بقلم محمد حسن العرادي
بالقدس هم يهتدون شباب يحفرون بأيديهم وأظافرهم في الصخر والجبال الطاهرة، يحملون أراوحهم على أكفهم وراحات أيديهم بكل محبة وفداء وتضحية، تفيض دموعهم ودمائهم عطاءً ووفاءً وهم يسقون أرض فلسطين الحبيبة وتراب القدس الشريف بها، غير عابئين بمن باع ومن اشترى ومن قبض الثمن ومن توارى خلف الأنظار.
بالقدس هم يهتدون، شباب لايكترثون بمن طبع ومن تبع ومن صافح معتدياً او نافق واشياً مرابياً، أو نام في سرير الأعداء وصفق لاكاذيبهم، لا يهتمون بصفقات القرن، وصفعات الزمن وعقارب الساعة وعقارب الرمل التي تختبئ بين الناس لتلدغهم في الأوقات الحرجة وهم يبحثون عن احجار يرمون بها الصهاينة، فتحقن السم في أجسادهم وتسعى لبث الوهن في مواقفهم والقنوط في نفوسهم .
بالقدس هم يهتدون، مناضلون يرون في فلسطين قبساً من نور ينير الطريق ويهدي إلى الصراط القويم المستقيم، لا يٌحزنهم من تساقط على الطريق من رفاق الأمس الذين تظاهروا بالإيمان بالقضية وتاجروا بها حتى اتتهم اللحظة المواتية التي ينتظرون، فإذا بهم يقفزون من قوارب النضال إلى سفن النصب والضلال، ومن مواقع الصمود والقتال الى أماكن التبرير والانفعال، من نتحدث عنهم مناضلون هم بالقدس يهتدون ولا يضلون الهدف أبداً مهما وحش الطريق وقل الناصر والصديق أو تخاذل الرفيق.
بالقدس هم يهتدون ، اجيال صامدة رغم الزمن وانتشار الخيانة والعفن، شباب يمتشقون أرواحهم ويتسللون تحت جنح الليل المظلم من العتمة والسواد والظلم والاضطهاد إلى أرض الأجداد، يكحلون عيونهم برؤيتها، يتنفسون هوائها، يعفرون وجوههم بترابها الزكي، ويروون قلوبهم من ماءها النقي، ويسرحون ويفرحون بها وهي تسري في عروقهم وأبدانهم كانها الدم يسري في الشريان فينبض بالحب والحيوية والايمان.
بالقدس هم يهتدون، شباب لا ينتظرون قطارات التسوية آنا جاءت ولا يتطلعون إلى الصعود في مراكب الهجرة والنسيان في بلاد الغربة عن الأوطان مهما كانت المغريات، ولا يقفون على طوابير معونات الأنورواء، ولا ينتظرون الانصاف من منظمات حقوق الإنسان المصابة بالرمد والعميان عندما يتعلق الارض بفلسطين، شباب ناضج قبل الأوان واع بمخطط التصفية الجبان، قلبه يلهج بذكر الله في المساجد العامرة والكنائس الباهرة في القدس أم العواصم وسيدة المدن.
بالقدس هم يهتدون، يعتمرون كوفيتهم وينخرطون في المراقبة في إنتظار اللحظة الحاسمة والضربة القاصمة، وحين يرون الفرصة ماثلة أمامهم يخرجون سلاحهم من بين اضلاعهم، أيا كان نوع ذلك السلاح وحجمه ومدى الخطورة التي يمثلها، بيدين عاريتين مجرظتين الا من محبة فلسطين والتشبث بها، بحجر من صخورها العصية على الاحتلال، بسكين مطبخ حادة مسنونة تطعن صدر جنديٍ محتلٍ غاصبٍ ملعون من بني صهيون، بسيارة نقل او عربة موتى تدعس ايٍ من أفراد الجيش الصهيوني وهم يتمايلون مترنحين ثمالى بوهم النصر.
بالقدس هم يهتدون، شباب يعملون بصمت وباجتهاد لتوفير بعضٍ من قوت يومهم من أجل الحصول على سعر بندقية يزغرد فيها الرصاص بصوت الحرية والتحرير، يختارون أهدافهم من بين العساكر والجنود، يتحاشون قتل المدنيين من النساء والأطفال رغم قناعتهم بأن هؤلاء جزء من فلسفة وهيكلة الإحتلال ومنظومة الاغتصاب والكراهية والعنصرية ونظام الأبرتهايد.
بالقدس هم يهتدون، مناضلون يفضلون الانقضاض على القتلة بشكل مباشر ، الحرس والعسكر الذين يحمون الكيان العنصري الصهيوني كوظيفة وخيار فيزرعون في قلوبهم الرعب، ولا تأخذهم بهم الرأفة والشفقة، لأن هؤلاء هم من ساهم في تشريد المزيد من أهل فلسطين، وشارك في القتل والإعتقال وهدم البيوت وتشريد الأطفال والنساء والشباب، وحرمهم من حق الحياة والإنسانية.
بالقدس هم يهتدون، مناضلون لايهتمون بالقمم مهما انعقدت بعيداً او قريباً منهم، لا ينتظرون من أحد حشد الهمم والدعم لهم، ولا يكترثون باتفاقيات السلام والتسويات التي توقع باسمهم زوراً ونفاقاً وهم منها براء، ولا تعنيهم مؤامرات الإستسلام والتوطين والأوطان البديلة التي تدعي انها تدافع عن حقوقهم المسلوبة، فلسطين بالنسبة لهم الأمس واليوم والغد الحاضر والمستقبل، منذ أكثر من 74 وهم يتناسلون ويعلمون أطفالهم بأن الحق لايضيع وأن الإغتصاب لا يتحول إلى حق أصيل وشرعي مهما طالت ليالي الانتظار والصبر والإغتراب.
بالقدس هم يهتدون، شباب مؤمنون يفرقون بين الحق والباطل، فمن كان مع فلسطين كان مع الحق مهما كان بعيداً ومهما كان غريباً أو أجنبياً، لأنه يصبح من الأهل والأصدقاء والرفاق والأحبة المقربين، ومن وقف ضد فلسطين مهما كان قريباً أو حبيباً أو نسيباً أو صديقاً سابقاً فهو من الأعداء الذين يجب محاربتهم وفي أقل الأحوال الحذر منهم والإبتعاد عنهم لانهم أشبه بالوباء الذي باشفاء منه.
بالقدس هم يهتدون، يحشدون الصداقات والحلفاء ويعبدون الطريق نحو القدس وكافة المدن الفلسطينية التي ستتحرر بصبرهم وجهادهم وكفاحهم الذي يُحدث التراكم الإيجابي ويوفر الفرصة لتجسيد اللحظة التاريخية التي تعود فيها فلسطين حرة عربية مستقلة على كامل ترابها من البحر الى النهر شاء من شاء وابى من ابى حينها سيتقدم شبل من اشبال فلسطين او زهرة من زهور الياسمين ليرفع علم فلسطين عاليا يرفرف فوق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة في القدس العتيقة زهرة المدائن وأم البقاع والأماكن .
بالقدس هم يهتدون، لا يعترفون باتفاقيات التطبيع المذلة ولا معاهدات الهدنة والاعتراف المخلة، لا يخافون من الحصار خلف جدار الاستيطان العنصري ، بل يرون فيه فرصة للعبور وتعزيز الإرادة، فيعززون قدراتهم وينمون إرادتهم واستقرار رؤيتهم، ويعدون العدة ليوم قادم لا محالة تعود فيه فلسطين إلى اهلها الأحرار، ويغادر المحتلون الى البلدان التي قدموا منها منكسي الرؤوس خانعين مهزومين، مهما طال بهم المقام على أرض فلسطين، فهم يعلمون بأنها إقامة طارئة ستزول حتماً وتنتهي من الوجود.
بالقدس هم يهتدون، الى كل الذين يؤمنون بأن القدس هي بوصلة الصراع ومفتاح النصر نقول، إن شباب فلسطين ومعهم كل الشباب العربي المؤمن بفلسطين قضية حق ومصير، وإلى جانبهم كافة الأحرار من دول العالم المؤمنة بالعدالة والمساواة، يؤمنون بأن الحق سيعود لأصحابة وفلسطين ستتحرر لأنهم جميعا بالقدس هم يهتدون ويقتدون ومنتصرون.