كتب – محمد الغسرة
اهم من يميز إنتاجية الجمعيات الحقوقية والصحافة المهنية ومؤسسات المجتمع المدني بشكل عام هي الاستقلالية، ليست المهمة مقتصرة على الاستقلالية عن المؤسسات الحكومية والرسمية فحسب بل حتى عن الجمعيات والتيارات السياسية والفئوية والأديان والمذاهب في المجتمع، لانه بغير ذلك سيكون هناك تحيزا لطرف ما على حساب طرف اخر قد لا يتفق معك في الدين او المذهب او الاتجاه السياسي.
من هذه المقدمة يتضح لنا ما حدث خلال الفترة الأخيرة من تجاذب حاد بين بعض التيارات او الاتجاهات ومؤسسات حقوقية تسعى الى العمل بحرفية وبمعايير دولية تختلف عن أي حسابات مذهبية او اختلافات في المذهب الواحد.
كذلك الحال بالنسبة الى الصحافة، نشر خبر ما لا يعني الاتفاق مع مصدره، او اتجاهه، الخبر مقدس ومن غير المعقول تجاهله تحت طائلة أي بند من بنود المقاطعة او الازدراء او الاختلاف معه.
كما انه ليس من الحكمة ان تخلق عداوات جددا لمجرد ان ختلفت معهم في موضوع معين او ملف واحد او موقف واحد، رغم اتفاقك معهم في العديد من الملفات الشائكة والمهمة.
أي ناشط سياسي او مؤسسة دينية كانت او غيره تعمل في الشأن العام تحتاج الى هؤلاء الحقوقيين والصحافيين الآن او غدا، هؤلاء ليست لهم اجندة خاصة بهم تخدم مصالحهم الشخصية، بل السعي الى تحسين الوضع الحالي وحمايته من أي تغول كان من أي جهة كانت، ويجب ترك مسافة بينكم وبينهم لكي تحدد الأولويات بعيدا عن العاطفة... وما ينطبق على هؤلاء ينبطق أيضا على الحكومة او الجهات الرسمية التي لا تألون جهدا للحصول على موالاة الحقوقيين والصحفيين، بل بعض المسؤولين يستلطفون الاطراء.
فرجاءا لا تتعذورا ب "حماية الدين او المذهب" او "الولاء للوطن"، او اتهام فلان وعلي بانه "قابض أموال"، او له غرض في نفس يعقوب.
وكما تقول الامثال الشعبية:
إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك فلا تأمن أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك.