نهار آخر .. ما الذي يمكن للبحرينيين فعله دعمًا للشعب الفلسطيني؟
بقلم: رضي الموسوي
في ندوة نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي مساء الثلثاء 7 نوفمبر الجاري، تحت عنوان "كيف ندعم صمود غزة ومقاومة الشعب الفلسطيني"، تحدث فيها الاستاذ حمد العثمان، قدمتُ مداخلة أنشرها بتصرف:
تحدث العثمان في عنوان الندوة وقدم معلومات وتحليلات عن الوضع الراهن واقتراحات لما يمكن أن يفعله البحرينيون لمناصرة غزة وفلسطين. وهي تحليلات مهمة تسهم في تحصين العقل ضد كي الوعي الذي يريدون منا أن ندخل في متاهاته، وفرض السردية الصهيونية ورواية الإعلام الغربي المنحاز وتسريبها إلى أدمغتنا.
إن العدوان على غزة هو مخططٌ لا يقتصر على قضم القطاع وإلحاقه بالكيان، وخطره لا يقتصر على ما هدد به وزير التراث الصهيوني بإلقاء القنبلة النووية على غزة، ما يكشف ويؤكد نازية الكيان وفاشيته، بل إن العدوان على غزة يتجاوز إلى ما هو أبعد من ذلك لإختراق العمق المصري تمهيدا لتفتيت البلاد، ليكتمل مثلث التدمير تجسيدا للمقولة الشهيرة لديفيد بن غوريون: "إن عظمة إسرائيل تكمن في انهيار ثلاث دول، مصر والعراق وسوريا". والجميع متابع لما حصل للبلدين، وقد جاء الدور، الآن، على مصر.
إن حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، وحرمان 2.3 مليون من أبسط متطلبات وأساسيات الحياة كالماء والكهرباء والاستشفاء والدواء، هو مقدمة لتفتيتِ أكبر دولة عربية وهي مصر، التي أُخرِجت من معادلة الصراع العربي الصهيوني بعد اتفاقية كامب ديفيد، وفُرِضَ عليها دور الوسيط بين المقاومة الفلسطينية والعدو، وتم وضعها في واقع اقتصادي صعب، أقدمت على إثره بالإستدانة من المؤسسات المالية الدولية، لتقع في فخ الدين الخارجي المشروط ببيع أصول الدولة وتنفيذ برامج اقتصادية أضعفت الاقتصاد الوطني وتعويم الجنيه المصري، ما أدى إلى تدهور سعر صرف العملة الوطنية وإفقار الشعب، فانزاح الملايين لما تحت خط الفقر..
هدف الكيان من العدوان على غزة، الآن، تنفيذ عملية الترانسفير الكبرى، متمثلة في تهجير أهل غزة إلى سيناء وأهل الضفة وأراضي الـ48 إلى الأردن، كوطن بديل، تنفيذا لقانون الدولة القومية العنصري الذي أقره الكنيست الصهيوني في يوليو 2018 وجسدته الحكومات الفاشية الصهيونية المتعاقبة على أرض الواقع بالمجازر والمذابح وحرب الابادة الجماعية التي نشهدها في الوقت الراهن.
إذن، كيف نتحصن ضد محاولات التثبيط والتحول إلى الفعل العملي؟
إذا كان شعارنا "فلسطين تجمعنا"، وهو شعار يتوجب الاقتناع به والدفاع عنه ويتطلب منا جميعا التفكير خارج الصندوق وفتح آفاق التعاون والتنسيق بين مكونات المجتمع البحريني لتحقيق اهدافنا في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف معه جنبا إلى جنب. معا نستطيع الفعل وخلق الفارق، ذلك أنه في الفعل الإعلامي والجماهيري، ثمة أهمية كبيرة للاعتصامات والمظاهرات والندوات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها. لكن هذا لا يكفي للوصول إلى الأهداف المرجوة.
إنطلاقا من ذلك، فأنه من المهم القيام بالتالي:
1-مضاعفة العمل من أجل السماح للبحرينيين بالتظاهر والسير في شوارع العاصمة وبقية المناطق دعما وتضامنا مع غزة وفلسطين، أسوة ببقية دول العالم مثل بوليفيا التي قطعت علاقاتها اليبلوماسية مع الكيان، وتشيلي وكولومبيا اللتان استدعتا سفيريها من تل أبيب احتجاجا على العدوان على غزة. وأعتقد أن جمعيات في المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع هي أفضل من يبادر بطلب تنظيم مسيرة سلمية.
2-زيادة الفعل الشعبي وتصعيده، لكي تنسجم الحكومة مع الموقف العام لشعب البحرين المساند للشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني والمطالب بوقفه فورا، وأن تتبنى الحكومة هذا الموقف وتعلن عنه بشكل رسمي، كما أنها مطالبة بالإعلان عن موقفٍ جلي لرفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر، والسماح بإدخال كل المواد الغذائية والمياه والوقود والأدوية وكل شروط الحياة الكريمة.
3-الاستمرار في مطالبة الحكومة بإغلاق السفارة الصهيونية في البحرين وإغلاق السفارة البحرينية في الكيان وإلغاء اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني والاتفاقيات المنبثقة عنها.
4-فتح باب التبرعات والدعم للمساهمة في إعادة إعمار ما هدمه الإحتلال في قطاع غزة، عبر إنشاء صندوق مالي تسهم فيه الدولة وتشرف عليه منظمات المجتمع المدني ويخضع للتدقيق المالي الداخلي والخارجي.
5- تشجيع المبادرات الشعبية لتوأمة الأسر البحرينية مع الأسر الفلسطينية المتضررة من العدوان، ودعم أبناء الشهداء وأسرهم، وذلك لزيادة الترابط بين الشعبين.
6-المطالبة بمحاكمات دولية لقادة الكيان الصهيوني في محكمة الجنايات الدولية بتهم حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم ضد الانسانية بحق الشعب الفلسطيني.
7-التشبيك مع منظمات مقاومة التطبيع ومقاطعة داعمي الكيان (بي.دي.إس) في مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم لتعزيز وتعظيم مقاومة التطبيع ومقاطعة البضائع الصهيونية وداعمي الكيان، والتجاوب مع دعوات المنظمات القومية كالمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والأمانة العامة للأحزاب العربية في دعواتها للدعم والتضامن مع شعب فلسطين.
8-تكثيف الحضور الإعلامي والجماهيري بمختلف الأشكال في وسائل الإعلام وخصوصا منصات التواصل الاجتماعي.
9-إلغاء إجراءات منع ارتداء الشال وحمل العلم الفلسطيني في مدرجات الملاعب، وهو الأمر الذي حصل في بعض المسابقات الرياضية.
أخيرا،
لابد من كلمة قصيرة وسريعة إلى النظام الرسمي العربي.. الذي يتكون من 22 دولة، عدد سكانها يصل إلى نحو 400 مليون نسمة. هذا النظام مقرر له أن يعقد قمته في 11 نوفمبر الجاري في العاصمة السعودية الرياض..أقول:
وأنتم تعقدون قمتكم وتلقون خطاباتكم وتجتمعون مع بعضكم مثنى وثلاثا ورباعا، هناك طفل يقتل كل عشر دقائق في غزة أو يدفن تحت الانقاض على أيدي الفاشيين الصهاينة المدعومين من الولايات المتحدة. اتعظوا من تجربة قممكم السابقة، وتذكروا أن الكيان الصهيوني لا يعتدّ بأي قرارات نظرية تتخذونها مالم تتحول إلى فعل يُجَسدُ على الأرض. ليس المطلوب منكم تزييت أسلحة جيوشكم وإرسالها إلى غزة، فهذا فعل يقوم به الأبطال فقط؛ المطلوب منكم هو في متناول أيديكم..وعلى سبيل المثال:
-إغلقوا سفارات الكيان في العواصم العربية، على غرار ما فعلت دول في أمريكا اللاتينية، والغوا اتفاقيات التطبيع مع العدو واطردوا الصهاينة من بلداننا.
وإن لم تفعلوا فسوف تتضاعف مسؤولياتكم عن الدم الفلسطيني الذي يُسفك كل دقيقة ويراق في غزة وكل فلسطين.
وتيقّنوا أن الورق الذي كُتِبت فيه خطاباتكم، لو وُضِع في التنور، فهو لا يصنع رغيف خبز واحد لطفل يتضور جوعا في غزة..
والسلام.