الطيورُ صارت للخرس
بقلم : فاطمة التيتون
(1)
وانتهينا عند بابِ الصُبحِ، ضيّعنا المنى،
وانتهى العطرُ الجميل،
ضاعتْ البهجةُ منا والقلائد،
ضاعَ تاجُ الوردِ، والقهوةُ ماتت في الفناجين،
وضاعَ الوجدُ، والماسُ تبدد.
و انتهينا – يا شقيق الروحِ –
ضعنا عند بابِ الصُبحِ، ضيعنا الهوى.
صارت الشمسُ غريبة، والعصافيرُ كئيبة،
وافترقنا، لم نودعْ بعضنا،
كان في الكفين أكفانٌ، وكنا،
في ظلامِ الصبحِ نارٌ أحرقتنا، وافترقنا.
(2)
أسئلة عن الرؤى،
وعن بكاءِ الشمسِ في وقتِ النوى.
تسألني النجومُ عنكَ والكتب،
ويسألُ الصمتُ الكلامَ، والبحرُ يسألُ السفن.
وقلتَ لي : ( حبيبتي) !!
هل انتهيتَ أم بدأت؟ هل مسّكَ العشقُ أم أنها إلى الردى؟
هل أنها سرعان ما يأكلها الصدى؟
(3)
هل بدأ الوداع؟
هل ضاعَ لونُ الصبحِ؟ هل ماتَ السنا؟
لعلنا لا نبدأُ النوى، لعلنا لا نحملُ الكفن،
لعلنا لا نجرعُ المُرَّ في ليلِ الأسى،
لعلنا لا ننتهي، لا يسرقُ الدهرُ بقايا الوقتِ منا،
لعلنا نضحكُ في الضحى وتضحكُ الدنيا لنا،
لعلنا – يا قمري- نرسمُ ميعادَ الهنا.
(4)
بكاؤنا ضحكٌ وضحكنا بكا،
ماتَ العاشقُ والمعشوقُ، ماتت الدموع،
وضاقَ الوطن،
ترهلت فينا المنى، غادرنا الأسف،
معنى النهارِ ضاعَ، والطيورُ صارت للخرس.
هل الكفن؟ يحضنُ هذا البدن؟
(5)
اغرورقت عيناي بالدمع ولم يدرِ،
مسّني العويلُ، لم يسمع،
عاودني النشيجُ، لم يترفقْ، لم يتأسف.
كان صخرة، كان ماءً يابساً، كان شوكة.
لم يعتذرْ، أخذتهُ الريحُ، لم يلتفت.
وبعده الشمسُ لم تنكسر .