ان نتنياهو يفضل ترمب والحزب الجمهوري بتوجهاته الحالية على هاريس والحزب الديمقرطي ولذلك افشل جميع مبادرات الإدارة الاميركيه لوقف حرب الاباده في غزه ولبنان رغم انها لصالح الكيان المحتل لئلا تضاف الى لرصيد هارس والحزب الديمقراطي .
وبالمقابل فقد كان التحالف العربي الإسلامي التقدمي منقسم على نفسه وفي مازق مابين التصويت لمرشحة الديمقراطيين كمالا هاريس نائبه الرئيس جو بايدن التي شاركت حكومتها "إسرائيل" في حرب الاباده لاكثر من عام ورفضها حتى الدعوه بإيقاف تسليح الكيان الصهيوني وإيقاف الحرب ,ودونالد ترمب المرشح الجمهوري الذي طالب نتننياهو بأنهاء الامر بسرعه وانتقد مساعدوه الادارة الديمقراطيه مايدعونه تقصيرا في دعم "إسرائيل" وضغوطا على نتنياهو , وايد توسع "إسرائيل" على حساب العرب واكمال صفقة القرن.واكتفى ترمب بالقول انه يسعى للسلام في الشرق الأوسط دون التزامات محدده.
من خلال مكالمات التهنئه مع المنتصر ترمب فقد كان نتنياهو اول زعماء المنطقه ممن هنأ ترمب وتم التأكيد على التحالف الاستراتيجي مابين الكيان الصهيوني وامريكا والعلاقات الشخصيه التي تربط الصديقين وانجازات ترمب لصالح "أسرائيل" في ظل قيادتهما.وذكر ان نتنياهو عين سفييرا جديدا "لإسرائيل" الملائم لمرحلة ترمب. اما مكالمات ترمب مع بعض الزعماء العرب فانها اكدت على العلاقات الاستراتيجية لدولهم مع أمريكا وتطلعهم لتعزيزها في عهده دون المطالبة بوقف حرب الاباده "الإسرائيلية" ومشاركة أمريكا فيها.وبالنسبه لمكالمة الرئيس الفلسطيني أبو مازن فقد كشف الجانب الفلسطيني عن فحواها ومطالبته ترمب بالعمل لوقف حرب الاباده وتحقيق سلام دائم وشامل في الشرق الاوسط لكن ترمب وفريقه لم يذكروا ماقاله ترمب لابو مازن في تجاهل متعمد لذلك.
الكيان الصهيوني بقيادة نتنياهو يتصرف بثقة اكبر بعد انتصار ترمب في الاستمرار بحرب الاباده وتوسيعها بدعم ومشاركة أميركية . ورغم حديث ترمب العابر عن السلام في المنطقه فقد وجه تهديدات لايران باعتبارها المسؤؤل الأول عن تهديد الاستقرار في المنطقة واكد ليس على بقاء القوات الأميركية في العراق بل تدعيمها لمواجهة احتمال الحرب معها, وهو ماتسعى اليه "إسرائيل". كما انه ليس صدفه زج ايران فيما يدعى بمؤامرة لاغتيال ترمب حيث ادعي بانه كلف فرهاد زخاري لوضع خطة بذلك لصالح الحرس الثوري , لتبرير شن هذه الحرب , رغم نفي فرهادد لذلك وعدم الحصول علي مثل هذه الخظة. كما ان ترمب يعتبر المقاومة الفلسطينية واللبنانية منظمات ارهابية ولم ينتقد ابدا عمليات حرب الاباده ضد المدنيين ولم يبدي تعاطفا مع عشرات الألوف من الضحايا او خطط "إسرائيل" لاقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم.
في ظل مواقف ترمب وتوجهات ادارته القادمه , فان "إسرائيل" لم تعرض حتى هدنة للحرب بل افصحت عن خططها الأكثر خطرا ودمويه, فهي ماضية في مجازرها في غزه وحصار التجويع لاجبار الفلسطينين للتهجير لصحراء سيناء وقد اقامت مجمعا عسكريا ضخما عند محور نتسريم لشق قطاع غزه .وبالنسبه للبنان, فلم يعد مطلب"إسرائيل" الالتزام بالقرار الاممي 1701 بل هزيمه حزب الله وضمان تجريده من السلاح بضمانة دوليه مقابل هدنه وليس وقفا لاطلاق النار والانسحاب من لبنان . وهي مستمرة في حرب الاباده في كل لبنان حيث الضحايا بالالاف وقد تفاخر نتنياهو انه هو من امر بمجزرة البيجر, رغم معارضة المسؤليين الأمنيين , فيما تفاخر رئيس الأركان هاركابي بان "إسرائيل" هزمت حزب الله وقتلت قائده ولذي فهي من يفرض شروط وقف الحرب..
يبدو ان حرب ألاباده "الإسرائيلية " ستستمر حتى تسلم دونالد ترمب للرئاسه في 10 يتاير 2025,في ظل مباركة ترمب والحزب الجمهوري وتواطئ بايدن والإدارة الديمقراطية.ولكن هل هذا قدر مكتوب على المقاومة الفلسطينية واللبنانية وحلفائهما.بالطبع لا, فانه بالرغم من خسائر المقاومة والشعبين الفلسطيني واللبناني الجسيمة ,فان خسائر الكيان الصهيوني لاسابق لها , ومن هنا فنجاح المخطط الصهيوني الأميركي ليس قدرا والحرب مفتوحة على مختلف الاحتمالات .