بقلم : عبدالنبي العكري
من المستحيل في مقاله قصيره الاحاطه بمواقف المنظمات الدوليه لحقوق الانسان المعتمدة لدى الأمم المتحده تجاه الحرب الاسرائيليه على قطاع غزه , فهناك اكثر من 500 منظمه غير حكوميه معتمده لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحده ,العديد منها اما منظمات حقوقيه اوله علاقات بحقوق الانسان. ويورد دليل الأمم المتحده 25 منظمه دوليه لحقوق الانسان في مقدمه هذه المنظمات الفاعله في مجال حقوق الانسان على المستوى الدولي ولها دور فاعل في الأمم المتحده .وسوف يقتصر هذا المقال على اهم ثلاث منظمات مهتمه بالقضيه الفلسطينيه وحقوق الشعب الفلسطيني ضمن هذه المجموعه .وهنا يجب التوضيح ان بعض هذه المنظمات عباره عن اتحاد او رابطه لمنظمات حقوقيه وطنيه ومن ضمنها منظمات حقوقيه فلسطينيه مثل الفدراليه الدوليه لحقوق الانسان او انها منظمه دوليه ولها فروع في مختلف ابلدان ومنها فلسطين مثل منظمه العفو الدوليه .
اما الغالبيه قهي منظمات دوليه لكنها متمركزه في بلد معين ولها مكاتب في بعض البلدان مثل مراقبه حقوق الانسان (هيومن رايتس ووج).
تعتبر قضيه فلسطين من اقدم واهم قضايا الشعوب التي تناضل من اجل حق تقرير المصير منذ قرار التقسيم في 14-5 – 1948 او يوم النكبه , حيث أقيمت دوله "إسرائيل" على حساب الكيان الفلسطيني .لكن اهتمام الحركه الحقوقيه الدوليه, بحقوق الشعب الفلسطيني بدأ بالتبلور بعد هزيمه 5يونيو 1967 وبعد ان أضحت كل فلسطين تحت السيطره الاسرائيليه .ويعود ذلك لعده عوامل ومنها اهتمام هذه المنظمات بانتهاكات اسرائيل لحقوق الإنسان وللشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي خلافا لماتنص عليه الشرعه الدوليه لحقوق الشعوب الواقعه تحت الاحتلال .
وثانيها تبلور حركه ومنظمات حقوقيه فلسطينه حيويه اثبتت فعاليتها في ا المجال الدولي لحقوق الانسان بما في ذلك الأمم المتحده ونسجت علاقات جيده مع المنظمات الحقوقيه الدوليه .
لاشك ان القضيه الفلسطينيه وتبعاتها الحقوقيه محل اهتمام للمنظمات الحقوقيه العالميه ولكن هناك من تميز في هذا المجال .تميزت منظمه مراقبه حقوق الانسان .في فلسطين و أصدرت المنظمه تقريرا مهما حول برصد وتوثيق انتهاكات الانتهاكات الاسرائيليه لحقوق الانسان في فلسطين وخصوصا الأراضي الفلسطينه المحتله في27-4-2021 حيث وصفت فيه "إسرائيل" بانها نظام فصل عنصري في تعاملها مع الفلسطينين .
وللمنظمه مكتب في القدس , لكنه معطل بسبب ابعاد مديره العام بعد صدور التقرير. كما ان منظمه العفو الدوليه اصدرت تقريرا مهما أيضا في أواخر 2022 حول انتهاكات حقوق الانسان في الأراضي المحتله من قبل إسرائيل والاطراف المحليه حيث وصفت فيه إسرائيل بانها نظام فصل عنصري في تعاملها مع الفلسطينين . وللمنظمه مكتب في يافا .وهناك بالطبع بعض هذه المنظمات ممن يصدر تقارير ومواقف تجاه انتهاكات حقوق الفلسطينين من قبل سلظات الاحتلال كلا حسب اهتماماته .ويصف بعضها ذلك بانه يرقى الى الاباده الجماعيه وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه .ومن هذا المنطلق اقرت المحكمه الجنائيه الدوليه ان هذه الجرائم من اختصاصها , لكن الضغوط الدوليه تعطل مسارها.
الحرب الاسرائيليه على غزه.
فاجا هجوم قوات الشهيد عز الدين القسام ,الجناح العسكري لحماس بتاريخ 7-10-2023 , في عمليه اطلقت عليها طوفان الأقصى ,على المستعمرات المحيطه بقطاع غزه وماترتب عليه من مقتل مايزيد عن 1300 إسرائيلي وبعض الاجانب والاف الجرحى والمفقودين وما يزيد عن 200 اسير ,فاجأ العالم بالحدث ونوعيته ونتائجه غير المعهوده ومنها المنظمات الحقوقيه الدوليه.لقد جرت العاده ان "إسرائيل" هي من يبادر بالحرب او العدوان ويتحمل الطرف الفلسطيني او العربي افدح الخسائر ولا يترتب على إسرائيل شيء يذكر.
هذه المره واجهت المنظمات الحقوقيه وضعا صعبا اذ ان عليها ان تواجه الضحيه الفلسطينيه .من هنا فقد أصدرت منظمات دوليه ومنها العفو الدوليه ومراقبه حقوق الانسان والفدراليه الدوليه لحقوق الانسان بادانه حماس وطالبت بالافراج عن الرهائن وهو مطلب لازالت تصر عليه.
لكن الرد الإسرائيلي لم يتاخر ,اذ بعد بضعه ايام من استعاده القوات "الاسرائيليه" السيطره على المستعمرات المحيطه بقطاع غزه ,أعلنت إسرائيل الحرب الشامله على قطاع غزه والقمع الشامل في الضفه الغربيه في سابقه تاريخيه في اثارها التدميريه وحصارها الشامل وخسائرها البشريه.من الواضح ان إسرائيل تنتهك قواعد القانون الإنساني الدولي ويشمل ذلك اتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949المتعلقه بقواعد حقوق الانسان في حاله الحرب وخصوصا الاسرى والجرحى والمدنيين وممتلكاتهم والبنيه المدنيه , والبرتوكولات الاضافيه الملحقه بها لعام 1977.لقد فرضت إسرائيل الحصار الكامل على قطاع غزه (265 كلم 2 ) والذي ياوي اكثر من 2.2 مليون انسان والذي يوصف بانه اكبر سجن مفتوح في العالم حيث فرضت عليه الحصار منذ 2007 . وفي هذه الحرب قطعت عنه الماء والكهرباء والوقود والادويه والاغذيه في سابقه تاريخيه في الحروب .
كما انها بدات بعد استعاده سيطرتها على المستعمرات المحيطه بغزه بشن حرب تدميريه لقطاع غزه مستخدمه الطيران والبحريه والمدفعيه في تدمير المنشئات السكنيه والمدنيه والبنيه التحتيه بما في ذلك المستفشيات والخدمات الطبيه وتوليد الطاقه ومحطات المياه والصرف الصحي وغيرها, محدثه دمارا هائلا وخسائرواصابات بشريه بعشرات الالاف حيث الخسائر والضحايا في تصاعد مرعب ومتفاقمه باجراءات الحصارالشامل.اضافه الى ذلك استخدام إسرائيل للاسلحه المحرمه دوليا مثل قنابل الفسفورالأبيض . والتطور الخطير صدور اوامر الجيش الإسرائيلي لسكان شمال غزه بالنزوح الى جنوبها وتفريغ الموسسات الطبيه تمهيدا لاجتياح بري إسرائيلي . وبالطبع يتبين ان ذلك ضمن عمليه تهجير سكان غزه الى صحراء سيناء ,وهو ماتركز عليه جوله وزير الخارجيه الأميركي بلنكن. والخطه الاميركيه الاسرائيليه.
عارضت المنظمات الحقوقيه بقوه هذه الانتهاكات وطالبت السلطات الاسرائيليه بوقفها فورا كما طالبت حلفائها وخصوصا أمريكا ودول الاتحاد الأوربي والغرب عموما والأمم المتحده للتدخل لانصياع إسرائيل للقانون الدولي ووقف حربها الشامله ضد الشعب الفلسطيني.ودعت الى اغاثه الشعب الفلسطيني فورا وكذلك تنفيذ القرارات الدوليه بشان انهاء الاحتلال الإسرائيلي وحق تقرير المصير والاستقلال للشعب الفلسطيني واقامه دولته المستقله ذات السياده الكامله وعاصمتها القدس.
وبالنسبه لاهم الانتهاكات فقد كان موقف المنظمات كما يلي:
1-وقفت معظم المنظمات الحقوقيه الدوليه ضد اجرائات الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزه والذي يمثل اضافه للحرب عمليه عقاب جماعي للسكان المدنيين ويؤدي الى وفيات هائله والحرمان من مقومات الحياه والعجزعن علاج ضحايا الحرب وهو مايشكل جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه , ترقى الى الاباده الجماعيه .وفي ضؤ ذلك أصدرت العفو الدوليه والمراقبه والفدراليه بيانات حول ذلك .
2-حرب الدمار الشامل:شكل القصف الإسرائيلي الشامل لمدن وقرى ومخيمات قطاع غزه صدمه للمنظمات الحقوقيه الدوليه .اكثر من تعاطى مع الموضوع هي منظمه مراقبه حقوق الانسان حيث طرحت ملفات مطوله حول مايتعرض له الشعب الفلسطيني في غزه من انتهاكات وشمل ملفا حول القانون الإنساني ويشمل اتفاقيات جنيف الاربغه وبرتوكولاتها الملحقه وتطبيقها على حرب إسرائيل على غزه . وخلصت الى خرق إسرائيل لاهم قواعد الحرب وبمثابه جرائم حرب وجريمه ضد الانسانيه والاباده الجماعيه.وذكرت المنظمه انها ومنذ 2016 طالبت باحاله المسؤؤلين الاسرائيلين عن ذلك الى المحكمه الجنائيه الدوليه. كما حملت المنظمه المسؤلين عن اطلاق الصواريخ الفلسطينه والتسبب في قتل وجرح مدنيين مسؤؤليه خرق بعض بنود ماذكر.
بالنسبه لمنظمه العفو الدوليه , وامينها العام السيده انجس كالمار ,فقد تابعت عن قرب تطورات الحرب الاسرائيليه ضد الفلسطينيين في قطاع غزه والهجمات ضدهم في الضفه الغربيه .وموقفها تجاه ذلك اعتبارها جريمه حرب وجريمه ضد الانسانيه مما يوجب محاكمه المسؤؤلين الإسرائيليين دوليا.
اما الفدراليه الدوليه لحقوق الانسان ,حيث العديد من المنظمات الحقوقيه الفلسطينه و العربيه أعضاء فيها ,فقد استندت الى المنظمات الحقوقيه الفلسطينيه كمصدر أساسي للمعلومات ,واتفقت مع المنظمتين السابقتين في تشخيص جرائم الحرب الاسرائيليه والمطالبه بمحاكمه المسؤؤلين الإسرائيليين امام المحكمه الجنائيه الدوليه.
3-التهجير القسري:تناولت المنظمات الحقوقيه مخطط إسرائيل لتهجير 2.2 مليون من مواطني غزه من وطنهم وهي جريمه كبرى في هذا العصر وتعتبربحق نكبه فلسطينيه ثانيه .وبالفعل فان نصف سكان غزه اضحوا بدون مأوى والمزيد مع استمرار حرب الاباده الاسرائيليه . في يوم الأربعاء 11-10-2023 امر الجيش الاسرائيلئ سكان شمال القطاع بالتوجه الى جنوب القطاع باتجاه معبر رفح حيث المعبر الحدودي مع مصر , تمهيدا للاجتياح البري لقطاع غزه .وبالفعل فعلى مدى أيام قليله نزح مايقارب نصف مليون وسط القصف واضحى جنوب القطاع الذي تضاغف سكانه الى مليون في وضع كارثي في ظل الحرب والحصار الشامل .ومن الواضح ان ذلك يندرج ضمن مخطط تهجير مواطني غزه الى سيناء مصر عبر معبر رفح واقامه مدينه لجؤ لهم وهو مايرفضه ويقاومة مواطنوا غزه الفلسطينيين .
أجمعت المنظمات الحقوقيه الدوليه على رفض مخطط التهجيروتحويل المواطنين الفلسطينيين الى لاجئين باعتباره عقابا جماعيا وتطهيرا عرقيا وجريمه حرب وجريمه ضد الانسانيه .
4-عمدت القوات الاسرائيليه الى منع امدادات الادويه والمعدات الطبيه حيث أضحت المستشفيات والخدمات الطبيه في وضع كارثي .كما انها تستهدفت المستشفيات ذاتها والاطقم الطبيه من أطباء ومقدمي الخدمات الطبيه وسيارات الاسعاف واطقمها. وأخيرا توجيه الأوامر باخلاء مستشفيات شمالى القطاع تمهيدا لتدميرها .وقد ادانت المنظمات الحقوقية والطبيه هذه الإجراءات معتبره إياها من جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانيه .
هناك بالطبع انتهاكات كثيره للقوات الإسرائيليه في حربها ضد قطاع غزه والتي تشكل في مجموعها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه ترقى الى الاباده الجماعيه يتوجب معالجتها .