بقلم: رضي الموسوي
يدرك المتابعون أن الرئيس الأمريكي جو بايدن مصاب بداء النسيان لدرجة لم يُفوِت دونالد ترامب، الرئيس الشعبوي السابق، فرصة التنذر، وقدم عرضا كاريكاتوريا في خطاب له بعد أن تاه بايدن الطريق الذي صعد فيه للمنصة ولم يعرف كيف ينزل منها. جاء بايدن من واشنطن إلى الكيان الصهيوني ليقف مع هيئة اركان العدو الصهيوني وبرئه من جرائمه ومنها الهجوم على المستشفى المعمداني مساء 17 أكتوبر والذي راح ضحيته في هجمة واحدة 500 شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء وأكثر من 300 جريح بعضهم جراحه حرجة. بايدن كذب أكثر مما يتنفس، وكان فاشيا أكثر من نتنياهو، وحمّل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الهجوم على المستشفى. جاء ليعزز دعم إدارته لجرائم العدو الصهيوني في غزة، بل إنه ذهب أكثر مما ذهبت إليه الصحافة الصهيونية. فقد أتى بايدن ليقول كلمة فصل كاذبة بعد الزيارات المتكررة لوزير خارجيته بلينكن واركان ادارته. هذا التدليس لم يأتِ من فراغ. فرئيس الإدارة الأمريكية سبق له وأن أعلن أنه صهيوني حتى النخاع منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى البيت الابيض. هو لا يرى سوى أن الكيان على حق مهما فعل من جرائم نازية. وهو يدرك تماما أن المقاومة الفلسطينية لا تملك الصواريخ المدمرة، فصواريخها بدائية لا تحدث كل هذا الدمار، وأكثر ما كانت تفعله في الكيان هو إحداث حرائق وقتل بضعة أشخاص وليس مئات وتدمير مستشفى بكامله بالإضافة إلى المباني المتصدعة بجواره.
ليس غريبا أن يُلفِق هذا الرئيس الأكاذيب ويردد كالببغاء ما يريده رئيس الوزراء الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو، فهو يبحث عن "كارت بلانتش" لدورة جديدة من رئاسته بعد عام للجولة الانتخابية التي ستنتظم في نوفمبر 2024. هذا التضليل ليس وليد اللحظة، بل استلّته الدوائر الأمريكية المعنية من درج الاكاذيب الكثيرة ومن الحرب على العراق عندما كذبت إدارة البيت الأبيض وادّعت بوجود أسلحة دمار شامل يمتلكها النظام العراقي السابق وتبيّن كذبها بعد حين.
بايدن صهيوني بامتياز، وقد ضمّ إلى إدارته أكثر الأمريكيين صهيونية حتى من أقطاب الصهاينة وعلى رأسهم وزير خارجيتة بلينكن، الذي تباكى على ما حصل في السابع من أكتوبر الجاري. يدعم الصهيونية المقيتة إعلام أمريكي وغربي مقيت. فقد أكدت حرب الإبادة على غزة أن هذا الإعلام مارس كذبا صلفا وسافرا، حين تبنّى قطع رؤوس أطفال المستوطنات ليتبين كذب ما ذهب إليه.
بايدن القادم مروجا السردية الصهيونية في العدوان، فشل في تمرير كذبته على القمة الرباعية بعد أن تم إلغاؤها بفضل الشارع العربي في فلسطين والأردن ومصر والعواصم العربية. لم يبلع أحدا هذه الكذبة ولم يجرؤ أكثر المروجين العرب للدعاية الصهيونية من الإعلان عن تبنّيها، فذهب بعضهم إلى مسألة التهجير المقيتة وتحويل الترانسفير من سيناء إلى النقب، والنتيجة فشل القمة وانسحاب رئيس السلطة الفلسطينية منها والعودة إلى رام الله رافضا قمةً تُدينه وتُدين من يتبنى الرواية الصهيونية-الأمريكية في مذبحة المستشفى المعمداني.
هدف بايدن إلى إنقاذ نتنياهو، لكنه فشل في ذلك، فقد تحرك الشارع العربي منذ اللحظة الأولى للمجزرة غير المسبوقة في المستشفى والمجازر اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال، وطالب بإلغاء التطبيع مع هذا العدو النازي الذي يتغذى على الدم الفلسطيني وعلى قتل أطفال فلسطين في محاولة منه لمحو هزيمته في مستوطنات غلاف غزة عندما عرّت المقاومة الفلسطينية بقدراتها البدائية، لكن بمبادئها السامية، أسطورة أقوى جيش في الشرق الاوسط.
الجماهير العربية، ورغم حجم القمع والغرق في البحث عن لقمة العيش لم تتردد من الوقوف إلى جانب أشقّائها الفلسطينيين الذين يتعرضون إلى حرب إبادة جماعية تنفذها عصابات نازية فاشية أسست لها كيانا اسمته "إسرائيل".
هذا التضامن مهم جدا، ويحتاج إلى مضاعفته في دول عربية مثل مصر والأردن وبقية الدول العربية وخصوصا تلك التي انزلقت إلى ما يسمى بالاتفاقات الإبراهيمية التي تسلّم مقدرات بلداننا وثرواتها وتضعها في قبضة الاحتلال الصهيوني.
تضامن ودعم تقوم به هذه الجماهير في البحرين أيضا، حيث لم تهدأ مناطقها من مظاهرات الدعم والتأييد لأشقائنا الفلسطينيين والمطالبة بإلغاء اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني والبيانات الصادرة عن مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية، ومنها مجالس محافظة المحرق التي أكدت انتماءها العروبي بكل ثقة وإباء من خلال بيانات مجالسها، رغم التعتيم الإعلامي الرسمي الذي تجاوزته وسائل التواصل الاجتماعي التي يحاك لها تشريعات تُلجمها وتقلل من دورها بعد أن فقدت الصحافة وووسائل الإعلام الرسمي بريقها .