بقلم – خالد جناحي
من وقت لآخر تطل علينا الأنباء المتواردة من جهات مختلفة حول "نوايا" بيع حصص من شركة "ألبا" وهي بالطبع أكبر شركة بحرينية من حيث حقوق المساهمين والسمعة العالمية إذ تعد ثاني أكبر مصهر للألمنيوم في العالم بعد الصين، حيث يبلغ إنتاجها أكثر من 1.5 مليون طن متري سنويًا، وهي مدرجة في كل من بورصة البحرين وسوق لندن للأوراق المالية، والمساهمون فيها هم كل من شركة ممتلكات البحرين القابضة ش.م.ب. (مقفلة) بنسبة تقدر بحوالي (69.38%)، وشركة سابك للاستثمارات الصناعية بنسبة حوالي (20.62%)، فيما يمتلك الـ10% الباقية من الشركة مالكي الأسهم المطروحة في كل من بورصتي البحرين ولندن.
والشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك هي شركة مساهمة عامة سعودية متعددة الصناعات، مركزها الرئيسي العاصمة السعودية (الرياض)، وأكبر مالكيها هو صندوق الاستثمارات العامة وهو صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية، ويعتبر من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، وتنشط في مجال البتروكيماويات والكيماويات والمبلمرات الصناعية والأسمدة والمعادن، وتعتبر شركة سابك خامس أكبر شركة بتروكيميات في العالم، وهي ثاني أكبر شركة عامة في الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية كما هو مدرج في تداول.
وأخر ما تردد من أنباء عن هذه الصفقات كان ما تداول في الكواليس حول تعيين صندوق الاستثمارات العامة، بنك اوف أميركا، كمستشار مالي له بهدف زيادة حصة سابك الحالية في شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) من 20.62% من إجمالي أسهم الشركة (البالغ أصولها أكثر من 7 مليارات دولاروقيمتها السوقية 4.12 مليار دولار)
ربما السؤال الأكثر إلحاحا من قبل المتابعين ماذا تستفيد ممتلكات من الصفقة؟ ماذا سيستفيد الصندوق السعودي من الصفقة؟ و أخيرا ماذا ستستفيد الشركة أيضا من هذه الصفقة وهو الأهم؟
ولنبدأ بالقسم الأول من السؤال بحكم أن "الأقربون أولى بالتفسير والشرح"، السيولة المتوفرة من الصفقة ربما يكون لها أكثر من سبيل للصرف والإنفاق وكلها تثير علامات استفهام، لعل أبرزها إذا ما وجهت هذه السيولة للضخ في مكلارين أو طيران الخليج وكلاهما حالته لا يرثى لها، لكن في المقابل ستخسر ممتلكات التوزيعات السنوية الخاصة بنسبة الأسهم التي ستباع من حصتها.
علما بأن الشركة حققت صافي أرباح في عام 2022 يقدر بحوالي 1.1 مليار دولار، وإجمالي إيرادات 4.9 مليارات دولار، وتبلغ أصولها 7 مليارات دولار أمريكي، وتقدر القيمة السوقية لأسهمها بما يزيد عن 4.1 مليار دولار وبها 3185 موظف ، وتبلغ نسبة البحرنة فيها بنحو 83% من إجمالي الموظفين.
وكلها أرقام تدعو للتمسك بالشركة "الرابحة" وعدم الدفع بأموالها في شركات أخرى تحقق خسائر وفق المعلن من ممتلكات نفسها !!
أما السؤال الثاني حول مدى استفادة الصندوق السعودي من الصفقة إن كان الخبر صحيحا بالطبع ؟؟
في الحقيقة هناك أمور مبهمة حتى الآن حول المعلومات الواردة في الخبر، بل إن علامات التعجب تنال من سبب تعيين الصندوق السيادي السعودي لبنك اوف أميركا كمستشار مالي لشراء حصة إضافية من شركة ألبا، وهل هناك موافقة مبدئية من البحرين لبيع تلك الحصة؟!، أم أن الأمر لا يتعدى جزءا من نوايا توسع سعودية في قطاع الألمنيوم ونية السعودية شراء مصانع اخرى في العالم كجزء من خطة أشمل لتوسيع الاستثمارات الخارجية للصندوق.
وصندوق الاستثمارات العامة هو صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية، تأسس سنة 1971م، ويعتبر من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، إذ يحتل المركز الخامس بإجمالي أصول تقدر بـ 727 مليار دولار، بحلول نهاية ابريل 2023، ويختص بتمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية للاقتصاد الوطني السعودي.
ونأتي إلى القسم الثالث من السؤال حول استفادة الشركة من الصفقة، فقد تكون الشركة هي "الفائز الأكبر" من الأمر برمته، إذا دخل في الإدارة مستثمرا بحجم الصندوق السيادي السعودي الذي سيوفر تمويلات مهمة قد تخدم الشركة ليس فقط على سبيل التوسع المحلي الذي سيضيف مئات من العمالة البحرينية للشركة ويفتح أبواب رزق جديدة للبحرينيين، بل ربما تمتد إلى التوسع إقليميا وعالميا من خلال صفقات استحواذ باسم "ألبا" ترفع من قيمتها السوقية عالميا.
لكنني أتمنى إن صحت الأخبار عن هذه الصفقة ألا تكون ضمن صفقة الخمسة مليارات دولار استثمارات التي أعلنت عنها المملكة قبل فترة قريبة.
ختاما.. أعتقد أن علامات الاستفهام كثيرة حول الصفقة وأمر كهذا يتطلب شفافية وموضوعية كبيرة في التعامل مع الصفقة، وبيان أسباب البيع وسبل إنفاق السيولة القادمة، وأتمنى أن يلعب مجلس النواب دورا أكثر إيجابية في مثل هذه الصفقات التي تمس بقوة صلب الاقتصاد الوطني.