استثمار ممتلكات في ماكلارين .. إلى أين ؟ (2-2 )
بقلم – خالد جناحي
تناولنا في المقال السابق بشكل مختصر حالة "الجفاف المالي" أو جفاف السيولة التي عانت منها شركة ماكلارين في أعقاب جائحة كورونا التي وضعت الشركة في مأزق حقيقي، وأصابت خطتها في التطوير وزيادة إنتاج السيارات الفائقة السرعة التي اشتهرت بها هذه العلامة التجارية في سباقات الفورمولا وان، وأشرنا إلى دور المؤسس بروس ماكلارين والسير رون دينيس الرئيس التنفيذي للشركة وطموحاته التي لامست فعليا أرض الواقع في فترة من الفترات لتحويل ماكلارين إلى شركة تصنيع سيارات خارقة لمنافسة فيراري الإيطالية. وقد اتخذ الخطوة الأولى نحو إنتاج السيارات في عام 1992 مع إطلاق سيارة ماكلارين F1، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن لاحقا.
وأشرنا أيضا إلى دور ممتلكات "المؤثر" والفعال في توفير السيولة للشركة على مدار 4 سنوات ومنذ تأثرها بالجائحة، وبقي السؤال "لماذا ستتخارج “ممتلكات” من ماكلارين؟ وهل ستحقق عوائد من هذا الخروج أم ستكتفي بتحصيل ما ضخته من أموال على مدار سنوات في هذه الشركة؟ أم أنها لن تحصل هذا أو ذاك ؟
المتوارد عن مديونيات الشركة حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي (سبتمبر 2023م) يبين أن عليها قروض تقدر بحوالي 500 مليون جنيه إسترليني ومستحقات تقدر بحوالي 784 مليون جنيه إسترليني، منها 620 مليون جنيه واجبة السداد خلال سنة.
البحث عن شريك
الأخبار التي تداولتها وكالات أنباء وصحف عالمية تشير إلى أن "ممتلكات" أوكلت المهمة لمصرف "جيه بي مورجان" وتتمثل باختصار في العثور على "شريك إستراتيجي" يتمتع بالخبرة في تصنيع السيارات الكهربائية، ومن المتصور أن يحصل الشريك في البداية على حصة أقلية في ماكلارين، تنمو بمرور الوقت إلى أغلبية، مما يترك "ممتلكات" تحتفظ بحصة الأقلية بموجب الخطط. .
المحادثات كانت في مرحلة أولية مع وجود سلسلة من الخيارات المطروحة على الطاولة، والمناقشات مع الأطراف المهتمة لا تقتصر على شركات صناعة السيارات الأخرى، وقد لا تؤدي إلى بيع أسهم.. والأرجح أن تتجه المفاوضات إلى جهتين رئيستين، الأولى "مستثمر صيني" وهي فكرة لا تلقى قبولا كبيرا عند إدارة الشركة التي تتخوف من "مركزية الإدارة الصينية"، وتقول أن هناك خطر بأن تفقد ماكلارين استقلاليتها وربما هويتها.
هل يفعلها ايلون ماسك؟!
أما الجهة الثانية فهي التي تميل لها إدارة الشركة حاليا بقوة وهي "الاتجاة غربا" والبحث عن مستثمر أمريكي، وتعتقد الإدارة أن أفضل السيناريوهات هي التعاون مع شركة "تسلا" العملاقة لإنتاج السيارات الكهربائية باعتبارها مستقبل صناعة السيارات في العالم، وترى إدارة الشركة أن "الزواج بين ماكلارين وتسلا هو زواج في الجنة"، حيث ستمنح "ماكلارين" بموجب هذا الزواج "تسلا" نموذجا للسيارة الرياضية المتطورة التي تفتقده حاليا، وسيمنح هذا الزواج ماكلارين إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا السيارات الكهربائية المتطورة التي تعد بمثابة "مستقبل عالم السيارات".
حتى الآن الجميع يلتزم الصمت، لكن متحدث باسم ماكلارين قال "إنها منفتحة لمناقشة شركاء وموردي التكنولوجيا الاستراتيجيين المحتملين".
لكن لا أحد ينكر "هوس" إيلون ماسك مؤسس ومالك "علامة تسلا التجارية" بسيارات المكلارين، وقد اشترى أولى سيارته منها عام 1999م وثروته حينها لا تتعد 22 مليون دولار فقط، لذلك فإن شراء الشركة بأكملها الآن التي تبلغ قيمتها حوالي 200 مليار دولار قد لا تكون فكرة سخيفة، وهو على قمة أثرى أثرياء العالم حاليا.
هل تسترجع "ممتلكات" أموالها؟!
نعود إلى "ممتلكات"، ونقول أن فكرة الاستثمار في "ماكلارين" بالمجمل لم تكن فكرة سيئة لعدة أسباب يأتي على رأسها أنها "شركة ذات سمعة عالمية" وكانت أفق تطورها واسعة وقائمة، وكانت خطط "ممتلكات" تهدف إلى زيادة إنتاجها السنوي من السيارات تدريجيا إلى أكثر من 5 آلاف سيارة سنويا (أحجام المبيعات بلغت 4662 سيارة في 2019 قبل الجائحة مباشرة)، وكون وجود "عامل قهري طارئ" عطل هذه الخطط أو أفسدها لا يعني أنها كانت فكرة سيئة بالأساس.
ثانيا.. لأنه بحسب "فوربس" فإن القيمة السوقية المتوسطة لجميع فرق سباقات الفورمولا وان" قد ارتفعت ما بين عام 2019 و عام 2023 بنسبة 276% الذي سبق جائحة كورونا مباشرة، هذه الزيادة الكبيرة نتجت عن زيادة مشاهدي السباقات عالميا إلى نحو 70 مليون شخص في عام 2022 وهو ما ترتب عليه زيادة كبيرة في عدد المعلنين وقيمة الإعلانات، ويأتي فريق "ماكلارين" رابعا من حيث القيمة السوقية لفرق السباق حسب "فوربس" بقيمة تقدر بحوالي 2.2 مليار دولار، وبما أن الشركة الأم "ماكلارين" تملك في "ماكلارين ريسنج ليمتد" نحو 70% من أسهم الشركة ، فهذه قيمة مهمة تؤمن رجوع نسبة كبيرة من الأموال التي ضختها "ممتلكات".
وأخيرا .. ردا على سؤال "هل ستعود أموال ممتلكات من هذا الاستثمار أم لا ؟".. فاعتقادي الشخصي أنها ستعود ليس من "ماكلارين" نفسها فقط، بل من "فريق ماكلارين" ذائع الصيت وصاحب القيمة السوقية الضخمة.