بقلم : محمد الغسرة
في ليلتي 13 و14 فبراير 1945 كانت مدينة دريسدن الالمانية التي مساحتها لا تتعدى 330 كيلومتر مربع والملقبة بـ "فلونسا الالبة" على موعد مع قدرها المرعب، مع واحدة من أكثر لحظات الحرب ألما ودمارا. 35000 شخص قضوا في ساعات معدودة.. وهي اكثر مدينة اوربية تضررت من الحرب العالمية الثانية ، اليوم تحاول المدينة لملمة جراحها.. وغزة هذه الأيام وبنفس التوقيت تواجه نفس المصير.
قصف درسدن هجوم جوي بريطاني-أمريكي على مدينة درسدن، عاصمة ولاية ساكسونيا الألمانية، خلال الحرب العالمية الثانية. أسقطت 722 قاذفة ثقيلة من سلاح الجو الملكي البريطاني و527 قاذفة من القوات الجوية لجيش الولايات المتحدة ، أكثر من 3900 طن من القنابل شديدة الانفجار والقنابل الحارقة على المدينة ضمن أربع غارات بين 13 و15 فبراير 1945.
دمر القصف والعاصفة النارية الناتجة أكثر من 1600 فدان (6.5 كم2) من وسط المدينة. قُتل ما يقدر بنحو 22700 إلى 25000 شخص.
إن ادعاءات البروباغندا الألمانية الفورية عقب الهجمات ومباحثات ما بعد الحرب حول حقيقة وجود مسوغات للهجمات قد جعل من واقعة القصف قضية رأي عام أخلاقية للحرب. دافع تقرير لسلاح الجو الأمريكي عام 1953 عن العملية باعتبارها قصفًا مبررًا لهدف استراتيجي، وأشاروا إلى أن الهدف كان مركزًا رئيسيًا للنقل بالسكك الحديدية والمواصلات يضم 110 مصنعًا و50000 عامل لدعم المجهود الحربي الألماني.
الغارات شاركت فيها 1300 قاذفة قنابل ثقيلة ألقت في المجمل أكثر من 3900 من المواد شديدة الانفجار والأجهزة الحارقة في أربع غارات، مدمرةً مساحة 13 ميل مربع (نحو 34 كيلومتر مربع أو 34 ألف دونم) من المدينة، والتي هي بمثابة العاصمة الباروكية لولاية ساكسونيا الألمانية. كما تسبب القصف في عاصفة نارية التهمت مركز المدينة.
تفاوتت تقديرات أعداد الضحايا المدنيين ومايزال الجدل محتدماً بهذا الخصوص. حيث تراوحت الأرقام بين 8,200 إلى 300,000 نسمة. وتشير العديد من التقديرات إلى أن عدد ضحايا ذلك القصف من المدنيين هو الأكبر من نوعه في كل الحرب العالمية الثانية متجاوزاً حتى عدد الضحايا المدنيين للقنبلة النووية على هيروشيما. إلا أن بعض التقديرات الحديثة تطرح أرقاماً أقل تتراوح بين 24,000 إلى 40,000 شخص.
تلك كانت حرب بين محورين ، بينما غزة التي تتقارب في المساحة والضحايا الحرب بين دولة محتلة ( احتلت قطاع غزة عام 1967 ) ، وضد شرعية وجودها فيه ، وبين منظمة تدافع عن حق التحرير.
تجاوزت ضحايا غزة ، ضحايا دريسدن التي تعتبر اكبر مدينة اوربية تضررت اثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث رتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر الثامن من أكتوبر الماضي إلى 28176 شهيدا و67784 جريحا.
كانت دريسدن تقصف بالطيران فقط ، الا ان العدوان الاسرائيل استخدم الطيران الحربي في هدم المنازل، والدبابات والجرافات في هدم المؤسسات والعقارات والشوارع بالإضافة الى الجيش البري الزاحف على هذا القطاع وبم يستثني الهجوم البربري دور العبادة ، المستشفيات ، مراكز التعليم والجامعات ، المصانع والمزارع وماوي اللجؤ والملاجئ ومؤسسات الأمم المتحدة المعتمدة في القطاع منذ الحرب الإسرائيلية – العربية عام 1948 ، أعاد غزة الى 50 سنة ماضية من التدمير على مشهد من العالم المتحضر الذي استنكر ولا يزال يستنكر ما حصل من تدمير لمدينة دريسدن والذي يرفض رئيسة وقف اطلاق النار.. لنرفع صوتنا لوقف العدوان.
